ما بعد العاشرة من ليلاً .... علا صراخ أختي من آلام المخاض ( أختي تركت أولادها و زوجها و كانت بالأسبوع الأخير عندنا من اجل أن تلد هذه المرة بين أهلها لا أهل زوجها ) . لقد حان الوقت للذهاب للمشفى فلتقلصات أصبحت قريبة من بعضها . اتصلنا بالطبيبة كانت متابعة للحالة أختي و أمرتنا أن ننقلها إلى المشفى وهي ستلقانا هنالك .... لكن يبدو أننا تأخرنا .

اتصلت أمي بأختي الكبرى التي تملك سيارة و طلبت منها توصلها للمشفى . أنا كان لي رأي مختلف ، تبين صوابه عندما سقطت أختي من الألم و لم تعد تستطيع الحراك ... بغرفة الجلوس سقطت و تأكد استحالة أن تنزل الدرج للسيارة .

اتصلت بالمشفى (خاص لا حكومي كانت أختي حجزت به للولادة ) فقالوا أنهم لا يملكون سيارة إسعاف و أنا مخير بالاتصال بين الإسعاف الحكومي على الرقم 110 أو الاتصال برجل يملك سيارة إسعاف خاصة لنقل المرضى بين هنا و هناك . طبعا القرار كان محسوم و اتصلت بالخاص لأن الإسعاف الحكومي قد يأتي بعد الولادة بساعة أو لا يأتي .

نزلت للشارع لانتظر سيارة الإسعاف ، كان صراخ أختي يملأ الحارة و الجيران على النوافذ يحدقون بفضولهم المعهود . أخذت الصرخات شكل مرعب قبل أن تتوقف و لأسمع أختي الصغرى من نافذة بيتنا و هي تقول : " نزلت البنت " .

صعدت الدرج و انا أرتجف و أتعرق و متوقع الأسوأ . كان كل من بالبيت يصرخ و يبكي إلا أمي التي أمسكت بالمولودة التي كانت مغطاة بالسوائل .... لونها أزرق .... لا تبكي و مازالت متصلة بحبلها السري .

لم أعد أسمع سوى صوت واحد يأمرني بالتصرف .... كفرت بربهم و أمرتهم بالخروج من الصدمة و جلب مقص و خيط و شرشف . بهذه اللحظة دخل سائق السيارة و معاونه اللذان أكدا ببلاهة شكوكي حول أنهما مجرد " ديليفري " لا غير ولا يعرفان شيء عن التوليد أو الإسعاف ككل .

شتمت السائق و معاونه و كفرت بربهم ... كانت أمي تحمل الطفلة و هي مرعوبة أما أختي فكانت تهذي " ماتت البنت " .... لم يأتي المقص للآن . الطفلة بلا صوت . أسرعت بضرب الطفلة على مؤخرتها فسمعت أجمل صوت بحياتي و تأكيداً على حياتها .

جاء المقص " الجربان " أمسكت بالحبل السري الذي كان ينبض و باليد الأخرى بالمقص . لم يبقى هنالك من يربط الخيط . طلبت من السائق المساعدة لأن الكل كانوا بحالة صدمة . كان الأخرق يريد ربط الحبل قبل المقص ( يعني أن المولودة ستنزف ) أما غريزتي فقالت لي أن يربطه بعد المقص لجهة الطفلة لا نقاش . أنقطع الخيط بالمحاولة الأولى و نجحت المحاولة الثانية . حملت الفتاة و لففتها بمنشفة و غطاء صوفي و نزلت للسيارة بينما حملوا أختي على النقالة . كان الطريق مزدحماً للمشفى لكننا وصلنا و خلاصة الكلام أن الجميع سالمين صحياً و سأنزل صورة للفتاة لاحقاً لأني بحاجة للحمام بعد هذه ..... التجربة .