على الرغم من اتفاقي مع عرض المشكلة، إلا انه لازال هناك مساحة رمادية. من الواضح ان اوسع الجماهير ( وفقهائها) لاتملك في خزينة وعيها الفكري ما يسمح لها برؤية مغايرة او قبول برؤية مغايرة، وبالتالي فحدود النقد محدود للغاية بين النخب. هذا الامر يجعل حديثنا محصور في الصالونات ولاقيمة فاعلة له على الارض غير التنبوء بمستقبل ملئ بالتناقضات والصراعات.
ان النقطة الرئيسية التي تتجاوزها هذه المعالجات هو التعرض او الاعتراف المباشر بدور النص المقدس في هذه المعضلة المتجذرة، والتي ماكانت لتصل الى هذا المستوى لو كان النص المقدس غير مسؤول فعلا، او انه في مستوى مسؤوليته.
ان قدرة الفقهاء على الاستيلاء على الدين نابع من ثغرات النص المقدس، فلا هو تمكن من تقديم حلول لجميع المشاكل نزولا عند الاية التي تقول :

وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ

ولاهو تمكن من تقديم صياغة تمنع الطريق عن سوء الاستخدام والاستيلاء والوصاية عدا عن انه كان سخيا في تقديم النصوص التي تسمح للفقهاء بركوب الموجة والتعيش على الدين وابقاء العامة في قبضتهم والاستيلاء على السلطة وفرض انفسهم الناطقين الرسميين بإسم الله.

في خضم هذه المعضلة اصبح بالامكان كبح شعوب عن التطور واقناعها بالعبودية الخيارية، وهو امر لايمكن تعنيف الفقهاء على استغلاله، إذ انهم يستغلون مايقدم اليهم في معركة البقاء على قيد الحياة، وهو قانون طبيعي.

ان النقاط التي تفضلت بها والتي شكلت معضلة المجتمعات العربية والاسلامية، ليس في الامكان قلبها، إذ ليس من مصلحة الفقهاء المتحالفين مع نخبة الطغاة تغييرها، كما ان الفكر الذي يصدر عن فقهاء ومفكريين فقهيين لايمكنه ان يقدم نموذج حضاري يتناسب مع العصر الحديث قافزا فوق عصور فكرية من الوقوف. لذلك، فالجواب القصير والمبسط هو " انه دين الله".

غير ان الامل الوحيد ( في إعتقادي) هو تجرع الكأس حتى الثمالة، كما هو حال ايران والسعودية والسودان والصومال، على امل ان يرى المطحون ضرورة اخذ مصيره بيده للخروج من مأزق المصدر والوصاية.