وثنية الوعد الخرافي.
( سأعطي نسلك هذه الأرض من وادي العريش إلى النهر الكبير ، نهر الفرات ) . سفر التكوين الإصحاح 15- الآية 18 .
هذا هو النص الذي تستند عليه الأسطورة العبرية على وجود وعد إلهي لليهود بأرض تصبح ملك لهم ، دون باقي البشر ، و أوضح فهم إسرائيلي لهذا الوعد هو قول موشيه ديان ( الملحد ) ، في صحيفة جيروزلم بوست في 10/8/67 . ( إذا كنا نملك التوراة ، و نعتبر أنفسنا شعب التوارة ، فمن الواجب علينا ان نمتلك جميع الأرض المنصوص عليها في التوراة ) .و من الواضح ، أن هذا الوعد لن يكون ملزما سوي بالشروط الآتية : تنزيه المصدر – تنزيه الوسيلة – التأكد من النص – الإيمان بنفس الرب – التأكد من التوقيت – التأكد أن هذا الوعد حصري في اليهود – التأكد انه أزلي و ليس موقوت .فها كل ذلك صحيح ؟ . الإجابة المبدئية أن كل ذلك غير صحيح و مجرد دجل و ثني و أسطوري ممعن في السخافة ، وأشبه بقصص كليلة و دمنة ..
1- مرجعية المصدر . التوراة مجرد مجموعة من الخرافات و الحكايات و الأشعار ، التي نقلت عبر تراث شفهي ، و الصورة التاريخية التي تعرضها التوراة هي صورة وهمية لم تأكدها أي مصادر مستقلة ، بل على العكس تناقض كل الحقائق التاريخية . و أول حرف خط في التوراة كانت في عهد الملك العبري سليمان ، و ليس قبل ذلك ..كما خلصت البحوث التاريخية الموثقة ، و التي أجراها مسيحيون و يهود ، أن الروايات التقليدية عن الخروج من مصر ، و غزو كنعان ، و الوحدة القومية لليهود قبل النفي ، هي مجرد قصص خيالية . ومن يبحث في التوراة وبالتحديد في سفر التكوين الذي حوى معظم وعود الرب المزعومة لبني إسرائيل يجد بما لا يدع مجالا للشك، أن الدين اليهودي كما جاء في سفر التكوين من التوراة هو كذبة كبرى وأن الوعد الإلهي لليهود بوطن في فلسطين كذب وبهتان باطل وليس إلا مكيدة سياسية. وإن الرسل اليهود-كما جاء في التوراة- ليسوا ألا ملوكا طغاة فاسدين مستبدين.
2- مصداقية الوعد .الوعد بأرض الميعاد هو وعد تلقاه جميع شعوب منطقة الشرق الأوسط ، من بلاد النهرين إلى مصر و الحيثيين . و جميع الآلهة المعاصرة ليهوه إله العبرانيين وهبوا شعوبهم أرضا ما .. هكذا فعل مردوخ إله البابليين ،و فعلت ربة الشمس أرينا للحيثيين ، أما إله تحتمس فكان أكثر كرما ، ومنحه كل الأراضي الغربية .!.و هكذا أصبح من الشاذ أن ينفرد يهوه بالبخل ، ولا يهب شعبه الرعوي البائس شيئا !!.
3- مضمون الوعد . وعد الأرض للبدو الرحل لا يعني التملك و لكن الإستقرار .. فالبدوي لا يملك أرضا ، و مفهوم الحضارة المرتبطة بالأرض خارج تصوره .و حاول اليهود إكساب هذا الوعد الموغل في القدم بعدا جديدا لإضفاء القداسة على مملكة داوود و إبنه سليمان . و سعى الكهنة إلى تفسير الوعد البدوي بالإستقرار إلى و عد ( قومي ) بدولة !!.
4- مصدر الوعد . من الغريب أن الوعد الأبوي الذي يحدثنا عنه سفر التكوين لم يصدره يهوه الإله العبري القديم ، بل قطعه الإله الكنعاني إيل ، لأنه الإله المحلي الذي يملك أرض كنعان .و من الطبيعي أن يهب إله الكنعانيين أرض إسرائيل لأبنائه و ليس العكس !!.
5- الموقف القانوني . لا يوجد هناك صك مسجل يحمل توقيع أي إله ، يهب بها أرضا لحكومة إسرائيل !!. بل لدينا حججا قوية تدعونا للتشكك في مجرد ظهور الرب لشخصية أبرام التوراتي ، و لمنحه الحق الشرعي في الاستيلاء على بلاد كنعان .و حتى لو تحقق هذا الوعد ، فأبناء ذلك الرجل لا يعرف لهم عنوان أو شجرة نسب موثقة يعتد بها .
6- الشهود . من محاضرة للحاخام اليهودي المربرجر الرئيس السابق للمجلس الأمريكي لليهودية في الولايات المتحدة .((إن دولة إسرائيل الحالية لا تعدو أن تكون تجسيدا لغوغائية التربة و الدم )). , (( أنه لا الأرض مقدسة و لا الشعب )) .. و الحقيقة أن هذا الشعب لا يتمتع بأي فضيلة واضحة ، وهو أيضا غير جدير بأي ميزة روحانية !!.
7- النتيجة . إن النتيجة الحتمية للاعتقاد بحرفية مثل هذه الوعود الخرافية هي ظهور نماذج بشرية من أمثال (مناحيم بيجن) الذي قتل حوالي 400 عربي في دير ياسين ، و ( باروخ جولد شتاين ) الذي قتل 27 عربيا وهم يؤدون صلاة الفجر في الحرم الإبراهيمي في الخليل ، و ( إيجال عامير ) الذي سمع كلمة الرب فاغتال رئيسه السفاح ( إسحاق رابين ) ..أصبح واضحا أن رب إسرائيل هذا مجرد إله و ثني متقاعد ، لا ينفك يثرثر كثيرا فيما لا يعنيه ،و هو لا يوحي سوى بأحقر الجرائم ، و أفسد الأفكار !!!.