الزميل المحترم أبو نواس
أنت تضع النتيجة التي تريد الوصول إليها سلفاً ثم تبحث عما يدعمها.
فمنطقياً:
إذا كان أ + ب = ج
و كان د + ب = ج
فإن أ = د حتماً.
ولكن لماذا نتغافل عن مقدمات أخرى تؤدي للنتيجة ذاتها، ونعتمد ما نريده فقط؟
أي، ماذا لوكان لدينا أيضاً:
س + ب = ج
و
ع + ب = ج
فالنتيجة أيضاً أن أ = د = س = ع، فلماذا نعتمد د، ونتعامى عن س و ع؟

لعبة خدمة حزب الله لإسرائيل مغالطة منطقية قديمة، والنتيجة التي افترضتها يا سيدي تتعادل مع كثير من النتائج الأخرى بعد مقدمات مشابهة، وهذا يكفي للرد على نظريتك. إنما يتبقى الجزء الأكثر أهمية المستنتج من ردك وهو: لماذا؟
لماذا تفعل ذلك؟
لماذا هذه لها أجوبة متعددة، لكنني سأستبعد بعضها:
فأولاً، سأستبعد التبعية لأنه لا شك عندي باستقلالية رأيك.
وثانياً، سأستبعد الطائفية والإقليمية فلا شك عندي بوطنيتك.
بهذا لم يبق لدي سوى أسبابك الشخصية، وكي لا تفسر كلامي بمعان أخرى سأقول أنها أسباب ثقافية مبدئياً. فثقافتك لا تسمح لك أن تؤمن -أو تصدق على الأقل- أن جهة تعتمد فكراً دينياً مثل "حزب الله" سيكون لديها دوافعها ومنطلقاتها الوطنية. فحزب الله بالنسبة لك جماعة شيعية، هذه المقدمة تؤدي عندك لنتيجة ولائها الكامل لإيران حتى ولو كان ذلك يخدم مصلحة إسرائيل. بينما بالمقابل، إذا وجد احتمال الدوافع والمنطلقات الوطنية لدى حزب الله فإن الاحتمال الذي تفترضه هو مجرد رأيك الخاص النابع من ثقافتك المعادية للتيارات الدينية بينما أنت تتعامل مع هذا الرأي على أنه حقيقة ثابتة إذا لم يصدقها الجميع فكلهم على خطأ.

من هنا، يكون عنوان موضوع زميلنا أسامة ومادة الموضوع أيضاً معبرة أصدق تعبير عما نعرفه من أن حزب الله ذو أساس ديني بكل تأكيد، لكنه يجعل الغلبة للدوافع الوطنية. أما إذا اعتمدنا مقدماتك ونتائجها فالشيوعيون تابعون لموسكو، والموارنة لروما أو باريس، والسنة للرياض وهلم جراً وبذلك فإن دولة بكاملها ليس لدى مواطنيها أي حس بالوطنية. فلماذا إذن هذا التمسك بالهجوم على حزب الله فقط؟
وبالتأكيد، كلامي هذا موجه أيضاً للزميل أبو خليل، فليس كل من يشكك بدوافع وأهداف حزب الله لا وطنية لديه.
عدنا لمشكلة الثقافة.

عزيزي
أعتقد أن حواراتنا هنا تصل إلى الخلاف نتيجة لاختلاف موارد ثقافتنا، وأنا أؤمن تماماً أنه بالرغم من اختلافي الثقافي معك فأنت لا تخالفني الرأي إلا لما تراه في صالح ما تؤمن به أو تسعى إليه. وبقليل من ال "صفن" سنجد أن النتيجة التي تريدها أنت أريدها أنا أيضاً، فلا أنا ولا أنت نرضى أن يتحول لبنان إلى دولة دينية أومجرد تابع لإيران، ولكن هلا حكمنا على ذلك بروية؟ وأقصد ملاحظة المقدمات ثم توقع أكثر نتيجة إلى أن يتم إثبات واحدة منها. وحتى الآن لم يثبت من أي طرح هنا أن هدف حزب الله هو تحويل لبنان لما تعتقده، وما نراه منه هو نضالاً وطنياً في هذه المرحلة. أما إذا تبين مستقبلاًُ تحويل جهة هذا النضال فلكل حادث حديث، وسأحوّل جهة نظرتي لهذا الحزب. لست أنا فقط بل كل من يؤمن حالياً بوطنية هذا الحزب. وهذا موضوع غير قابل للشك لأننا بالفعل لسنا دعاة دين ولا طائفية لكننا في الوقت ذاته نرى أن التشكيك بوطنية أي جهة هو ما يخدم إسرائيل وليس ما تفضلت به.

مع وافر الاحترام لشخصك، والتقدير للطفك البالغ في استجابتك لرغبة صاحب الموضوع.