الأخ الكريم هولي مان .
1- يا صديقي .. لأن حديثي عن الإهانات التي توجه إلى المسلمين ، فردي محصور في واقعة بعينها ، رغم هذا ستجد أني أفردت فقرة خاصة هي الفقرة (8 ) أغتنم فيها هذه الفرصة لأذكر المسلمين ( السنة هنا ) بأهمية احترام غيرهم من منتسبي الأديان و المذاهب المخالفة .
2- حتى لا أشغل الشريط بغير ما يخطط له الأخ طريف سردست ، سأضع هنا وصلة بشريط طرحته حول نفس القضية بعنوان " الكاريكاتير .. مجرد رأي هادئ جدا ." ، سبق ان طرحت فيه أفكاري المتواضعة حول القضية في وقتها( 2006 ) .
اضغط هنا
يا عزيزي .. إن الهجوم على الإسلام و المسلمين لم يتوقف منذ حوادث 11 سبتمبر ، لقد سيطر العداء لكل ما هو مسلم و إسلامي على عقول و قلوب أجهزة الإعلام في الغرب ، و أصبحت صورة المسلم إحدى السيئتين إما صورة أسامة بن لادن القاتل الإرهابي أو صورة هارون الرشيد زير النساء . إن ما ورد في الصحيفة الدانماركية ( يولاندس بوست ) ليس أول و لا أبشع ما تعرضه الصحف الغربية ، بل هو قطرة من محيط ،يبقى أن نسأل لماذا كل هذا الغضب على مجرد رسوم كاريكاتيرية لا تعني شيئا ، بينما لم يتحرك أحد للرد على تصريحات السيناتور الأمريكي عن كولورادو توم تنكريدو التي قال فيها :" سندمر مكة و سنسوي قبلتهم بالتراب "؟ . الأمر كله أشبه بما يسمى بعفريت العلبة يخرجه من يشاء في الوقت المناسب له .
نعم هناك عفريت و لكنه موجود دائما و بدلا عن هذا التهريج و دفع الجماهير في الشوارع كالأنعام ، لماذا لا تكون النخب العربية راشدة و تتصدى للظاهرة في أعماقها ،و أن تدير حوارا حضاريا فعالآ مع العالم ،و أن تبدأ بنفسها فتحترم المخالف ،وتتوقف عن التحريض الطائفي ولو بالتغاضي و التساهل .
إننا نرتجل المشاكل ارتجالا ثم لا نستطيع حلها و ندفع ثمنا باهظا دائما لأننا فقدنا عادة التفكير و أدمنا الاستمناء الفكري . نثور من أجل صور كاريكاتيرية معتادة في مجتمعات بعيدة لا علاقة لنا بها تقريبا ،و لا نثور من أجل حريتنا و كرامتنا ، بل نخرج في الشوارع نهتف لقيادات فاشية مجرمة لا تتورع عن نهبنا و قتلنا و جعلنا مسخرة للعالم كله .
علينا أن ننظر جيدا لأجندة من يشعلون النيران في العواصم العربية ،و تكون النتيجة طرد العرب من أوروبا و ملاحقتهم في أمريكا و وصمهم كهمج و برابرة في العالم كله .
إني و ببساطة أتمنى أن يرشد المسلمون تصرفاتهم ،ولا يتوقفون عند ردود الفعل البلهاء ، بل يجب أن يبادروا بمد جسور التفاهم مع العالم ،و ان يتصرفوا معه بآليات الحضارة ، ومن يتضرر من فعل فعليه ان يلجأ إلى القضاء في مجتمعه المحلي ولا يصدر لنا مشاكله ، على المسلم الذي يعيش في الغرب حله مشاكله كمواطن فرنسي أو انجليزي .... الخ كما يفعل اليهودي و البوذي و الهندوسي ... الخ ، إني ضد المركزية في معالجة مشاكل الأقليات المسلمة كما وضحت في الفقرة (2-) .
3- أنت تطرح قضية كبيرة بالفعل.. التفرقة بين نقد العقائد و تحقير منتسبيها .. ، لن يمكن بالطبع تناولها هنا الآن بشكل عرضي ، إني ضد تقديس العقائد ، بل أرى أنها مجرد أفكار تخضع لآلية النقد ،و لكني ضد الحملات المبرمجة لتسفيه عقائد لحساب عقائد أخرى ، أي أن ما يعول عليه هو السياق . ليس نادرا ما انتقد العقيدتين المسيحية و الإسلامية في معرض دفاعي عن العلمانية و حق الإنسان في عدم الإيمان كخيار ديني ،و لكني ضد حملة إزدراء المسيحية التي يمارسها الدعاة المصريون ،و ضد تحقير الشيعة ووصفهم بيهود الأمة ،و ضد الحملات المنهجية التي تستهدف العقيدة الإسلامية و المسلمين في الغرب .
4- عن الحكماء ..قصدي واضح ..فمع ثورة الإتصالات اختلط الحابل بالنابل ، فكل من يمتلك كي بورد يصر على أن نتعلم منه الحكمة ، لا أرى القرضاوي و لا غيره من المنتفعين بالأصولية عقلاء ، فالعقلاء هم من يعتمدون المنطق منهجا ،و الواقع منطلقا و المساومات أداة . الآراء الرشيدة قليلة بالقطع خاصة في هذه القضية ،و لكننا لا نعدمها . قرأت في صحيفة أخبار اليوم القاهرية و أثناء أزمة الرسوم الدانيماركية رأيا لروجيه جارودي ، يوافق عموما ما عرضته سابقا في مداخلتي ، و لكنه يرى أن إدارة جورج بوش خلف الأمر كله حتى يؤكد همجية المسلمين ،و أنه مصيب في سياساته العنيفة ضدهم ،و هو أيضا يطالب برد عقلاني . أيضا سمعت رأيا جيدا لفقيه سعودي شيعي يدعى الصفار في حوار مع تركي الدخيل في قناة العربية ، هو يؤكد على ضرورة حصر القضية مع الصحف المسيئة وعدم توسيعها لتشمل شعوبا أو أديانا بأكملها ، أرى أن هذا الرأي ليس فقط يتفق مع روح العدل التي تحصر الفعل في الفاعل بدون أن تمتد للجميع ،و لكنها أيضا تتفق مع مبدأ هام هو حشد القوى ضد هدف بعينه و عدم إهدارها بالتوسع ضد أهداف لا نهائية ، فكي تحدث أثرا عليك أن تكور قبضك و تصدم بها نقطة محددة في خصمك ،الأحمق فقط من يفتح أصابعه و يضرب بكفه خصمه على كامل جسده ، فلن يفعل شيئا سوى أن يكسر أصابعه دون أن يحدث به مجرد خدش . أليس هذا ما نفعله الآن ؟.