عيون وآذان (هل نفذت اسرائيل شيئاً من القرارات الدولية عبر السنين؟)
الجمعة, 28 مايو 2010
جهاد الخازن

سألت قبل أسبوعين وسألت أمس وأسأل اليوم هل هناك دولة منذ سقوط النازية أكثر وحشية من اسرائيل؟ هي الدولة النازية الجديدة أو الفاشستية الوحيدة في العالم اليوم، فقد قامت على سرقة أرض ناس آخرين، وقتلت ودمرت وشردت، وفي حين أنها لم تملك الشرعية الأخلاقية يوماً، فإن حروبها منذ تأسيسها وقراراتها وإرهابها أفقدتها الشرعية القانونية التي نالتها عبر الأمم المتحدة.

الكل اليوم يتحدث عن القرار 1701 الذي أنهى حرب صيف 2006 على لبنان، وكانت مسماراً آخر في نعش الشرعية الإسرائيلية. هل هو القرار الوحيد لمجلس الأمن الدولي الذي له علاقة بإسرائيل، أو هل إن حزب الله وحده ينتهكه؟ أو هل إن اسرائيل لم تنفذه يوماً فتواصل احتلالها أرضاً لبنانية، وتنتهك الأجواء وتجتاح كما يحلو لها؟

ثمة عشرات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي ضد اسرائيل، وهذه لم ينفذ أي منها بتواطؤ الدول نفسها التي تتحدث اليوم عن القرار 1701 كأنه القرار الوحيد في تاريخ المنطقة، وتكافئ اسرائيل بضمها الى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

بعد القرار 181 سنة 1947 الداعي الى تقسيم فلسطين هناك عشرات القرارات التي لم تنفذها اسرائيل، فالقرار 194 الصادر عن الجمعية العامة في 11/12/1948 أعطى اللاجئين الفلسطينيين حق العودة الى بيوتهم وأراضيهم في اسرائيل، والقرار 242 الصادر عن مجلس الأمن بعد حرب 1967 قال إن احتلال أراضي الآخرين بالقوة غير شرعي، والقرار 3236 للجمعية العامة في 22/11/1974 أعطى الفلسطينيين حق تقرير المصير، والقرار 446 لمجلس الأمن في 22/3/1979 قال إن المستوطنات غير شرعية، والقرار 1397 لمجلس الأمن في 12/2/2002 أعاد تأكيد حق الفلسطينيين في دولة.

أمامي بضعة عشر قراراً تدين اسرائيل لاعتدائها على أراضي مصر وسورية والأردن، ومقر منظمة التحرير في تونس، وقرارات أخرى تدين ترحيل المدنيين الفلسطينيين من بلادهم.

ثم هناك عشرات القرارات التي تدين تغيير معالم القدس، وأكثر منها أو في عددها القرارات التي تدين اعتداءات اسرائيل على لبنان، ونقرأ إدانة للهجمات على لبنان ومطالبة بالانسحاب من أراضيه، ثم إدانة لانتهاك سيادته، وأخرى للهجوم على مطار بيروت المدني سنة 1968، ومثلها لعدم التعاون مع الأمم المتحدة.

عشرات القرارات، أو أكثر من مئتين، تدين اسرائيل وتطالبها بما لم تنفذ يوماً، ثم لا أسمع إلا عن القرار 1701 وكأنه القرار الوحيد في تاريخ الجريمة ضد الإنسانية التي اسمها اسرائيل. وأسأل هل كان حزب الله وجد أصلاً لولا اجتياح لبنان سنة 1982؟ وهل نفذت اسرائيل شيئاً من القرارات الدولية ذات العلاقة عبر السنين، وصولاً الى القرار 1701 نفسه؟

وجدت على الإنترنت قائمة تضم 223 قراراً ضد اسرائيل، والقرار 1701 يحتل الرقم 222 بينها، ويليه قرار يدعو الى وقف كامل للقتال بين اسرائيل وحماس، ما يرجح أن القائمة غير كاملة.

أدين الجميع، من دون أن أكون جمعية عامة أو مجلس أمن. أدين دولة الجريمة اسرائيل، وأدين الغرب الذي كفّر عن جرائمه ضد اليهود عــلى حسابنا، وأدين الدول العربية وشعوبها وأنا منها ومدان مثلها. لم يبقَ عندنا رجال، وفي الإنكلــيزية يــقولون عن الرجل الرجل إن عنده عمــوداً فقــرياً، ونحــن في لبنان نصفه بشيء تحت العمود الفقري، إلا أنه لا يصلح للنشر، فأعود الى اسرائيل.

المحامي اليهودي جيمس مارك ليز (هو من مجموعة محامين اسرائيليين تطلب الحرية لفلسطين ويجب ألا ننسى دعاة السلام) نشر نقداً لتقرير صادر عن معهد رويت، وهو مركز أبحاث اسرائيلي مقره تل أبيب، عنوانه «بناء جدار سياسي ضد نزع شرعية اسرائيل».

العنوان نفسه يعترف بأن شرعية اسرائيل أصبحت موضع تجاذب، والتقرير يقول إن هناك تهديداً جديداً يمثله النشطون في حقوق الإنسان، وعملهم لنزع شرعية الحكومة الإسرائيلية.

المحامي ليز يستخدم مادة التقرير ليثبت من خلالها ما يحاول مركز الأبحاث مقاومته، وأختار باختصار من كلامه أن التقرير:

- يثبت طلبين لدعاة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات، هما: إنهاء الاحتلال، ومنح الفلسطينيين العرب في اسرائيل حقوقاً مساوية.

- يعترف بأن اسرائيل ستصبح دولة منبوذة إذا فشلت في إنهاء الاحتلال ومنح حقوق متساوية.

- يؤكد الحاجة الملحة لإنهاء الاحتلال ودمج الفلسطينيين في المجتمع الإسرائيلي.

- رغم ذلك يقول إن الحقوق المتساوية تعني نهاية اسرائيل.

- يوافق على ضرورة أن تحتفظ اسرائيل بالقدرة على شن هجمات «قاسية» من طرف واحد.

الدراسة طويلة ونقدها مركّز وواضح، والموضوع هو أن شرعية اسرائيل، أو عدم شرعيتها على وجه الدقة، أصبحت موضوعاً مطروحاً، ولا فضل في ذلك لأي فلسطيني أو عربي آخر، وإنمـا السبب هو جرائم اسرائيل المستمرة، ثم نشاط جماعات حقوق الإنسان حول العالم من الجامعات الأميركية الى داخل اسرائيل نفسها.

ثم أسمع عن القرار 1701 كأنه القرار الوحيد الصادر في 62 سنة من احتلال مستمر.