الأخ الكريم إبراهيم .
قصتي مع اللغات قديمة و أليمة !، تعلمت الروسية و مارستها لمدة عامين طوال إقامتي في موسكو ، و بالتالي كنت أجيدها أفضل من أي لغة أجنبية و لكن كأداة للحديث و قراءة الصحف و المواد الدراسية ، و ليس للقراءة الجادة ، و عندما عدت إلى مصر حاولت استعادة كفائتي في اللغة الفرنسية التي كنت أستخدمها كأداة للتخاطب بل و حتى لإلقاء المحاضرات في الجزائر ، فالدولة كانت حديثة الإستقلال و حملة التعريب كانت متعثرة في بدايتها ، و لكني اكتشفت أني لست موهوبا في اللغات ، فاللغة الفرنسية غاصت في مكان ما في عقلي و طمرتها اللغة الروسية ، كما طمرت الألمانية ( الطلابية ) و العبرية ( بالفهلوة إياها ) فاستعوضت الله حزينا ، حامدا الأقدار على العودة السالمة بالإنجليزية التي ظلت مقدرة لجهدي و إخلاصي ! ، أما اللغة الروسية فقد تآكلت بدورها مع كر السنين و عدم الإستخدام ،و لكني و لدهشتي أثناء تواجدي في الجناح الروسي في معرض الكتاب هذا العام ، استغرقت في حديث طويل مع سيدة روسية و باللغة الروسية لا سواها ، و هذا جعلني أدرك أن اللغات قد تبعث من جديد لو كانت الوسيلة الوحيدة للحوار مع الشقروات الجميلات ، كذلك تيقنت أن الروسيات لم يعدن ساذجات كالماضي ، و أن الشعر الأبيض ليس جذابا كما كنت أعتقد أحيانا .
......................
يا إبراهيم أنت تأسر زملائك بكرم استثنائي بل (تصدمهم) بتلك الأخلاق النبيلة التي لم نعد نعتادها ، أن تفرح بمشاركة لبهجت ، تعبير أقدره و يشعرني باني غليظ الشعور .
(إذا الإنسان فاقد الأمل فصعب أنه يتحمس لتعلم لغات) هذا التعبير العارض نزل ثقيلآ على قلبي ، رغم أنك أردفت أن الوضع تغير ، فلا شيء يوجع الإنسان كما يوجعه ألم الأصدقاء ، أعلم أن الحياة قد تكون بخيلة مع الكرماء ، و لكننا نأمل دائما في الإستثناء ، لقد مررت في حياتك بتجربة طويلة و مريرة حتى أني أكاد لا أتصورها ، و أعتقد أنك تستحق الأفضل و آمل أن تحصل عليه .
............................
اعتدت دائما أن أنصح الشباب بأن الإختلاف لا الإتفاق هو الذي يصنع المعرفة ،و أن أفضل الأصدقاء هو من تستطيع أن تختلف معه بينما تبقى الصداقة ، و كثيرا ما أضرب مثلآ بحوارات عديدة لنا ، من يتابعها لا يصدق مقدار الود و التقدير الذي أحمله لمن أتحاور معه ، من هؤلاء القلة الذين يتألقون في الاختلاف الأخ إبراهيم ،و هي صفة نادرة أتمنى أن تحافظ عليها .
..............................
صدفة تكررت أكثر من مرة أن أجد مداخلة لك ، بينما تكون موضوعا لحوار مع أصدقاء او داخل الأسرة ، هذه المرة كانت تعليقا على مداخلة لك في موضوع كان مطروحا في النادي ، التعليق هو .
( الكتابة الساخرة يسمونها satire
وما قمت أنت بعمله في هذا الموضوع ليس كتابة ساخرة وإنما اسمه بالانلكيزي mocking a fellow human being أي الإستهزاء بإنسان مثلك مثله.
الكتابة الساخرة عمل أدبي.... والاستهزاء عمل يراد به إنزال كرامة الناس وإهانتهم.
إنْ لم تكن تعرف هذا الكلام by now فأخشى يا صاحبي أن ....... قد أصبح مكان مرتعًا لروضة الأطفال. الأطفال هم من يقومون بالاستهزاء بزميل لهم في الفصل وتقليده وتلعيب حواجبهم له making faces وأما الكبار فهم راشدون ويعرفون جيدًا أن هناك مسافة بينهم وبين "الآخر". إهدار هاته المسافة هو انتهاك لآدميتهم.
You cannot violate this distance.
اقتضى التنويه. ) انتهى .
لقد طرحت التعليق معزولآ عن سياقه مع حذف عبارة نادي الفكر ، سائلآ عن حدود الكتابة الساخرة و قواعدها و ... ، أكثر من ذلك لقد بحثت تعريف المصطلحات في المعاجم المتاحة على الشبكة ، و قد استغرقني هذا البحث ، لن يكون هذا الموضوع حديثي هنا لأني أفكر ان اكتب مداخلة اطول في شريطي ( الحوار الرديء ) ،و الذي ساهمت أنت فيه سابقا .
...............................
يبدوا أني أثرثر الليلة طويلآ ..
سيكون هذا سرنا الدفين ..
ربما تعلم يا صديقي أن موضوع اللأوهية deism ليس موضوعي المفضل ، لم أهتم به أبدا سواء على المستوى الخاص أو الفكري ، ربما يعود ذلك لتكوين جيني رغم أن عائلتي من كبار رجال الدين !، أو بسبب مراهقتي بعيدا عن نفوذ الأب و سيطرته ، أما على المستوى الفكري فكانت لي بعض الأفكار الأولية raw ideas التي تأثرت فيها بالعلوم التي درستها في المرحلة الثانوية ، و هي ما عرفت لاحقا أنها تكاد تتطابق مع لا أدرية أو (الإستحالة العملية) لكانط ، و عندما تعرفت بعد ذلك على المدرسة التجريبية على يد زكي نجيب محمود ، تأثرت أيضا بفكرة الإستحالة المنطقية لهيوم ، و بالتالي أغلقت على موضوع الألوهية ( بالضبة و المفتاح ) و ربما تعجب لو قلت لك أن الأمر كله انتهى في بداية حياتي الجامعية إلى اليوم ، حتى أخبرني صديق لي أنه يعتقد أني أكرر أفكار ريتشارد داوكنز الذي لم أكن قرات له كلمة واحدة ، ولا أعرفه سوى اسما ! ، و بدلآ من المحاولة الساذجة لإنكار ذلك و (أنني عبقري بالسليقة) ! ، قمت بقراءة 3 كتب لداوكنز على رأسها كتاب ( وهم الإله ) باللغة العربية تنزيلا من الشبكة ، فلم أفهم شيئا لأن الترجمة عسيرة و غير محترفة ، و نجحت لاحقا في الحصول على نسخة من الكتاب بالإنجليزية فوجدته رائعا ،كما وجدت محاضرات داوكنز ربما حتى أكثر جاذبية ،و هكذا ظهر هذا الشريط كنتاج تفاعلي مع أفكار داوكنز . كي أدفع نفسي للمضي قدما في هذه القضية ، رأيت أن أكتب دراسة موجزة عن تاريخ الإله ، الإله بالنسبة لي هو فكرة ،و كأي فكرة لها وجودها الذاتي ، و كأي وجود فهناك تاريخ .
لدي إطار أو هيكل لدراسة صغيرة ، و أيضا بعض الأفكار ، و حتى أكثر من مقترب ، و لكني أفضل المقترب السيكولوجي الجماعي ، و ليس البيولوجي كما فعل داوكنز ، يبقى أن جهدا بهذا التركيز ، ربما لا يكون مناسبا للعواصف المفتعلة التي تصخب في النادي الان ، و لكني في كل الأحوال سأمضي ،و سيكون رائعا لو شاركتنا بعض هذا الجهد ، خاصة بما لك من معرفة واسعة بصميم القضية ، طبعا لا ألزمك بأي مواقف مسبقة ، و ثق أنه سيسعدني أن تدمر الفكرة تدميرا ، و سأدافع عن أفكاري بقوة و عناد ،و لكن في النهاية سأكون ممتنا لك و مقدرا جهدك ، فلا فائدة في أفكار و مبادئ لا نطبقها .
أشكرك و كل تمنياتي لك و عائلتك . .حفظتكم الأقدار من كل مكروه .