أخي الأصيل وأستاذنا كلنا بهجت:

كيف حالك؟ تمتعت بقراءة رحلتك مع اللغات وما أتمناه هو إحياء هذه اللغات ولو بالمطالعة العابرة من وقت إلى آخر. كما تكون قد لاحظت فاللغات حاضرة داخلك وتأتي "غبرة" هنا وغبرة هناك لطمرها وقتيًا ولكنها بداخلك وجزء من عقلك الباطن بدون شك. تحدثت مع زوجتي في هذا الأمر وتكلمنا في موضوع الـ neurons في خلايا المخ وهو أن مخك مثلا يعمل نيورونز عشان استقبال مواد هذه اللغة وتفضل اللغة في المخ بصرف النظر. مثلاً أنا حفظت كلمات فرنساوي وربطتها بسياقات معينة وألاقيها ترجع لي من جديد. تعلمت الخط العبري بالنوعين الاتنين وما طارش. كل ما في الأمر أروح مراجع عليهم شوية ويفضل في دماغي. نفس الشيء مع الخط الأرامي بخطوطه المعروفة الاسطرنجيلي والكلداني والغربي.. لزقت في المخ حتى لو سبتهم فترة. ولكن رجاء.. اللغة الروسية سلاح وعالم الغوص فيه خسارة يضيع.

----------------------------

فرحي بمشاركتك لا يعني بالمرة لا سمح الله أنك غليظ الشعور فمعك شعرت أني أتحدث مع أب وأخ وصديق وواحد بلدياتي. لاحظت مؤخرًا من مشاركة لـ "عاشق الكلمة" زميلنا أنك من الدقهلية أصلاً. أنا كمان من مواليد المحافظة دي. من قرية عملوها دلوقتي مركز وهي جذوري هناك رغم الترحال خارج الدقهلية. هناك لا نقول "أيوة" ولكن "إيوة" ههههههههههه وكل ألف مفتوحة تكون مكسورة فـ "أسكت" تبقى "إسكِت" هههههه.

عشت في القاهرة فترة حوالي سنتين بهدف تلقيط الرزق والبعد عن "المتعبين" وياما حاولت أقرا ولكن ما عرفتش. ما كانش فيه مزاج... ساعات كنت أسأل السؤال الغبي إياه واللي ما أقدرش أسأله دلوقتي: "احنا بنقرا ليه؟ وإيه اللي هاناخده من القراية؟". إذا الإنسان فاقد الأمل فصعب أنه يقتنع بأن أي شيء له أي قيمة في الحياة. وإذا نجحت أن تعطي إنسان ما الأمل والثقة في نفسه فأنت تعيد خلقه وبهذا تكون "شريكًا" بالفعل لخالقه.

------------------------------

من حيث موضوع "الكتابة الساخرة" فصراحة يا أخ بهجت وأنت طبعًا عاشرت ناس من كل شكل ولون... ولكن شعبنا المصري اخترع فن من فنون الكلام وسموه "الغلاسة"... حاول تترجمها لأي لغة... مش هتلاقي كلمة مناسبة وأقربها هو عبارة obnoxious أي إنسان مزعج كريه مقرف والبعد عنه غنيمة. نستخدم هذه الـ "غلاسة" ونسميها "كتابة ساخرة" وصحيح اللي ما يعرفش يقول عدس. الكتابة الساخرة هي satire وهذا موجود في فن شكسبير والأداب العالمية. يقرأها القاريء فتبلغ منه أثر "التهذيب" وتعمل على "تهذيب نفسه". فين بقة الكلام ده كله من من يدعي أنها "كتابة ساخرة"؟

-------------------------

دوكنز ما جابش حاجة من عنده. أفكاره موجودة منذ الأزل عند قديم الفلاسفة. الموضوع ده مدرستين: مدرسة تقر الألوهة ومدرسة أخرى لا تقرها وانتهينا. لا الموضوع ده فيه إثبات أو برهان. تقول إنك عجبتك المدرسة التجريبية لزكي نجيب محمود. صح؟ كتابه "موقف من الميتافيزيقا" ممتع بشكل لا مثيل له. كتبه في الأربعينات بعبارة "خرافة الميتافيزيقا". سمعت من زميلنا "آمون" أن زكي نجيب محمود كان يقول إن إيمانه أغلى شيء عنده. ولما قريت كتاب موقف الفلسفة لقيت فيه مسحة إيمانية وعبارات زي "وتشاء الأقدار". اشتكيت لـ "آمون" وقال لي إنه زكي نجيب محمود كان "مؤمن". لا أعتقد هذا إيمان تقية أو خوف... وربما هو كذلك ومن يدري؟ فالناس في بلادنا لا تترك أحدًا وشأنه. يا ترى مين فيهم زكي نجيب محمود: بتاع خرافة الميتافيزيقا ولا بتاع "وتشاء الأقدار"؟

تقول: "لدي إطار أو هيكل لدراسة صغيرة ، و أيضا بعض الأفكار ، و حتى أكثر من مقترب ، و لكني أفضل المقترب السيكولوجي الجماعي"

سؤالي: فين هي؟ هل هي هذا الموضوع أم أنك بصدد كتابتها؟ وما المانع أن تنشر هذا في موقع مثل الأوان كذلك وموقع الحوار المتمدن؟ زيادة الخير خيرين؛ مش كدة؟

في انتظار أي كتابة لك ولي كل الشرف أن أكون جزء صغير من المشاركين فيها ونتعلم منك. وبدون شك فالأفكار أخذ وعطاء ومش هانكون كلنا واحد وحلاوة المناقشة أن الواحد بيكتشف نفسه من جديد عقب كل حوار. لولا الاختلافات لما كان هناك خلق ولما كان هناك ابداع فاختلف براحتك معي وخلينا على أريحيتنا وربنا يديك الصحة وطولة العمر وأتمنى لك عطلة نهاية أسبوع سعيدة.

صديقك؛

إبراهيم