اقتباس:أعتقد، والله أعلم، بأن العرب لو لم يدخلوا مصر ويملكوها لكان غيرهم احتلها وملكها وطبع أهلها بطابعه حتى هذه الساعة. فلقد سبق العرب على حكم مصر الرومان واليونان لمدة ما يقارب الألف سنة؛ تحول أهلها فيها من الديانة المصرية القديمة إلى المسيحية. وبالمناسبة (كمان مرة)، لا نعرف لأهل "مصر" حضارة خاصة أصيلة طيلة هذه الألف سنة إلا ما لعبته "الإسكندرية" من دور ثقافي مهم. ولكن الإسهام الحضاري "الإسكندري" في هذه الفترة ليس مصرياً بقدر ما هو "يوناني" حتى في أيام سلطان روما وبيزنطة على الشرق (ولعل سيرة وفلسفة "أفلوطين" الإسكندري تجسد ما نتحدث عنه).

اليونانيين دخلوا مصر في القرن الرابع قبل الميلاد (فاتحين) وليسوا محتلين ، لانهم ببساطة دخلوها مقدرين دورها التاريخي والحضاري خاصة انها لعبت دورا هاما في تثقيف "اثينا"قبل عصر الفتوحات اليونانية ، وبعد ان اسس الاسكندر حاضرة "الاسكندرية" ارتحل شرقا ليكمل مسيرته وبعد وفاته قمست امبراطورتية على اتباعه وكانت مصر من نصيب البطالمة

البطالمة تجانسوا مع المصريين بل واعتبروا انفسهم مصريين (من الممكن ان تتخيل ان اليونان كانت مثل انجلترا طيلة ثلاثة قرون - قبل بزوغ فجر روما - ومصر كانت الولايات المتحدة ، الاسكندرية هي نيويورك حاملة الثقافة اليونانية الى العالم واثينا هي لندن المدينة التي تشاهد ابنتها ولا تستطيع منافستها ، رغم ان مصر ظلت تستخدم لغتها المصرية ولم يستطيع اليونانيين ان يغيروها بل هم من غيروا لغتهم وان استطاعوا ان يغيروا الابجدية فقط .

من ناحية تغير الدين الى المسيحية في ظل عصر روما ، فالمسيحية التي خرجت من رحم اليهودية المتخلفة استطاعت الشعوب المتحضرة في البحر المتوسط من انطاكية الى اثنيا الى الاسكندرية الى روما ان تصبغها بثقافتها فهي من اثرت في المسيحية ولم تاثر بها المسيحية - اليهودية وهي نقطة تحسب للمسيحية .