(05-09-2010, 03:12 PM)عاشق الكلمه كتب:  ...............
ياعزيزى المبادىء لا تتجزأ ( هل فى ذلك شك ؟ ) , والتاريخ يشهد أنه لم يحقق أى حاكم اسلامى العدل كما حققه عمر بن الخطاب , وعدل عمر يقتضى ألا يخرب مصر من أجل اعمار مدينه رسول الله .

.................

عاشق الكلمة .
يا عزيزي يبدوا أننا لا يمكن أن نتفق حتى على الحد الأدنى .
أية مبادئ تلك التي لا تنقسم ؟.
المبادئ نسبية دائما ، و عندما نقول العدل فنحن أمام مفاهيم متغيرة على الدوام ، فالعدل عند عمر لا يعني المساواة بين المؤمن بالإسلام و غير المؤمن به ، فهذه التفرقة تخالف نصوص دينه ، أي تخالف المعايير الأخلاقية التي تحكمه ، فالإسلام كغيره من الأديان لا يساوي بين معتنقيه و مخالفيهم الذين يعتبرهم كفارا ،و أن الحيوانات " الأنعام " أفضل منهم !، أما في النظم القانونية المعاصرة ، فالمواطنة هي أساس الحقوق ،ولا توجد أنظمة تساوي بين مواطنيها و غيرهم . إذا العدل قيمة مرتبطة بالإطار ولا يمكن المقايسة بين قيمة العدل في إطارين مختلفين ، أي لا يمكن المقارنة بينهما أيهما أفضل ، فعمرلا يفهم شيئا مثل المواطنة أو حتى الوطن nation state بمعناه المعاصر ، فهو أمير المؤمنين حيثما كانوا حتى لو في المريخ ، و هو بالتبعية ليس أميرا على " الكفار " أي غير المؤمنين حتى من يعيشون بجوار بيته ، و لا حقوق طبيعية لهؤلاء " الكفرة " سوى ما يصالحهم عليها ، و إلا فهو السيف ينحرهم ، أو ان يحتازوا عبيدا و جواري و إماء .
نحن أمام وقائع لا يمكن إنكارها بعبارات مرسلة ، هناك أدلة على أن محسن السكري قتل سوزان تميم ، يمكن للمحامي أن يدحض الأدلة ،و لكنه لا يمكن أن يدفع بأن محسن السكري :" راجل يعرف ربنا متزوج و له إبنة ، و من المستحيل أن يرتكب هذه الجريمة" . يمكنه أن يدفع أيضا بأنها تستحق القتل في شريعة السكري !. نحن في مواجهة واقعة منقولة إلينا كغيرها من تاريخ هذه الفترة و من نفس المصادر ، يمكنك أن تنكر كل التاريخ القديم بما في ذلك تلك الواقعة !، يمكنك أن تأتي بمصادر أخرى لها نفس المصداقية ، تؤكد أن عمر أوصى بالمصريين كل الخير ، و قال لعمرو " تغور في داهية مدينة رسول الله ولا تخرب مصر !" ، يمكنك أن تبرر تصرفات عمر بأن المدينة موطن الرسالة و مصر بلد الكفرة ، و بالتالي فخراب مصر من أجل المدينة هو تقربا إلى الله ، و لكن لا يمكنك أن تحتج بعدل عمر ، دون أن تدقق ماذا يعني عدل عمر ؟.
يا عاشق .. علينا أن نتعامل مع التاريخ كما هو لا كما نحب أن يكون ، كان الغزو العربي للحضارات المجاورة كغيره من الغزوات المناظرة نوعا من السطو و النهب ، و لكنه و بشكل غير متعمد نهائيا أدى إلى دمج شعوب الشرق الأوسط و صهرها في حضارة واحدة ، قدر لها أن تكون واحدة من أهم الحضارات في تاريخ البشرية ، هكذا يصنع التاريخ حضاراته الكبرى بآليات غير أخلاقية .. هكذا يعمل التاريخ كما يراه الناضجون .. حاول أن تنظر إلى الحقائق بعقل بارد و أن تفهمها ، لا أن تلوي رقبتها و تطوعها لتخاريف الدعاة الشعبيين .
لو نظرت إلى آلية الإنتقاء الطبيعي ستراها آلية بالغة العنف و غير أخلاقية تماما ، لهذا يقولون أن التاريخ انياب و أظافر ،و لكن هذه الآلية أنتجت الإنسان العاقل homo sapiensالذي أعطى للكون معناه ، لا يمكن أن ننكر هذه الآلية لأنها لا تروقنا ،و أيضا لا يمكن أن ننكر فعاليتها لأنها غير أخلاقية .. هي غير أخلاقية و خلاقة أيضا .. هكذا يعمل التاريخ و لا يمكننا سوى أن نحاول فهمه .
الحضارة " الإسلامية " انتهت منذ 400 او 500 سنة ، و المصريون للأسف لم يكونوا سادتها بل عبيدها غالبا ، عموما في كل الحالات أصبحت كغيرها تاريخا ، و لكن المسلمون مازالوا أحياء ، و عليهم أن يفهموا العصر و أن يعيشونه بقوانينه و قيمه ، فهو عصر للجميع و حضارة إنسانية واحدة ، فلم لا نبرع في هذا العصر كعرب ؟ . محاولة استعادة الماضي – الذي يفتقد حتى الأخلاقية كما نراها الان – محاولة عقيمة ولن تؤدي سوى إلى الضياع و الفقر و الهزائم .علينا أن نوجه جهودنا لخيرنا و خير أبنائنا ، نريد إلها يساعدنا لا إلها يريد أن نفجر أنفسنا من أجله ، نحن نصنع آلهتنا بعقولنا و ثقافتنا ، فلم نحبس أنفسنا أسرى لثقافة عقيم مدمرة ؟.إن الله الذي ألهم الصناع في القاهرة و الشعراء في بغداد لصنع حضارة قديمة ، قادر أيضا أن يلهمنا أن ننتج و ننعم بالحياة و نشارك البشرية أحلامها و مصيرها الراغد ، فقط علينا أن نحمله بعيدا عن نجد و آبار البترول .