ظاهرة التمرد واردة في أي أوان ومكان، ودوافعها متعددة ومتشعبة، وهي تثير انتباه الآخر فوراً وتبعث فيه ردود فعل تختلف بحسب موقفه من الفكرة موضوع التمرد. لكن الأكثر أهمية في هذا الصدد هو فهم حقيقة أسباب هذه الظاهرة عند صاحبها في كل فكرة مستقلة، ومن ثم توظيف هذا التمرد إيجابياً على كل الأصعدة بما يعني عدم الحصول على نتيجة سلبية في أي حال من الأحوال.

فكرة الانتماء الإنساني فكرة نبيلة في جوهرها، لكنها حتماً ليست مجدية بتاتاً في أحوال المجتمعات المختلفة. موضوعنا هنا هو "الدولة"، والدولة في الواقع وليست في الخيال المثالي. قد تكون المبالغة لدى أفنداف بيغن ضرورية لرفع صوت التمرد ولفت الانتباه إلى أهميته وأهمية نتائجه، ولكن واقع الدول لا يبنى على خيال أفلاطوني. ومع تمييزنا بين مفهوميّ الأمة والدولة إلا أننا سنقر أخيراً بالارتباط بينهما بشكل من الأشكال، لا فارق كبيراً بين الدولة الأمريكية وبين الأمة الأميركية، وهي أمة/دولة تقوم على تجانس قسري بين منتمين إلى أمم أخرى، قسري بمعنى المصلحة المشتركة.

فلسطين/إسرائيل، هل هي أمة/دولة؟
سؤال سيقودنا إلى تشعبات كثيرة، أهمها ديموغرافي. فإذا عدنا لمثالنا السابق نجد أن المواطن الأمريكي حيادي ديموغرافياً في الغالب، ولاؤه لمواطنه سببه وهدفه الأمة/الدولة، فهل هذا متوفر بين أفنداف وأمثاله وبين وجيه وأمثاله؟

ضروري أن نقلب المسألة من هذه الأوجه قبل أن نعتنق أفكار أفنداف ونوافق عليها بالعشرة.