{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
"أطفال الندى" للكاتب الفلسطيني محمد الأسعد
بسمة غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 681
الانضمام: May 2003
مشاركة: #1
"أطفال الندى" للكاتب الفلسطيني محمد الأسعد
أطفال الندى، رواية للكاتب الفلسطيني "محمد الأسعد" صدرت بطبعتها الأولى عن دار رياض الريّس سنة 1990. تأتي الرواية في 118 صفحة من القطع الصغيرة. لست أدري إن كان ثمّـة إصدارات أخرى للرواية أم لا، فالنسخة التي بين يدي هي للطبعة الأولى.

لستُ متأكّدة من تصنيف الكتاب الذي وضعته دار النشر على غلاف الكتاب بـ (السلسلة الروائية) بل أكاد أجزم أنه (سيرة)، كان الدافع والمُحفِّز لكتابتها الإجحاف الذي يُسقطه التاريخ ويفرضه على الأشخاص وحيواتهم، فحين تعجّ كتب التاريخ بالأرقام والشواهد وتخلو من أسماء الأشخاص الذين عانوا وصنعوا التاريخ وصنعهم وقلب حياتَهم وعَيشَهم، يكون التاريخ مشوّهاً بل مجرماً يختصر نفسَه بأرقامٍ وأحداثٍ بلا أرواح. يقول محمد الأسعد في سيرته: (حين أقلّب المجلد الضخم أو أقرأ مذكرات الرجال المشهورين، أكتشف شيئاً عجيباً وهو أنهم يتحدثون عن أشياء كثيرة، ليس من بينها هؤلاء الناس الذين عرفتهم، والذين استطيع تخيّلهم محتشدين في هذه الأرض الصغيرة، وهل كان غيرهم هناك؟! الكثيرون سقطوا وضاعوا من التواريخ الرسمية)

وُلد محمد أسعد في قرية أم الزينات القريبة من حيفا سنة 1944، نزح مع عائلته مثل آلاف من الشعب الفلسطيني عن قريته سنة 1948، ليستقر بهم المقام في العراق. وبقيت فلسطين و"أم الزينات" حاضرة في ذاكرته بسبب مرويّات أمه عن "البلاد" وذكرياتها فيها، فكما يقول الروائي غالب هلسا عن "أطفال الندى": (رواية ذات فرادة في لغتنا العربية لأن موضوعها الذاكرة الفلسطينية فقط، تكشف محتوياتها وتقنياتها باعتبارها ما يميّز الفلسطيني ويحدد هويته، وهي تفعل ذلك على نحو مميّز)

فها هي أم الكاتب تخرج من قريتها "أم الزينات" ليعيش جسدها في البصرة ويبقى روحها هناك، تعيد بناء حياة قريتها بأهلها وناسها وأماكنها قصصاً وذكريات وأساطير لأبنائها. (تقول أمي أنه جدي. تندهش من ذاكرتي. وتحاول أن تذكِّرني بأسماء وأحداث أخرى، ولا أتذكر. وأترك لها أن تروي ما كان يحدث في ذلك الجزء من العالم الذي كنت فيه ولم أكن...)

وبهذه الطريقة تعرّف محمد الأسعد الصغير، الروائي والشاعر لاحقاً، إلى الشيخ حمزة الذي عاد من الأزهر قبل أن يتمّ تعليمه الذي كان قارئاً يحب الكتب وبنظر الكثير من أهل القرية ( طبيباً أيضاً وذا حسٍ جمالي)، كما يحبّ الناس نبوءاته ويسألونه عن الغد، ومن ثم يتشكّكون فيها: (ألا ترى أن وادي الملح صار غابة؟ لم تكونوا تصدّقون ما أقول. والآن أعلم أن العرب سينتصرون وسيضعون يدهم بيد الموسكوف، وعندها تدور الدائرة على اليهود)

الأم ذاتها وخلال خمسين سنة عرّفت "الأسعد" وأخوته وأخواته بالجندي العثماني الذي تزوّج من جنيّة كانت تحفر له الخنادق في الحرب العالمية الأولى، تحميه من الرصاص تذهب معه أي مكان يكون فيه، وحين حسم أمر الحرب وعاد إلى قريته، وجد الجنية وقد سبقته إليها وهدمتْ بيته على زوجته وأبنائه: (إنها تناديه ويهرع إليها، وكثيراً ما كان يهبّ من نومه على صوتها ويندفع خارجاً، واعتدنا أن نربطه إلى سريره بحبل حتى لا ينطلق وراءها) هذا ما كانت تردده امرأة، لهذا لا يتذكره الكاتب إلا: ( أتذكره متربّعاً على الأرض، وبين يديه علبة التّبغ يحدّق في البعيد بشواربه التركية الكثيفة وعينيه العسليتين الساهمتين، هكذا يحضر في الذاكرة من لا اسم له ولا أصل ولا بيت ولا صوت)

"أطفال الندى" سيرة الذاكرة الموروثة بكل امتياز، حتى ليعجب القارئ كيف يمكن أن تٌتاح لكاتب أن يكتب ذاكرة عاشها واقعاً بما يشبه الحلم بسبب صغر السن، وعاشها بكل تفاصيلها بلسان أمه ومن عرف حوله حياة "أم الزينات"، فوفاة أخيه الأكبر وهو يحاول التسلل عائداً إلى أم الزينات فتصيبه رصاصات الاحتلال وتعيده إلى أهله جثة مشقوقة الصدر، وما تلا الموت من تغيّرات في حياة العائلة:
(هم الذين لم ذكروا اسمك أمامهم إلا بعبارة "حياة المرحوم" فأدركوا أن ثمة فراغاً مقصودا في الكلمات والنظرات ومسرّات العائلة، فراغاً يترك دائماً لينبئ بأن الوجود لم يكتمل بعد، ولن يكتمل بعد اليوم إلا بعودتك) ... ( وها هي الأخت المولودة ذات صباح شتوي، تلك التي ستبدأ الهذيان حتى تبلغ السن الذي كنت فيه وتتصوّر كل كلمة حنان تُقال لها، كأنها تسمعها منك، فتراك حاضراً إلى جانبها في كل الوجوه، وهذا هو سميّك الذي اختاروا له اسمك لأيام قليلة، فإذا هو يبكي ويواصل البكاء، ولا يتوقف إلا حين أعطوه اسماً آخر)

حكايات متّصلة لا يملّها القارئ، وإنما يتأمّلها بأشياء من الحزن، فها هو الخال المسلّح الذي أصيب كتفه، وكان آخر من يغادر قريته، يُواجهه إنجليزي بحقيقة كان لا يريد تصديقها:
(يقول خالي: كنت أعرفه من زمن طويل.. مستر جلهار هذا، وبعد أن فرك عينيه واستيقظ تماماً دعاني إلى الدخول، فجلست وبندقيتي بين يدي. وسألني: ماذا جاء بك؟ قلت أريد أن أعرف ماذا أفعل الآن. احتل اليهود البلد. وها أنا أمامك حائر لا أعرف ماذا أفعل. ضحك الإنجليزي وقال: هل أنت مجنون.. تأتي إلى حيفا وقد احتلها اليهود؟
- قل ماذا أفعل؟
تحيّر الإنجليزي وقال لي بهدوء: اسمع (طالب) كل شيء انتهى. لقد باعتكم الدول الكبرى، هي اشياء لن تفهمها الآن، ولكن عليك أن تمضي"
ويضيف خالي: وخرجتُ إلى الظلام واتخذت طريقي إلى "الدالية")....


ولا ينسى محمد الأسعد ما سمعه أيضا عن الجيوش العربية التي دخلت من أجل استعادة الأراضي المسلوبة، فهو يروي ما سمعه : (الجيوش العربية لو كانت تملك أمرها لما وصل بنا الحال إلى ما وصل إليه. وتشهد أمي أن جنوداً وضباطاً من الجيش الأردني حين استنجد بهم سكان القرية، خلعوا ملابسهم العسكرية، وذهبوا للدعان عن هذه القرية. ويشهد "خليل" أن الجيش العراقي في جنين أذاق اليهود الويل، وأوقع قائده (عمر) الرعب في قلوبهم حين جاء بالأسرى، وأوهمهم أنه يعطعمهم من لحم بعضهم، فذهبوا يحدثون عن وحشية هذا الجيش، والقصد هو بث الذعر في قلوب اليهود.
وما كانت حكاية ذبح الأسرى وطبخهم إلا مسرحية أصبح بعدها اليهود يتمنون جنهم ولا مواجهة الجيش العراقي. ويشير عدد من الحضور بوطنية (عمر) الذي تحدى الأوامر الرسمية، والذي لو أُعطي الفرصة لما وجدت يهودياً في فلسطين.)




أشعر بأني أطلت في الحديث عن "أطفال الندى". أطلتُ عليكم ولم أوفي السيرة حقها، من ناحية الصياغة واللغة وجمال الحسّ وصدقه، ولكني لن أمنع نفسي بأن أضع مقاطع سحرتني أثناء القراءة، لمن يحبّ أن يكمل معي فتنتي بـ "أطفال الندى"...
لكم السعد والغد
02-22-2010, 09:58 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
"أطفال الندى" للكاتب الفلسطيني محمد الأسعد - بواسطة بسمة - 02-22-2010, 09:58 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  الزجال الفلسطيني الشعبي نوح إبراهيم أبو إبراهيم 3 1,573 10-19-2011, 07:32 PM
آخر رد: هاله
  " إتقابلنا " من وحى قصيدة " عاشق " قطقط 1 1,631 04-01-2009, 11:58 PM
آخر رد: قطقط
  تعرّف على الفرق بين استخدام "إذاً" ، و استخدام و"إذن" Awarfie 10 3,343 03-13-2009, 05:54 PM
آخر رد: Awarfie
  قصيدة "صفي الدين الحلي" Basic 2 1,762 11-10-2008, 11:19 PM
آخر رد: عادل نايف البعيني
  " قاع البئر " bzlol 3 1,359 10-20-2008, 09:09 PM
آخر رد: coco

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS