لو جاء شخص عادي وقال ان اينشتاين حمار، فلن يعيره احد اهتماما وسيضحكون منه ويشفقون عليه، بما فيهم اينشتاين نفسه لو كان حيا، بالذات لان الجميع يعرف منزلة اينشتاين، وحيث لايمكن للاعلى ان يُهان من الادنى.

ان الاهانة لايمكن ان تتم الا بين طرفين متساويين، وعند الاعتراف بها من الطرف الثاني او الاطراف المُتلقية. بمعنى إن الاهانة يمكن ان تحدث عند القبول العقلي لها من المتلقي لعدم الثقة بالنفس او تحت الاعتراف الجماعي " بصحة الاتهام" بشكل من الاشكال.

في مثالنا اعلاه نرى ان الفروقات الشاسعة بين الاطراف بذاتها بديهية لاتقبل الشك، ولايمكن للاتهامات الساذجة ان تطعن بحقيقة كضوء الشمس، وبالتالي فأينشتاين لايحتاج حماية او دفاع..

على العكس يكون استنفار المسلمين للدفاع عن الرسول ضد الصور والكاريكاتورات وافلام الكارتون والتماثيل الساخرة، هي اعتراف من المسلمين بعدم " بديهية" سمو الرسول عن الاتهامات، وبالتالي تكون ردة فعلهم هي الاعتراف والاهانة الحقيقية.

من المؤسف ان هذا الامر لايتمكن اغلب المسلمين من رؤيته عندما يتداعون ويستنفرون للدفاع عن الرسول، بعد ان ازدادت الاحتجاجات الفكرية الساخرة ردا على جريمة قتل المخرج الهولندي من قبل المغربي السلفي.

مثلا نرى ان العديدين يقومون بتصوير المسيح في صور كاريكاتورية، ولكن لااحد يعير الامر اهتمام، ويبقى المسيح والمسيحية ساميين، في حين نجد ان ردة فعل الاسلاميين ادت الى سقوط سمعة الاسلام والرسول " حقا"، فردود الافعال هي تعبير فعلي عن جوهر التربية الاسلامية وطريقة تفكيرها.

من المؤسف ان ذات المنطق نجده في القرآن، عندما ينهى الله عن سب آلهة الكفار حتى لايسبون الله، مما يعني ان سب الادنى للاسمى ذات اهمية فائقة في ضمير الذات الالهية، على الرغم التمييز الفائق بين مستوى الانسان ومستوى خالقه.
مثلا لو زار احد منكم حديقة الحيوان وشاهد ان القرود تسخر منه، فلن يكون ذلك مصدرا للشعور بالاهانة، إذ ان الاسمى لايشعر بالاهانة من ادنى. ولكن اغلب المسلمين يسقطون الصورة القرآنية حتى في التعامل مع الرسول، فيصبح الرسول مطعونا، بفضل المسلمين بالذات.. وهو الامر الذي استغربه..