يكفي لحزب الله شرفا ان شبانا ينتمون اليه منعوا الجيش الاسرائيلي من التوغل في الاراضي اللبنانية كما فعل عام 1982 و اظهروا عجزه عن احتلال قرى صغيرة يدافع عنها عشرات الفتيان الابطال رغم ان الجيش الاسرائيلي استخدم قوة نارية تفوق ما استخدمه في جميع حروبه السابقة مجتمعة!, بينما ان نفس ذلك الجيش سحق الوية و فيالق و كتائب تابع للانظمة العربية و احتل دولا و محافظات و اراض شاسعة في غضون ساعات مخلفا مئات الالاف من القتلى.....
عام 1982, وصل الجيش الاسرائيلي الى مشارف بيروت في أيام معدودة, موقعا 30 ألف قتيل لبناني...
عام 2006 لم يتمكن من دخول قرية صغير كبنت جبيل!,. و في سهل الخيام ضربت دباباته كأنها لعب كمبيوتر, و لما حاول الالتفاف في اخر ايام الحرب عبر اكبر انزال جوي عرفته اسرائيل في تاريخها في وادي الحجير, وجد ان الصف الدفاعي الخلفي لم يمس و اصطادوهم كالفئران بحيث لم يعرفوا كيف ينسحبون جوا و عبر نفس الجسر الجوي الذي جاؤوا منه...




أيام مجيدة تذوق (الجيش الذي لا يقهر) طعم الاذلال و الفشل (الاخفاق كما اطلق عليه رسميا في اسرائيل) على يد حفنة مدربة و مجهزة و مؤمنة بعدالة قضيتها... طوال تاريخ حروبها كانت اسرائيل تواجه بقوات نوعية صغيرة جحافل من مئات الالاف من الجنود المساكين, لاول مرة كان جيش الاحتلال يواجه بعشرات الالوف مئاتا من الافراد المجهزين و المدربين الذين يدافعون عن ارضهم و قراهم و بيوتهم و كرامتهم و شرف اوطانهم(عذرا فقد تكون تلك التعابير خشبية تثير الحساسية لدى اتباع امريكا المتحضرين)... و طوال تاريخ حروبها كان مقدار الخسائر للطرفين واحد مقابل رقم فلكي ما بينما في حرب تموز كانت الارقام متقاربة و اغلب الضحايا الاسرائيليين كانوا جنودا بينما اغلب الضحايا اللبنانيين كانوا مدنيين سقطوا باستهداف الابنية و المصانع و المدارس و الجسور على رؤوس المارين.... و قد نجوت انا شخصيا من تدمير جسر المعاملتين الذي ضرب الساعة السابعة صباحا على بعد اقل من دقيقة امامي حيث كان يغص بالسيارات المتوجهة الى اماكن عملها في بيروت....

طبعا اثناء ذلك كان مندوبو اعراب الاعتدال في لبنان يتناولون كؤوس العرق و المازة مع كوندوليزا رايس -و يطالبوها باطالة الامد كما صرنا نعرف اليوم- و كانت قواتهم تستقبل الجيش الاسرائيلي استقبالا حميميا في مرجعيون و تقدم لهم الشاي بالنعنع او بالكعك المحلى حسب الطلب ( يا هكذا تكون المقاومات الحضارية يا بلا )

طبعا لا ننسى يومها ايضا المواقف البطولية المشرفة لانظمة الاعتلال العربي و ابواقها... حيث كانت تطلع علينا تلك الابواق في كل يوم من ايام الحرب بأن الجيش الاسرائيلي سيصل قريبا الى نهر الليطاني.... هكذا طيلة 33 يوما, اذاعت هذا الخبر 31 مرة (اول يوم و اخر يوم لم تذعه للامانة التاريخية ) طبعا نعرف انه لم يتسن لجنوده حتى ان يقتربوا من هذا النهر...

و لما يأس الجيش الاسرائيلي من تحقيق اي هدف من اهداف الحرب و رغم توسلات الانظمة الاعرابية له بالاستمرار و رؤيته ان اي استمرار سينعكس سلبا على صورته الردعية فتخلى عن جميع اهدافه (حتى مطالبه بالجنديين الاسيرين استعادهما الاسرائيليين كالشاطرين مقابل الاسرى اللبنانيين و العرب (حتى جثامين المناضلين الفلسطينيين و العرب و الاجانب من سبعينيات القرن الماضي تم استعادتها, بينما لا يعرف النظام المصري و لا الاردني مثلا كم اسيرا لديه).... و ها هو حزب الله على الحدود تماما كما كان و بقوة اكبر و بغطاء رسمي و سياسي من الجيش اللبناني, اما اليونيفيل التي لا يجرؤ جنودها المساكين من ملالاتهم على النظر يمينا و يسارا خشية ان تقع اعينهم بالغلط على مخبأ اسلحة فيتعرضون لرشق الحجارة من صبية القرى و استدعاء الجيش اللبناني و الهرب




اما بخصوص مسألة احتلال العراق.... فنسيت في مداخلتي الاخيرة ان اتطرق اليها, مع ان غزو العراق هو احد اهم مآثر اعراب امريكا تضاف الى سجلاتهم.... حيث ان هذا الغزو انطلق من عندهم اساسا ... هم الذي فتحوا قواعدهم و مطاراتهم و اجوائهم و ارجلهم ليمر هذا الغزو, و هم الذين ارسلوا الدعم اللوجستي و السياسي (ارسل ملك المغرب -امير المؤمنين كما يدعو نفسه- قرودا و سعادين مدربة للكشف عن العبوات الناسفة!!!!!!) بينما ان الدول الوحيدة في المنطقة التي امتنعت عن تأييد هذا الغزو هي (ايران و سوريا و تركيا -و نعم أعرف تصريح أبطحي الخطير و قد ارسلته بالايميل لوزارة الخارجية الامريكية لاطلعها على الاكتشاف الخطير المتمثل في ان ايران حليفة سرية لامريكا و ان ابطال المنتديات العرب قد فضحوا امرهمها ) و ذلك لا يمنع ابدا ايران من استغلال حماقة بوش و حلفائه الاعراب لتقوية نفوذها.... العجيب ان لا تفعل ذلك..... و عموما حيث ان ايران هي حليفة امريكا كما تقول, و امريكا هي حليفتكم, فيجب عندها ان ترحبوا بالسلوك الايراني في العراق لا ان تنتقدوه, و هذا السلوك - بمطلق الاحوال- لا يختلف عن سلوك اي مشيخة عربية اخرى.....

و بالمناسبة فقد كان اعراب امريكا على وشك تكرار الحماقة نفسها مع سوريا اثر ثورة القرنبيط التي رقصوا لها (كما رقص الملك عبدالله بمؤخرته السمينة لبوش محتل العراق-ياللعار) و ربك الحميد لم ينجح الامر , و الا لكان اعراب امريكا يتباكون الان على سوريا و تفككها و تفجر الاوضاع فيها و تمدد النفوذ الايراني اليها تماما كالعراق....