الأزمة الاقتصادية تهدد استقرار حكم حماس في غزة
عاموس هرئيل وآفي يسسخروف -هارتس
قيادة حماس في قطاع غزة تواجه أزمة اقتصادية حادة للغاية، بسبب الانخفاض في المبالغ المالية التي تتلقاها المنظمة من خارج البلاد. وتؤثر الضائقة الاقتصادية التي تعيشها المنظمة على سلوك زعمائها، وتبعث لديهم التخوف من أنهم سيجدون صعوبة في الصمود أمام الضغط الذي يمارسه الجمهور في قطاع غزة، الذي تجعل الأزمة حياته اليومية صعبة.
في الأسبوع الماضي وزعت الجبهة الشعبية في القطاع بيانا بثته وسائل الإعلام الفلسطينية أوضحت فيه بأنه إذا استمرت جباية الضرائب التي فرضت مؤخرا على السكان في أعقاب الأزمة، فإن من شأن الأمر أن يؤدي إلى انفجار شعبي، وبتعبير آخر – انتفاضة ضد الحكم في القطاع.
وسارعت حماس إلى الرد فاعتقلت عشرة من كبار قيادات الجبهة في القطاع. وأدى ضغط مارسته فصائل أخرى في النهاية إلى الإفراج عنهم. وكما تبدو الأمور اليوم يبدو أن حماس تجد صعوبة في إيجاد حلول للوضع الناشئ.
تعتمد حماس على مساعدة مالية شهرية، بعشرات ملايين الدولارات في الشهر للحفاظ على حكمها في غزة، ومن أجل دفع الرواتب لآلاف الموظفين (غير المتماثلين مع السلطة الفلسطينية وبالتالي لا يتلقون المال منها) وتمويل النشاطات المختلفة. ويأتي نحو 80 في المائة من ميزانية الحكم في القطاع من تبرعات من الخارج. ومنذ بضعة أشهر يظهر هزال كبير في مقدرات المنظمة وقد وصل وضعها مؤخرا إلى الحضيض لدرجة
عدم القدرة على دفع الرواتب منذ نحو شهرين.
حكومة حماس في غزة تحاول إيجاد حلول جزئية للمشكلة، ضمن أمور أخرى من
خلال فرض الضرائب على السكان، الأمر الذي يثير استياء شديدا. إلى جانب استمرار بناء "الحائط الحديدي" المصري على حدود سيناء في رفح والحصار الذي تفرضه إسرائيل، وكذلك على خلفية ما يبدو كجمود في المفاوضات على صفقة جلعاد شاليط، تثير التطورات الأخيرة القلق في قيادة حماس. ويبدو أن
الأشد خطورة، من وجهة نظر مسؤولي المنظمة، هي الأزمة الاقتصادية.
في جهاز الأمن الإسرائيلي ما يزالون يجدون صعوبة في التقدير كيف ستؤثر الأزمة الاقتصادية في القطاع على سياسة حماس تجاه إسرائيل. وفي هذه المرحلة ليس واضحا على الاطلاق إذا كانت المنظمة تبحث عن حل وسط، مثل المصالحة مع حركة فتح أو مرونة معينة في صفقة شاليط في محاولة لتحقيق تخفيف للحصار، وذلك من أجل الخروج من الوضع الناشئ، أم أنها ستعمل بالذات في الاتجاه المعاكس، وخلافا لسياسة كبح الجماح التي اتبعت خلال السنة الأخيرة ستحاول إعادة اشعال الجبهة على الحدود مع إسرائيل.
الانخفاض في حجم الأموال المحولة إلى حماس ينبع من تداخل عدة أسباب، يتعلق جزء منها بتغيير سلم أولويات المنظمة تجاه التبرعات من المحافل الخارجية.
كما أن حجم التبرعات من مصادر إسلامية في دول الخليج انخفض على نحو ظاهر. إضافة إلى ذلك، فقد شددت مصر جدا نشاطها ضد الجهات التي تقيم اتصالات مع حماس، ومنها صرافون مصريون كان لهم دور في الماضي في تحويل الأموال من إيران إلى حزب الله وحماس.
ومن ضمن الاجراءات التي اتخذت في أعقاب كشف شبكة التجسس والإرهاب الكبرى التي استخدمها حزب الله في مصر في نهاية العام 2008،
تشديد الرقابة على أعمال الصرافين الذين باتوا يقللون الآن من عقد الصفقات مع القطاع. وإلى جانب ذلك شددت مصر النشاط ضد تهريب السلاح في الأنفاق إلى غزة، بشكل قلص أيضا تهريب البضائع إلى القطاع.
وقالت مصادر في غزة أمس (الإثنين) لـ"هآرتس" إن سببا إضافيا للأزمة يرتبط
بتشدد النهج الأميركي في تحويل أموال المنظمات والجمعيات الخيرية الاسلامية لحماس. وحسب هذه المصادر، فإن
لدى حماس أملاكا كثيرة في الولايات المتحدة، ولكن التشدد في الرقابة يجعل من الصعب تحويل عوائدها إلى القطاع.
في الأيام الأخيرة أعلن مدير عام وزارة المالية التابعة لحماس، اسماعيل محفوظ، أنه سيتم هذا الأسبوع دفع رواتب شهرية بمبلغ 1.500 شيكل لكل موظفي حماس في القطاع. ولكن الكثير من الموظفين يحصلون بشكل عام على مبلغ أكبر من 4.000 شيكل في الشهر.
وتشكل الضرائب حوالي عشرة بالمائة من ميزانية الحكومة في غزة.
وتحاول حماس الآن زيادة الحصة من خلال فرض الضرائب، ضمن أمور اخرى على السجائر (ضريبة نحو 3 شيكلات على العلبة)، وعلى البسطات في السوق وعلى استخدام الموازين في المحلات.
إضافة إلى ذلك بادرت السلطات إلى عملية
ترخيص شامل للشقق في القطاع، ما يعني إلزام صاحب الشقة اعتبارا من الآن بدفع مبلغ مالي كبير إذا كانت شقته مقامة على أرض لا تقع ضمن ملكية الحكم.
http://www.alghad.com/?news=502857