{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 2 صوت - 3 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
خطوة للأمام .. خطوتان للخلف .
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #1
خطوة للأمام .. خطوتان للخلف .
“Prejudice is the child of ignorance,” William Hazlitt
"التعصب هو ابن الجهل " وليام هوزليت


تمييـز جديـد ضـد المـرأة
بقلم: جابر عصفور
الأهرام المصرية- 22 فبراير 2001 .



عدت من دولة المغرب الشقيق فجر يوم الأربعاء الماضي لأجد كل من أعرف غاضبا علي قرار الجمعية العمومية لمجلس الدولة‏,‏ يوم الإثنين الماضي‏,‏ برفض تعيين المرأة قاضية‏,‏ وكان الغضب قرين الاستياء القائم علي أشده بين المنظمات الحقوقية المعنية بقضايا المرأة‏.
فضلا عن خريجات كليات الحقوق اللائي يمكن لهذا القرار أن يعيقهن عن التعيين في مجلس الدولة‏.‏ وكان من الطبيعي أن يصدر عدد من المنظمات الحقوقية بيانا يدين القرار ويصفه بمخالفة القانون والدستور‏,‏ وأن ينظم عدد من الخريجات والحقوقيين وقفة احتجاجية يوم الخميس الماضي‏,‏ أمام مجلس الدولة‏,‏ احتجاجا علي قرار الجمعية العمومية لمجلس الدولة‏,‏ ووصفت رئيسة المركز لحقوق المرأة القرار بأنه قرار كارثي‏,‏ فيما نقلته صحيفة الدستور‏,‏ وأكدت أن يوم القرار يوم أسود في تاريخ قضية المرأة في مصر‏,‏ وأعلنت أن القرار يخالف نص المادتين‏:40,2.‏ وكان مفتي الجمهورية قد أعلن من قبل أنه لا يوجد في الشريعة الإسلامية مايمنع تعيين المرأة قاضية‏,‏ وكان من الطبيعي أن تتحدث المستشارة تهاني الجبالي‏,‏ رافضة الأمر‏,‏ مذكرة الجميع بالقرار القديم الصادر من المجلس الأعلي للهيئات القضائية‏,‏ قبل تعيينها قاضية بالمحكمة الدستورية العليا‏,‏ وبعدها بثلاث سنوات تم تعيين اثنتين وأربعين قاضية بالقضاء العادي‏,‏ وهو أمر يترتب عليه أنه لا يجوز لأية هيئة من الهيئات القضائية أن تتراجع في مناقشة قرار اتفقت عليه جميع الهيئات القضائية فيما يخص تعيين المرأة في القضاء‏.‏ وكان إرهاق السفر الي المغرب والعودة منها قد حال بيني وحضور اجتماع طارئ للمجلس القومي للمرأة لمناقشة القرار‏,‏ وكم كنت أرغب في الذهاب‏,‏ ولكن إرهاق عدم النوم في رحلة استمرت طوال الليل‏,‏ قد نال مني وعاقني عن الذهاب الي الاجتماع الطارئ‏,‏ ومشاركة غيري من العضوات والأعضاء في الاحتجاج الواجب علي هذا القرار الذي هو تمييز قضائي غير عادل في حق المرأة‏,‏ وما كان ينبغي صدوره بالمخالفة لقرارات هيئات قضائية عليا‏,‏ وما أصبح واقعا فعلا من وجود قاضيات في القضاء العادي‏.‏
وللأسف‏,‏ كنت قادما من المغرب التي أصبحت فيها المرأة قاضية‏,‏ وهي قريبة من تونس التي سمحت بوجود المرأة قاضية‏,‏ ناهيك عن دول عربية أخري‏,‏ سبقناها الي التقدم والاستنارة وتحرير المرأة‏,‏ وسبقتنا في تعيين المرأة قاضية‏,‏ ويحدث هذا الذي حدث في الجمعية العمومية لمجلس الدولة الذي يقع في مصر‏,‏ بلد هدي شعراوي وسيزا نبراوي ونبوية موسي اللائي اشتركن باسم مصر في اجتماع النساء العالمي في روما‏,‏ معلنات تأسيس الاتحاد النسائي المصري سنة‏1923,‏ وكان هذا الاتحاد أول اتحاد للمرأة العربية‏,‏ وذلك بعد أن خلعت هذه المرأة النقاب في روما‏,‏ وأسفرت عن وجهها‏,‏ بعد أن فعلت ذلك في أولي مظاهرات المرأة المصرية سنة‏1919,‏ وكان ذلك بعد عشرين عاما من صدور كتاب قاسم أمين عن تحرير المرأة‏,‏ وبعد ثمانية عشر عاما من صدور كتابه الثاني عن المرأة الجديدة والحق أن المرأة الجديدة أثبتت حضورها مع صعود النهضة المصرية النسائية‏,‏ فأصبحت وزيرة في زمن عبدالناصر‏,‏ ثم في زمن السادات‏,‏ وزاد عدد الوزيرات في عهد مبارك‏,‏ فضلا عن آلاف الاستاذات الجامعيات‏,‏ والطبيبات‏,‏ والمديرات خصوصا بعد ان اصبحت المرأة عالمة ذرة‏,‏ ووصلت الي منصب رئيسة جامعة ونائبة رئيس جامعة وعميدة‏,‏ وأثبتت حضورها الناجح في كل مجال‏,‏ وكان هذا الحضور نعمة علي المجتمع‏,‏ وإسهاما حقيقيا في تطويره‏.‏
ولكن مصر قد ابتليت للأسف ببلاء جماعات التأسلم السياسي التي ساعدتها علي التأثير الضار في المجتمع عوامل عديدة‏,‏ داخلية وخارجية‏,‏ ولذلك تمكنت هذه الجامعات من اختراق المؤسسات التضامنية للمجتمع المدني‏,‏ وبعض مؤسسات الدولة‏,‏ صانعة نوعا خطرا من الردة عن مسار التقدم‏,‏ ولا تزال تعمل علي تدمير كل أوجه التقدم التي أنجزتها المسيرة الطويلة للمرأة‏,‏ والغرض الأساسي هو القضاء علي الدولة المدنية وبناء الدولة الدينية علي أنقاضها‏,‏ وقد عملت هذه الجماعات علي تديين المجتمع‏,‏ أي المبالغة في إقحام الدين في شئون الدنيا‏,‏ تجاهلا لما تعلمناه عن ديننا الحنيف من أننا أدري بشئون دنيانا‏,‏ وأنه من حقنا الاجتهاد في شئون حياتنا التي نعيشها‏,‏ وقد سبقتنا دول مسلمة في هذا الاجتهاد‏,‏ فأصبحت المرأة رئيسة دولة‏,‏ وقاضية‏,‏ بينما نحن الذين سبقنا في ميراثنا الي وجود حاكمة‏(‏ شجرة الدر‏)‏ أكملت دور زوجها في محاربة الغزو الصليبي وانتصرت عليه‏,‏ وقامت حفيداتها بمحاربة المحتل الانجليزي في مصر والفرنسي في الجزائر والمغرب‏,‏ وإذا بحالنا ينقلب منذ الحقبة الساداتية‏,‏ خصوصا بعد ان تحالف السادات مع الإخوان المسلمين‏,‏ وأطلق العنان لجماعات التأسلم السياسي لإضفاء نزعة التديين علي كل شيء‏,‏ وعندما أدرك فداحة الخطأ الذي ارتكبه في حق بلده رائد التقدم العربي‏,‏ كان الوقت قد فات‏,‏ وأردته رصاصات الذين تحالف معهم‏,‏ وتحولت هذه الرصاصات الي تيار أصولي‏,‏ لا يتردد في إرهاب المخالفين بالقتل‏,‏ كما حدث مع اغتيال فرج فودة وغيره‏,‏ ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ وأمثاله‏,‏ وأضف الي ذلك محاولة اغتيال العقل المصري كله وقمعه بدعاوي دينية متطرفة لا أصل لها من الدين‏.‏
وكان من الطبيعي أن تنال رصاصات القمع المعنوي من المرأة علي وجه الخصوص‏,‏ ويتم تحريم ما أحله الله لها‏,‏ كما لو كان هناك عداء فطري بين هذه الجماعات المتأسلمة والمرأة‏,‏ فسره البعض‏,‏ تطرفا‏,‏ بأنه نوع من الكبت الجنسي‏,‏ وهو تفسير لا أميل إليه‏,‏ ولكن اللافت أن المرأة علي وجه الخصوص تنهال عليها دعوات التحريم‏,‏ وتمارس ضدها أشكال التمييز‏,‏ فبعد المطالبة بالحجاب وشيوعه‏(‏ مع أن الايمان ما وقر في القلب ولا يختزل في قطعة ثوب‏)‏ جاءت الدعوة الي النقاب الذي انتشر بما يؤكد موقفا رمزيا‏,‏ لا يخلو من طابع أصولي سياسي وديني في آن‏,‏ ورغم تجريم وتحريم منع حقوق المرأة في الميراث‏,‏ فلا يزال هناك من يبارك سلب المرأة ميراثها في الصعيد‏,‏ ومن يصر علي الزعم بأن المرأة ناقصة عقل ودين‏,‏ وأن كل مافيها عورة‏,‏ وأن عملها حرام‏,‏ وأنها تأخذ حق العمل من الرجل‏,‏ وقد كنت‏,‏ ولا أزال‏,‏ أظن أن مجلس الدولة بعيد عن ذلك كله‏,‏ وأنه بمنأي من التطرف‏,‏ وأنه مع حق المرأة العادل‏,‏ ويرفض أي شكل من أشكال التمييز ضدها‏,‏ لكنه بهذا القرار الأخير من الجمعية العمومية‏,‏ أخلف ظن الكثيرين وحرم ما أباحه المفتي وكبار الدين‏,‏ وماجرت عليه دول إسلامية كثيرة‏,‏ وأخذ قرارا لابد من رفضه علي كل مستوي‏,‏ وبالكلمة وبالفعل‏,‏ فمنع المرأة حقها الدستوري في اعتلاء منصة مجلس الدولة قرار يرفضه كل مواطن يؤمن بالمعني الحقيقي الأصيل للمواطنة في الدولة المدنية لا الدولة الدينية التي يسعي اليها البعض‏,‏ ولابد من مواجهة هذا القرار دفاعا عن الدولة المدنية‏,‏ ودفاعا عن حق المرأة في المواطنة‏,‏ ودفاعا عن جوهر الإسلام السمح الذي تريد الأصولية الدينية تشويهه‏.
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 02-22-2010, 03:57 PM بواسطة بهجت.)
02-22-2010, 03:33 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
خطوة للأمام .. خطوتان للخلف . - بواسطة بهجت - 02-22-2010, 03:33 PM

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS