عزيزى THE OCEAN

لقد ارجعت لى هذه المناظرة ذكريات قديمة وقد كنت قريب (بحكم السكن والجيرة) من بعض اعضاء التيار الدينى فى كلية الطب فى هذا الوقت وكانت من ضمنهم زوجة الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح د. علياء وهى من اول من ارتدى نقاب فى مصر.

لقد كانت مجموعة متقنة لعلمها (نعم لعلمها) وتملك رؤية جديدة على المجتمع المصرى بعد خروجه من براثن الشيوعية التى كانت متفشية ، وقد كان السادات مضطرا فى البداية لأن يلعب بالتيار الدينى لتصفية الشيوعية ، ولكن اللعب بالتيار الدينى فى مجال السياسة هو خطورة كبيرة ، فالتيار الدينى من السهل تفتته الى اجزاء مشتعلة يواجه بعضه بعضا ويواجه الحكومة نفسها التى سمحت له بأن يأخذ دورا على الساحة السياسية، ولا يصلح التيار الدينى إن لم يكن تيارا واحدا فى الدولة ويكون الحاكم هو المثل الاعلى فى الالتزام ، ولكن ان يتم استخدام التيار الدينى لهدف سياسى فتلك غلطة كبيرة وقد وقع فيها السادات.

ولكن السادات مثله مثل اى حاكم له رؤية تصيب وتخطئ ولكن لا يمنع ان الرجل كان له بصيرة سياسية ، واذكر كلمة قالها لى احد قضاة الاسكندرية .. أنه فى نهاية السبعينات زارهم السادات وجلس يتحدث معهم وقال لهم انه لابد من الاهتمام بتحسين العلاقة مع الولايات المتحدة ، فالاتحاد السوفيتى سينهار فى خلال عشر سنوات او اكثر قليلا... ويقول لى المستشار انه خرجنا من الاجتماع ونحن نقول كان الله فى عون مصر ان يتولى مثل هذا الحشاش المخرف امرها، كيف ينهار الاتحاد السوفيتى. وقد اثبتت الايام حسن رؤية الرجل وبصيرته.

الرئيس عبد الناصر والرئيس السادات والرئيس حسنى مبارك كل منهم له رؤية وكل منهم له حسنات وله مساوئ ، ومن اكبر المشاكل التى تقابل الرؤساء هى الحلول الرمادية والتى تتدرج رماديتها بين الابيض والاسود وهى معظم مواقف الدولة حيث لا يوجد ابيض فقط ولا اسود فقط واللاعب فيها ليس رابح وخاسر ولكن رابحون بنسب متفاوتة وخاسرون بنسب متفاوتة.

وقد اقتربت من اتخاذ القرار على مستوى الدولة ورأيت كيف يتم حسن النية من الحاكم والرغبة الصادقة للافضل وكيف يتم نهاية رغبة الحاكم على يد المنفذين لتصبح قرارات الحاكم مشكلة للمواطن رغم انه كان يريدها لخير المواطن.

الحاكم لا يملك عصا موسى ولا خاتم سليمان ولكنه رئيس لفريق عمل تختلف اهوائهم ومصالحهم واسلوب عملهم ورؤيتهم.

وارى ان مفهوم السادات عن الحرية لم يكن مكتملا او فرضت عليه الظروف ان تكون حرية منقوصة.

ولم تكن هناك حرية فى ايام السادات ولكنها كانت اكثر من ايام عبد الناصر وهى اكثر فى ايام حسنى مبارك ، ولكن حتى الآن لم نصل للحرية الحقيقية.

قد تكون الحرية الحقيقية هى القدرة على تنفيذ القانون على الجميع مهما كانت مراكزهم.