أهلين أستاذ علماني

كتبت لك رداً مطولاً، ولكنه للآسف ضاع بطرقة إصبع طائشة ، فاعذرني لاضطراري للإيجاز الشديد في هذا الرد

(05-12-2010, 01:24 AM)العلماني كتب:  1) لا أظن أن مقارنتك "قريش" "بالولايات المتحدة" هي مقارنة جادة، لذلك سوف أتجاوز عنها.

لا طبعاً، لم أقصد مقارنه هاته بتلك، بل قصدت أنه بنفس المنطق الذي تفضلت به أنت، تكون أي دعوة - ومنها الإشتراكية والتحرر الوطني مثلاً - تهدد مصالح وامتيازات اميركا دعوة عدوانية، وتصبح أميركا "رحيمة جداً" بصبرها على وجودي انا وأمثالي.

وتفعل خيراً بتجاوزك عنها، حتى لا يتصور أحد جديتها

(05-12-2010, 01:24 AM)العلماني كتب:  2) بالطبع لم تسجل واقعة "اعتداء واحدة" من قبل المسلمين قبل الهجرة. فالمسلمون قبل الهجرة كانوا بضعة نفر لا حول لهم ولا قوة أمام قبيلة بحجم "قريش". فهل يرمون بأنفسهم إلى التهلكة ويقومون بالاعتداء؟ (تذكر، وقتها كانت دعوة محمد بن عبدالله قد فشلت في قريش - باعتراف "عمرو خالد" - وفشلت في الطائف ).

جميل، فعلى أي أساس إذا نرى أن من حق قريش محاربتهم، ودعوتهم لم تكن لها حتى ذلك الحين أي ميول عدوانية واضحة او علامات ظاهرة لتلك العدوانية، بل ربما العكس (بالممارسات وبالنصوص القرآنية نفسها - الذي نُسخت فيما بعد -)، أم أن مجرد النقد والتخطئة تدخل في عداد الحرب وفتح النار، بحيث يحق للقرشيين التخلي عما سميته تسامحهم العقائدي ضد المخالف.

(05-12-2010, 01:24 AM)العلماني كتب:  3) نفي العبودية "إلا" لله (وضع ألف خط تحت أداة الاستثناء "إلا") هي بحد ذاتها انتقال من "عبودية إلى عبودية" (كما يقول "سيف البحر" في "صيف 1840" إذا كنت من هواة مسرحيات الرحابنة).

نعم، ولكنه تطور قياساً لزمنه، فهي مراحل لابد من عبورها، فمن تعدد الآلهة إلى الإله الواحد إلى الإنسان خالق حياته، ترتقى البشرية درجات التطور، فلا قفزات ولا طفرات في الوعي الإنساني الاجتماعي، بل تطور وئيد الخطي، لا يمكن بحال من الاحوال تبادل مراحله عشوائياً (طبعاً بعيداً عن أي خطية ستالينية ).

(05-12-2010, 01:24 AM)العلماني كتب:  الإسلام لم يحارب العبودية بل كرّسها ورسخها وتعامل معها حتى القرن العشرين دون شجب أو إنكار. ولعلك لو قابلت شعوب "وسط أفريقيا" لقال لك منهم الكثير بأنهم ما زالوا يخافون من "العرب المسلمين" نتيجة لاحتراف هؤلاء المتاجرة "بالعبيد الأفارقة".
آه، "بلال بن رباح"؟ أحد الاستثناءات التي تؤكد القاعدة ولا تنفيها، فأسواق العبيد والإماء والغلمان والجواري كانت تملأ الشرق في العصور الخوالي، ولم يكن يوماً على أجندة الإسلام، لا أيام الرسول الكريم ولا أيام دولة الخلافة الطويلة ما يشي بأن الحال سوف يتغير.

بدايةً الإسلام لا يحاسب عما فعله الأمويون وغيرهم، فهو ككل دعوة في التاريخ تم إعادة تشكيلها بما يتوائم ومصالح الطبقة المهيمنة

وطبعاً لا يمكن إنكار ما تقول فهى وقائع ثابتة، فالإسلام دين ككل الاديان إصلاحي النزعة، وليس ثورياً بحال من الأحوال، ومنبع ثوريته الوحيد - فكرة التوحيد المجردة - تم ردمه بالتهاويم الروحية والتهجمات العقائدية على الآخرين المثلثين بفعل كهنة السلاطين وشيوخهم.

(05-12-2010, 01:24 AM)العلماني كتب:  لنعد قليلاً الآن إلى كلام "ربعي" أمام ملك الفرس الذي يلوكه الإسلاميون اليوم والذي يدعو إلى الانتقال بالعباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. لنعد ونقول أن هذا الكلام "حكي فاضي" وجملة منمقة يستطيع أن يتاجر بها "محمد عمارة" ومن هم على شاكلته، ولكنها لا تستطيع أن تصمد أمام قليل من المنطق، إذ ما معنى أن ننقل العباد من عبادة إلعباد إلى عبادة رب العباد والإسلام لم يحرم العبودية؟ وما هذه الحرية المرهونة بالانتقال من "عبودية إلى عبودية"؟ ومتى أنجبت العبودية "حرية"؟ وما هذا التحرير الغريب العجيب الذي يستعبدك ليس في علانيتك فقط، بل في سرك وعلانيتك؟ فإله المسلمين إله كثير الطلبات لا يتركك في النهار ولا في الليل. فأنت أمامه عبد أوله نطفة وآخره عذرة كما يقولون، وعليك أن تتقدم إليه كل يوم ذليلاً تصلي وتسبح ابتغاء مرضاته. وعليك أن تطيعه طاعة عمياء في التعزير والجلد والرجم واغتصاب حقوق النساء وضربهن (ضرباً غير مبرح طبعاً) وإطاعة ولي الأمر، كما عليك أن تطيعه في الزواج والميراث وفي دينك ودنياك باختصار. وبعد ذلك كله تتفوه بكلمة واحدة في غير مكانها فيضعك في النار "سبعين خريفاً". وهو في كل ذلك قد وضع حولك جواسيسه (منكر ونكير) يحصون عليك جميع تصرفاتك ويسجلونها في كتاب معلوم.
طيب، هل هذه حرية؟ إذا كانت هذه حرية فمرحباً بالعبودية. هنا تذكر، أنك قد تكون مسلماً وعبداً أيضاً (فالإسلام كما قلنا لم يحارب العبودية البشرية) بمعنى أن عليك أن تتحمل العبودية تجاه بني جلدتك وعبوديتك تجاه ربك، فهل هذه حرية؟ (مرحبا حرية ).

يا صاحبي، جملة "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" هي عدوانية بامتياز عندما لا يكون لك خيار إلا قبولها أو الموت. إنها قبول رسالة دينية بالإكراه وهذا معناه "اغتصاب ضميرك ووجدانك" أو "الموت" دونهما. طبعاً، تستطيع أن تكون مثل "كثير من العرب" الذين خافوا من سيوف المسلمين وارتدوا بعد ذلك (ولم ينفعهم ارتدادهم) أو أن تكون مثل "أبو سفيان" الذي أسلم عشية فتح مكة، عندما علم أن الأمر قد قضي ولم يعد ينفع للزمن الآتي إلا ركوب الموجة.

لا أختلف معك في الرؤية العامة، وإن كان رأيي أن ما تقوله ينطبق على كل الاديان السماوية بتنويعات مختلفة وبتفاصيل أخرى، وليس الإسلام وحده.

(05-12-2010, 01:24 AM)العلماني كتب:  4) هل الانتقال من "تعدد الآلهة" إلى "عبادة الإله الواحد" عبارة عن "تقدم اجتماعي"؟
لا أعتقد بأن للمجتمع والاجتماعيات شأن في هذه المسائل اللاهوتية المعقدة. فهل هو تطور عقلي؟ إذا أردنا أن نوافق على هذا الزعم فإننا نكون قد وافقنا أن مجتمع الجزيرة العربية أعلى شأواً، على الصعيد العقلي، من مجتمع اليونان القديمة (تعدد آلهة)؟ فهل أنت متأكد أن مستوى تفكير "عرب الجزيرة" وقتها كان في مستوى تفكير "سقراط" و"أفلاطون" الذين آمنوا بتعدد الآلهة؟ بالمناسبة، هل تعلم يا "مجدي" بأن "الفيلسوف الألماني هيجل" آمن في فترة من حياته بتعدد الآلهة وركض خلف آلهة اليونان؟

نعم لهذه المسألة علاقة بالتقدم الاجتماعي، فتعدد الآلهة مرتبط بالتعدد القبلي -الجزيرة العربية-، وحتى الحضري - مصر القديمة-، ام الإله الواحد فتمثله في الواقع سلطة واحدة، كما يتعارض منطقياً مع تعدد السادة الأرضين، بل ومع وجودهم ذاته إذا فهم على حقيقته

ولا يعني هذا بالضرورة ان المجتمع القبلي كان اعلى عقلاً من اليوناني، بقدر ما يثبت نظرية ماركس في التطور الحلزوني () للتاريخ، فكما هناك شيوعية بدائية واخرى حديثة لم تتحقق بعد، فلا يوجد ما يمنع حدوث المثل على صعيد الأفكار.
كما انه بالنسبة لهيجل، فعلينا أن ننتبه لنقطتين هامتين، اولاً : للبشر نزواتهم بما فيهم المفكرين العظام، ثانياً وهو الاهم، هيجل العظيم الذي نعرفه ليس بالضرورة هو هو هيجل ابن العشرين او الثلاثين, ولو انتفي عنه التطور لانتفي العلم برسوخ الجهل، باعتباره الحالة الأصلية في الإنسان