(05-12-2010, 12:58 PM)ugarit كتب:  هل يستطيع عزيزنا العلماني ان يشرح نفس تساؤل فودكا ؟؟ يعني كيف كانت الصحراء تعج بالبشر و السكان و منطقة خصبة مثالية للبشر كمنطقة ما بين النهرين خاوية فاضية !!!

الأمر بسيط جداً وهو يتعلق بنشوء المجموعات الأولى من فصيلة "الهوموسابيان".
هذه المجموعات نشأت - على الأرجح - في الجزء الشرقي من أفريقيا (هناك من العلماء من يقول بمجموعتين أو أكثر في أفريقيا وآسيا ... إلخ). وعبرت عبر باب المندب إلى "اليمن" واستمرت بالصعود مع جبال الشراة وعسير نحو العراق وبلاد الشام.

بالنسبة "لعروبة" التخوم الشمالية للجزيرة العربية (طبعاً العروبة هنا موظفة إثنيا وليس بالمعنى السياسي) فهو واضح عبر مؤلفات كثيرة . هنا قد أعود وبيدي مؤلفاً عن "أصول الفينيقيين العربية" بشكل واضح جلي.

أبو رياض

لا "نجدية" ولا "حجازية" ولا حتى "شامية". فالأمر وما فيه أنني لا أحب هذه "الروح" الاستعلائية التي يتحدث "فارس" من خلالها (وفارس ليس وحده، فالمنتديات تعج بأضرابه). ولا أحب التعرض "للبدو" وتحميلهم جميع مخازينا الحالية. فالبدو عندي، رغم غلظة طباعهم بسبب طبيعة عيشهم، أصفى وأنظف وأنصع وأنقى من معظم الشرائح الاجتماعية الأخرى التي تعيش بين المحيط والخليج.
الناظر إلى الشعر الجاهلي (وهو ديوان العرب كما يقال) يعلم أن البدوي علمنا تقديس الكثير من الفضائل، فهو واعظ حكيم مع "آخر معلقة زهير"، وهو شجاع أبي مع "معلقة عمرو بن كلثوم"، وهو محب دنف عفيف في حين وفارس همام جواد سميدع في أحيان مع "معلقة عنترة بن شداد العبسي".

البدوي "حنون" رغم خشونة المكان، يحن لأطلال حبيبته "في جميع المعلقات"، وهو صاحب أريحية ونخوة وشهامة عند "طرفة بن العبد" (إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني ...)، وهو صاحب إباء وعنفوان ورفض للضيم عند "الشنفرى" في "لاميته" (أقيموا بني أمي صدور مطيكم ). وبين هذا وذاك جميعه فإن البدوي يعرف كيف يتمرد على الضيم الجماعي والمستغلين والمستبدين، ويعرف كيف يؤسس "لاشتراكية" كانت "رحمة للفقراء" مع "عروة بن الورد" وأضرابه من الصعاليك.

قد تصقل الحياة البدوي الذي يعيش في مناخ لا يطاق فتجعل قلبه على راحتيه، فهو يرق كما لا يرق أحد من الحضر وهذا "مجنون بني عامر" تشهد سيرته على هذا، وهذا شعر "جميل" و"كثيّر" و"صاحب فوز" (العباس بن الأحنف) يخبرك كيف تشف روح البدوي وتصبح أهزوجة يرددها الركبان في رحلاتهم.

حتى عندما يتماجن البدوي فإنه يصبح مثل "امريء القيس" على الأكثر أو مثل "عمر بن أبي ربيعة"، ولكنه لن يكون قذراً سوقياً فاحشاً كالكثيرين من "المتحضرين" إلا فيما ندر، حتى أنني لا أعلم إن كنت أستطيع أن أجد أبياتاً شعرية فاحشة في الشعر الجاهلي، وهذه ما أكثرها في عصور المولدين (العصر العباسي وما بعده).

هناك مشكلة عند أصحابنا عندما يخلطون "البدوي" "بالوهابي". وإن كنت معهم في مقتي للوهابيين وشيوخهم أجمعين فإنني لن أوافقهم يوماً على "خلط الحابل بالنابل" و"شعبان برمضان". فالبدوي عندي يشير إلى النظافة والعفة والشجاعة والكرم والأريحية والنخوة والشهامة وحضور البديهة وبعض الدهاء (الذكي) اللازم للتأقلم مع الصحراء وبيئتها.

واسلموا لي
العلماني