شكرا أخي يجعله عامر على هذا الردّ، وسيكون لي عليه لاحقا ردّ،
ولكنّني أودّ الآن أن أثير نقطة في خطاب اليوسفي، مع احترامي له فالرجل كتب وأضاف واجتهد، وهي المتّصلة باللغة ومناحيها في الصياغة ودوران الكلمات. أقتبس للتوضيح هذه الجمل من نصوصه:
- الزمن العربي نفسه ليس سوى جريمة لا تكف عن التفنن في نسج فصولها المروعة . حتى لا لحظة إنسانية فيه . لا التماعة من نور. ولا فسحة من بهاء
- يكفي أن نقرأ الكيفية التي أرغمت بها نصوص الصوفية ونصوص السرياليين الغربيين على أن تتماثل وتتشابه وسندرك أنها تحيا, في كتاب أدونيس, نوعا من الفقد وكثيرا من الحرقة, وكثيرا ما تتلفت في السر مشرئبة بأعناقها إلى مواطنها
- فالفتنة لا تدرك إلا بالحال لأنها انفعال يداخل الكيان . يستجد بالذهن ويربك الجسد والحواس . وفي حال الفتنة يتعايش الانجذاب والنفور, الانقياد للفاتن والعزوف عنه, المتعة والخوف, لأن الفاتن نفسه إنما يجمع إلى الألفة الغرابة, وإلى الأليف المتوحش والغريب والساحر
هذه الطريقة في الصياغة وتقديم الرأي على جمالها وحسنها وإعجاب البعض بها حدّ الافتتان أحيانا تكاد تكون مرفوضة تماما في الجامعة التونسيّة, لأنّ الذي يراد منه أن يبتكر صورة ويعبّر مجازا ويعدل بالأسلوب هو الشاعر لا القارئ، هو الأديب لا الناقد. فإذا حلّت الاستعارة بخطاب القراءة عوض أن تلازم خطاب الكتابة انفرط النظام. ليس المطلوب من القارئ / الناقد إلاّ أن يكون منهجيّا واضح العبارة دون مجاز (في الغالب طبعا وليس شرط الضرورة) كاشفا عن خطواته وأهدافه بما يشبه حديث الرياضيات. ولمن رأى في نفسه الكفاءة في تشقيق اللغة وترقيقها والذهاب بها أشواطا في المساءلة والمتاهة بحسب عباراته أن ييمّم شطر الشعر وقد يجد كلّ الترحاب. خطاب النقد هو خطاب العلم بكل بساطة حيث الكلمة لا تعني إلاّ معنى واحدا ومباشرا وأمّا خطاب الأدب فهو الحمّال للدلالات المتعدّدة غير المستقرّ على واحدة منها بالضرورة. فهل يكون لطفي اليوسفي، وأمثاله كثيرون في كثير من الأقطار، شاعرا ظلّ الطريق فمرّ بثنايا القراءة والنقد والفكر؟ وجهة نظر قابلة للنقاش بالتأكيد