(05-12-2010, 01:58 AM)fares كتب:  

(05-11-2010, 04:16 PM)jafar_ali60 كتب:  التعالي والتنابذ والتفاخر وتحقير الآخر والإستبداد كلها صفات عربيه بأمتياز نشرها بدو الجزيره في كل البلاد التي إحتلوها و أصبحت جزء من النسيج الثقافي الذي آتي ثمار الخراب التي تشاهدها الآن

شكرا للعلماني على دقة تصويبه يسهمه

يا اخ فارس

بدو الجزيرة لم يحكموا فعليا الا اقل من 300 عام اما الباقي فارجع للتاريخ المصري ، منذ الدولة الفاطمية التي كان وقودها من الامازيق ثم الدولة الايوبية الكردية المنحدرة من اذربيجان ثم المماليك من القوقاز وما وراءها ثم ال عثمان من الاناضول ثم اسرة محمد علي من شمال اليونان ، يعني بالغربي البدوي هناك اكثر من الف عام حكم مصر فيها من هم خارج البدو وخارج المصريين انفسهم

الدين وليس العرق هو اساس هذه النزاعات وكما تفضل واسهب العلماني

عندما أتحدث عن العرب فانا أعني تحديدا بدو الجزيره العربيه فقط وحصرا و إمتداداتهم القبيله والعشائريه في الأردن والعراق , فلا أعتبر الفلسطنيين و السوريين والمصريين واللبنانيين وشمال أفريقيا عرب مهما دبج القومجيين من المقالات والعرائض التي تثبت أن خفرع وخوفو لخميوا الأصل

لدي طريقتين لفهم الشعوب والأعراق
البيئه الجغرافيه وما فيها من طقس وثروات و مصادر دخل
التراث الشعبي

نحن نقول علي الشخص المرتب المهذب هذا إبن أصول , وهذا بيت كرم , وهذا عفيف من بيت عز ... الخ

فطبيعي الشخص الذي نشأ في نعمه و أستقرار أن تتجمع فيه حسان الخصال والأدب , وهذا لا يعني أن الفقراء لا يوجد لديهم خصال حسنه أو أدب لكن إذا أجتمع الفقر مع عدم الإستقرار و سوء التربيه فالنتيجه ستكون هي بدو الجزيره

أقيم في الكويت منذ ٥ سنوات , ومع كل وسائل الراحه الحديثه فالطقس متطرف ولا يطاق , فما بالك بالوضع قبل ١٥٠٠ عام .

و القبيله تعيش حياة الترحل والتنقل فلا تعرف الإسقرار ولا الأمان وتنشب الصراعات المريره علي أقل القليل من العشب والكلأ , وبغياب أي فرصه لأي نشاط بشري كالفنون مثلا , تجدهم يجتمعون علي اللت والعجن , وهو نشاط غايه في الضرر لأنه يؤسس للتنابذ والتفاخر وأن يصبح الكذب الفاضح مدعاة للفخر , وتمتلئ اللغه بما هو غير مفيد أبدا من الكلام والأسلوب مما يضر أشد الضرر بالعقول ويجعلها تبتعد عن المنطق السليم
وإذا بلغ الرضيع منا الفطاما .. تخر له الجبابرة ساجدينا

عندما أستعرض الألياذه والأوديسه وما تركه الفراعنه من أدب وما تركه الهنود والفرس من حكمه و أقارنه بالشعر الجاهلي , أجد فارقا عظيما يتمثل في روح جماليه في وصف الطبيعه وحبكه دراميه في الصراع و أسلوب راقي في التعليم والتأديب وحكمه وفلسفه ورؤيه إنسانيه لصالح الشعوب الأخري ومقارنه بسيطه بين كليله ودمنه مثلا وبين أي معلقه من معلقات الشعر الجاهل ستنتهي إلي ما أنتهيت إليه إذا ما تركت ثغاء القومجيه خلف ظهرك

في هذه البيئه القاحله إذا ما سقي أحدهم عابر سبيل شربة ماء أ أعطاه حفنه من التمر فأنا يدور في مضارب القبيله لمدة عام يلقي شعرا في فضله ويصف هذا الصنيع العظيم وتصبح شربة الماء الحاره الآسنه كؤس راح بارده وتصبح بضع حبات من تمر قطيعا من الخراف ذبح للضيف ... الخ من اسلوب المبالغه العربي

فالبيئه قاحله وقاسيه والتراث هو لغو فارغ وأكاذيب , وهذه بأختصار هي مكونات الشخصيه البدويه , وطالما كانوا في صحرائهم كان العالم في مأمن من شرهم , حتي خرج بهم محمد مثل الجراد علي الأمم المتحضره , فقضوا علي الحرث والنسل و٣٠٠ عام كافيه لينشروا خرائهم الثقافي بين الأمم المتحضره

أكذوبة الحضاره العربيه

في فتره سوداء من تاريخنا الأسود دائما , وصل إلي الحكم في مصر مجموعه من العسكر كالعاده وهي الطريقه الوحيده لتداول السلطه في تاريخ العرب والمسلمين , وتبنوا فكرة القوميه وأخذت وسائل الأعلام وبعض أشباه المفكرين في الترويج للمسأله وتصوير أن العرب والمسلمين أسسوا حضاره عظيمه في يوم من الأيام وأن الإستعمار أبن ستين في سبعين هو السبب (زي ما نكون كنا خبراء صواريخ قبل الإستعمار )

وهذا كله وهم في وهم فلا يوجد أصلا شيئ أسمه حضاره عربيه , فـ بلاد مثل مصر , سوريا , العراق , فارس , هي بلاد حضاره ومدنيه قبل أن يسمع العالم بشيئ أسمه العرب بمئات السنين وكل ما في الأمر أنهم بعد أن ملكوها بقوة السيف فرضوا علي أهلها اللغه العربيه و أخذوا منتجات هذه البلاد وصبغوها بأسماء عربيه

فماذا لدي كنده و كليب والذي لم يكن يعرف التقويم ( عام الفيل , عام الرماده , عام الفجار ... الخ ) ليضيفه إلي المصريين أو البابليين أو الأشوريين الذين علموا العالم التقويم والحساب .... الخ من كافة منجزات الحضاره

والأمر يشبه شخص جاهل لم يري الراديوا في حياته فيجد نفسه فجأه قد أصبح مديرا لدار الأوبرا , في البدايه سينزوي في جانب ولا يتدخل في شيئ حتي يفهم ما يدور حوله و رويدا رويدا سيبدأ بأستخدام سلطاته و دس أنفه في الأمور البسيطه ثم في الأمور المهمه و يعين أبن أخته الجاهل برضه قائدا للأوركسترا , وجارتهم الخياطه مصممه للملابس , وعمه النقاش مديرا للديكور ويصبح خراب دار الأوبرا مسألة وقت ليس إلا .
وهذا بالضبط ما حدث حينما أستولي العرب علي بلاد الحضارات في البدايه سارت الأمور علي ما يرام , ثم بدأت تسوء رويدا رويدا , حتي فلت الزمام من إيديهم و أصبح العرب أنفسهم تحت رحمة المماليك الذين أتو بهم ليساعدوهم في السيطره علي الناس

طبعا البعض ممن لا زال مغيبا بمخدر الدين أو بمخدر عفلق ويعرف الإسم المجرور بالإضافه في محل فشخ نائب مضارع سيدبج مقالا قوميا كعادته , ولكن من هنا ومن علي هذا المنبر هقوله العب غيرها

الدليل الدامغ علي أن العرب (بدو الجزيره) هم آخر شعب علي وجه البسيطه يمكن أن يؤسس حضاره , لا زال حيا يرزق وماثل في قفص الأتهام كدليل علي أكذوبة الحضاره العربيه

هذا الدليل يا حضرات هو

اليمن

اليمن بلد عربي , و أهله عرب أقحاح (العرب العاربه) كان لديه بعض من سمات الحضاره بسبب أختلاطه بالحبشه والتجاره مع الرومان لكنه أصيب بفيروس الإسلام والنتيجه هي ما نراه الآن وهي لا تحتاج إلي كثير من التعليق

اليمن لم يتعرض قط للإستعمار القديم , لم يقع تحت حكم الأمازيغ أو المماليك أو بني عثمان الأتراك , بل أصبح تحت حكم أهله بعد ضعف الخلافه العباسيه مباشرة
لم يتعرض للإستعمار الحديث , وهي الحجه التي يحلو لبعض الآفاقين أن يروجوا لها بإنها السبب في تخلفنا
وهو قطر ليس قاحلا بل به أمطار وزراعه و ذو موقع بحري هام يتحكم في مدخل البحر الأحمر
عرب أقحاح , مسلمون والنتيجه تستطيع قرائتها في رواية الرهينه لـ زيد مطيع دماج

وطبعا بدو الجزيره لم يكونوا بحال أفضل من اليمن حتي أكتشاف البترول

خطبتك عصماء يا "فارس" ولكنها مبنية على "أحكام مسبقة" وافتئات كبير على الحقيقة والتاريخ، وكره لشريحة من شعوبنا لا أعرف مصدره. عموماً، بضعة نقاط:

1) العرب ليسوا بدو الجزيرة فقط حتى لو أردت أنت اعتبارهم كذلك. فليس أنت يا صاحبي – ولا أنا - من يحدد أجناس الشعوب أو أعراقها ولكنه التاريخ الذي يقول لك أن الجزيرة العربية كانت تفيض بسكانها مرة فمرة نتيجة للظروف المناخية القاسية، فيخرجون كي ينشدوا حياة الاستقرار على أطرافها.
التاريخ يقول لنا أن العرب تدافعوا مرة إلى العراق من الجزيرة فأسسوا فيها حضارة وادي الرافدين (أكاد وآشور وبابل). وتدافعوا مرة أخرى إلى تخوم "سوريا الكبرى" فأسسوا فيها ممالك الآراميين والفينيقيين الذين علّموا العالم "الحرف" وأهدوه "الأبجدية". والتاريخ يقول لك أن قسماً منهم، في تلك الأثناء (الألف الثالث قبل المسيح) وجد في فلسطين مرتعاً فأسس الحضارة الكنعانية وبنى المدن وعمّر العمائر. بل ان بعض المؤرخين يزعمون أن "هؤلاء العرب" بعد استقرارهم قليلاً في سوريا، نزل قسم منهم بلاد "مصر" فوحّد القطرين وأعلن عن نشوء الحضارة الفرعونية.
هذا كان قديماً جداً، ولكن الجزيرة بقيت على دينها من ناحية خروج القبائل العربية منها وتأسيس ممالك وإمارات وحضارات في الشمال. فالعرب قبل الإسلام مثلاً أسسوا ممالك "بدوية" في الأردن وفلسطين (الأنباط) وفي سوريا (تدمر وغسان) وفي العراق (لخم)، بالإضافة إلى بعض صور الملك في الجزيرة نفسها (كندة مثلاً).

هذا ما يقوله التاريخ لنا يا "فارس" بوضوح، وهو يضيف بأن "العرب" – والبدو منهم بالذات – لم يتوقفوا عن التدافع نحو العراق والشام ومصر طوال آلاف السنين الماضية، وهم في هذا أكبر مجموعة إثنية في هذه البلاد وأكثرها نشاطاً وحركة. ولعل التدافع الكبير كان مع خروج الإسلام من الجزيرة، وصبغ العالم القديم بطابع عربي إسلامي حتى اليوم.
هذا التدافع الكبير حدث منذ أكثر من 1400 سنة، وأحسب بأننا لو استثنينا جميع التاريخ العربي القديم واحتفظنا فقط بالـ 1400 سنة، فإننا نكون قد احتفظنا بمدة كافية جداً كي يصبح العالم الذي نعيش فيه عربياً حتى الثمالة. 1400 سنة في التاريخ ليست يوماً أو يومين كي نشطبها من أجندة الزمن كأن شيئاً لم يكن. بل تصور معي لو شطبنا 1400 سنة من تاريخ أوروبا مثلاً وماذا سوف يتبقى من جنسيات معروفة مشهورة فاعلة مثل "الفرنسيين" و"الانكليز" و"الألمان". لن يتبقى شيئاً من التاريخ الإنكليزي الذي سوف تعيده إلى ما قبل "الملك آرثر"، ولا من التاريخ الفرنسي الذي سوف يكتفي – في هذه الحالة بمعمودية "كلوفيس" دون أن يستطيع الوصول إلى مجد "شارلمان"، وبالتأكيد فإنه لن يتبقى ما يتذكره الألمان عن أنفسهم سوى أنهم كانوا من الشعوب البربرية التي سطت على مجد "روما" واعملت فيها النهب والسلب.

العرب إذاً، ليس ما تريده أنت، فهم لهم كيان ووجه واسم وعنوان لا يستطيع التاريخ أن يتجاوزه، لأنهم فاعلون فيه أكثر من أية مجموعة إثنية في العالم. فهؤلاء البدو الذين خرجوا من الجزيرة أنتجوا حضارة في الداخل وأنتجوا حضارات عظيمة في الخارج، والحديث يطول.

2) بالنسبة "للخصال والأدب" في المجتمعات، فأنت تعلم مثلي تماماً بأن المدينة المستقرة أنتجت مدنية من ناحية وأنتجت الكثير من الآفات والتشوهات النفسية من ناحية أخرى. بل كلما كبرت المدينة واستقرت ترهلت أكثر وفسد بعض أحيائها حتى لا تستطيع دخوله، واعوجت الكثير من طباع سكانها حتى لا تكاد تعرفهم.
في المدينة ، بالإضافة للاستقرار وتهذيب الطباع، فهناك الكثير من الاستغلال والذل والمهانة والنفاق والغدر والخداع والتشويه النفسي الذي لا يعرفه ابن البادية الذي ما زال، رغم غلظة طباعه، نقياً صافياً ، أبياً، حراً عفيفاً.
في المدينة، ذهب المتحضرون كي ينتجوا فنوناً جميلاً ورقياً روحياً متمثلاً بالفنون الجميلة، بينما عزت السبل المادية على "ابن البادية" فأنتجت روحه شعراً. و"هيجل" – الفيلسوف الألماني – يقول لك أن الشعر أبا الفنون جميعها: ففيه تصوّر وتشكّل وترسم وتلحّن وتغني وترقص.

3) أنتج العرب القدماء (الأكديون والبابليون والآشوريون والآراميون والفينيقيون) حضارات كبيرة، وأنتج "بدو الجزيرة" في القرنين السابقين للإسلام شعراً ممتازاً يعود إليه نقاد العصر الحالي بحماس كبير، ويعتبرونه من أصفى أنواع الشعر (أنظر: في النقد والأدب، الجزء الأول، لإيليا الحاوي، طبعة دار الآداب في بيروت). ثم ذهبوا في التفنن في الانتاج بعد خروجهم من الجزيرة إبان العهد الإسلامي فهضموا علوم الأوائل وأثروها وأضحوا الأعلى شأواً بين جميع الحضارات على الإطلاق. فالحضارة العربية في القرن التاسع والعاشر العباسيين لم تكن تضاهيها أية حضارة أخرى، لا فرعونية ولا هندية ولا فارسية ولا "بطيخية".
المشكلة معك يا "فارس" ومع أصحابك من الانعزاليين والإقليميين أنهم يريدون أن يقصروا تاريخ العرب على "200" سنة في الجزيرة قبل الإسلام، وهذا سخيف جداً: فالحضارة العربية حضارة مستمرة فاعلة منذ فجر التاريخ حتى اليوم. من الممكن تقسيمها إلى حقب صاعدة وحقب هابطة ولكن من المحال حصرها في فترة واحد وإقليم واحد والحكم عليها من خلال هذه الفرضيات "القراقوشية". لا تستطيع يا سندي أن تجتزيء تاريخ شعب عظيم عريق مثل الشعب العربي وتحصره في 200 سنة فقط في إقليم جغرافي ضيق. بل ان "العرب" في حدود هذا الإقليم الضيق الذي تريد حصرهم به، وفي حدود الفترة الزمنية المضحكة المحددة التي لا تريد لهم أن يخرجوا منها، أنتجوا نواة للحضارة. ففي القرنين السابقين على الإسلام، استطاعت القبائل العربية أن توحد لغتها، وتضع لنفسها "كود أخلاقي" يقوم على فضائل معروفة مشهورة، بل وأنتجت الإسلام نفسه الذي ركب الحصان العربي وامتشق السيف العربي واستند إلى الزند العربي كي يفرض سلطان العرب المسلمين على أرجاء العالم القديم كله. ثم أثبت منذ اليوم الأول من سلطانه الكبير أنه ليس مجرد "فصل دموي" في تاريخ الشعوب (كما هو الأمر في حالة "أتيلا" أو "جنكيز خان" أو "تيمورلنك") بل نواة وأساساً لأسمى حضارة في التاريخ حتى ذلك العصر. وبالمناسبة، لولا تلك "النواة الحضارية" الصلبة للعرب المحتلين لأصقاع الأرض وتخومها، لكان عهدهم ولى واندثر بعد فترة وجيزة من دخولهم إلى البلاد البعيدة.

4) حديثك عن الحضارة العربية حديث جهال يا سندي، وهي على العموم قراءة رديئة للتاريخ. فوعي العرب القومي ابتدأ قبل "عبدالناصر" وثورته بفترة من الزمن. وعندما استقر العرب في الأمصار لم يعمدوا إلى تحطيم الحضارات فيها بل بالعكس تماماً. فهم عمدوا إلى التعلم من هذه الحضارة وترجمتها وتعريبها وتطويرها. فكتب التاريخ تقول لك أن "خالد بن يزيد" (الأموي) بدأ يشتغل بالكيمياء ويوظف من يستطيع أن يترجم الكتب له. وكتب التاريخ تقول لك أن مراكز العلم والنور في العالم القديم كانت في "خمس مدن" شاخت وهرمت (أثينا، القسطنطينية، قنسرين، حران والاسكندرية). وعندما وفد العرب ترجموا تراث هذه المدن إلى لغتهم عن السريانية، وكانوا يدفعون ووزن الكتاب ذهباً (الخليفة المأمون). فالعرب ليسوا "هدّام حضارات" ولكنهم "بناة حضارات متداعية" وفضلهم في حفظ تراث الشرق القديم كبير عظيم، فهم من أوصل العلوم القديمة إلى أوروبا عبر البوابة الأندلسية كي تجدد شبابها بها في القرن الثاني عشر والثالث عشر.
العرب (والمسلمون بطبيعة الحال) هم من أعطوا "توما الأكويني" كتابات أرسطو، وهم من ترجم جميع العلوم والفنون وحسنّها وأضاف إليها واعتنى بها واحتفظ بها مدة طويلة قبل أن يهديها إلى العالم مضافاً إليها عقولاً كبيرة بحجم "ابن الهيثم" و"جابر بن حيان" و"الخوارزمي" و"الرازي" و"ابن سينا" و"الفارابي" و"ابن رشد" وغيرهم. إذاً فالعرب لم يكونوا من هادمي الحضارات بل من بناتها الكبار العظماء، ولهم في هذا فضل لا يجاريهم فيه لا الفراعنة ولا غيرهم من الشعوب القديمة، فالعرب احتووا كل ما كان لدى هؤلاء بتقدير واحترام، ثم عمدوا إلى تعريبه ومعالجته وتطويره والانتقال به إلى مرحلة متقدمة. وإن كان "ابن المقفع" قد عرّب "كليلة ودمنة" عن الفارسية والهندية "فالجاحظ" العربي العظيم كان يؤلف في عصره موسوعة في الطبيعيات والبلاغة والبيان (الحيوان، البيان والتبيين) ويحاول ورود منهل الفلسفة عبر "علم الكلام" بهمة عالية لا تعرف الكلل، وولع بالعلم وشغف بالمعارف قلما نجد نظيراً له.
عموماً، قد نطرق يوماً بالتفصيل الممل حكاية الإرث العربي الإسلامي الحضاري، الذي لم يكن يعادله أي إرث آخر حتى آخر العصور الوسطى، والذي يعود في جوهره إلى طبيعة "ابن البادية" الذي كان أميناً على حضارات العالم أكثر من غيره من الشعوب بكثير، فراح يتعلم ويقرأ ويترجم ويطوّر ويضيف حتى غلبه على أمره العلوج والصقالبة والأتراك والمماليك، فأدخلوه وأدخلونا معه بطبيعة الحال في قرون من الأفول ما زالت تمتد حتى اليوم.

واسلم لي
العلماني