وليد جنبلاط الى دمشق

وليد جنبلاط بات قاب قوسين او ادنى من دمشق، فالرجل صاحب البوصلة السياسية التي قلما تخطئ ما كان ليتلو فعل الندامة ويحاول جاهدا الرجوع الى دمشق لولا نصائح عربية ودولية مدعومة من الاشتراكية الدولية مغطاة من قبل الادارتين الفرنسية والاميركية، كما ان الرئيس السوري بشار الأسد ما كان ليتجاوز خطايا جنبلاط بحقه الشخصي وبحق الشعب السوري لولا تدخلات تركية وايرانية ومن المملكة العربية السعودية التي تسعى لابقاء الحلف الجنبلاطي – الحريري بحالة من الحياة والاستمرارية. والواقع ان وليد جنبلاط عمد باستدارته باتجاه دمشق للحد من خسائره بعد تيقنه من نجاح المحور السوري الايراني في فرض اجندته على مستوى المنطقة.

منذ سنوات قليلة خلت عانت دمشق من عزلة حتى ظن البعض ان النظام السوري على شفير الانهيار، في حين نرى اليوم الوفود تتالى الى دمشق ابتداء من زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، مرورا بزيارة النائب وليد جنبلاط المتوقعة قريبا وصولا الى زيارة الحريري بعد ما يقرب الأسبوعين إلى عاصمة الامويين. فما الذي حصل، وما هي المستجدات التي قلبت المشهد رأسا على عقب حتى بات الكثير من الاكثريين يسارعون باتجاه دمشق، وليس آخرهم الرئيس امين الجميل الذي اوصل رسالة من خلال عدم مشاركته بمؤتمر 14 آذار في البريستول مؤداها استعداده لفتح ما انقطع مع دمشق.

تعيش دمشق اليوم عصرها الذهبي، فهي امعنت في توسيع مروحتها اللبنانية بما يلاءم مصالحها السياسية والاقتصادية، ودفعت باتجاه عزل خصومها من جماعة 14 آذار، وبالتالي فقد تعاظم الدور السوري على الرغم من الدور السعودي الذي يبقى محدود التأثير على الوضع الراهن. كما ساهمت في استفراد الحريري ودفعه الى اعطاء سوريا ما لم يكن يستطيع تقديمه من دون الغطاء الجنبلاطي. هذا في الحين الذي يبدو فيه لبنان في مهب ريح المعادلة الاقليمية والدولية، بحيث بات انعكاسا للعلاقات العربية – العربية من جهة والعربية – الدولية من جهة أخرى، وسط كباش حاد بين المحاور وأصحاب المصالح الاستراتيجية.