(06-19-2010, 05:01 PM)مواطن مصرى كتب:  الزميل السلام الروحى

ما تقوله عن مصر وشعبها هو قول انفعالى قد يعبر عن شخصك ولكن لا يمت للحقيقة بصلة ، فلو كانت مصر كما تقول ما كانت اول دولة عربية تحصل على استقلالها من الاحتلال وما كانت قبلة المتطلعين للاستقلال من العرب او من افريقيا، ومثل هذا الموقف لا علاقة له بالفرعون او المملوك ولكن له علاقة بالوعى والضمير الانسانى.

أما كونك لم تفهم معنى ان الشعب المصرى هو اول من عرف الزراعة وهذه فى حد ذاتها تجعله متعود على الارتباط بالارض وتحمل الظروف السيئة وعدم ترك الارض حتى لو حكمه طاغية ، فكما تعود ان يزرع الزرع ويصبر عليه ويراعيه فقد تعود على الصبر على المكاره حتى تظنه غير قادر على فعل شئ وتفاجأ منه بما لا يخطر ببالك، وهذه حقيقة تاريخية سجلها علماء الحملة الفرنسية عن طبيعة المواطن المصرى.

ولا تنسى او تتناسى ان مصر كانت وستظل قلب العروبة بحكم محبة العرب لها كشعوب منصفة للحق ولا تنسى أو تتناسى ان مصر تجمع بين منارة العلم فى الاسلام وعرش البابوية الشرقية فى المسيحية ، ولن تخسر مصر دورها بسبب ظروف حالية ولكنها ستظل مصر الأخ الاكبر للدول العربية بغض النظر عن رأيك فهو لا يعبر إلا عنك وعن من هم مثلك.

ولكن فى الازمات فالكل ينادى مصر ويجدها ، أم إنك لا تتذكر حروب الخليج وموقفها العسكرى ... إن كنت لا تعرف فإنى اريد ان اخبرك بأن من أخرج ايران من شبه جزيرة الفاو بخسائر غيرت مسيرة المعركة ودفعت ايران لقبول وقف اطلاق النار والبدء فى المفاوضات هى مصر .... وأن مصر التى اضطرتها الظروف التى وضعت العراق نفسها فيها لأن تدخل جيوشها ضد الجيوش العراقية .. فقد قالها العراقيون أنفسهم عند تحرير الكويت .. قالوا إن المدفعية المصرية كانت تلجأ لاستخدام طلقات الدخان التحذيرية المتعارف عليها عسكريا حتى نخلى المواقع المتواجدين فيها ثم تقصفها وبهذا فقد حافظت الشقيقة مصر على أرواح العراقيين فى الحرب ما استطاعت لذلك سبيلا.

لسنا دعاة حرب فراعين ولسنا مماليك اذلاء ولكننا أمة لها تاريخ وإن حادت عن ركب التاريخ بسبب سوء الادارة لفترة فلن تحيد عن الحضارة كثيرا وستعود وستظل مصر هى بيت العرب الكبير سواء شئت أم أبيت. وهذا ليس كلامى ولكن كلام قاله التاريخ عبر آلاف السنين وانظر كم مرة علا نجم مصر منذ بدء الحضارة وحكم ضميرك.

بالنسبة يا عزيزي لإشارتك إلى استقلال مصر فالوضع يختلف لأن الشعب يكون متحدا ضد محتل خارجي ولكن المشكلة تكون عندما يخرج المحتل فيواجه الشعب ثقافته الداخلية تجاه نفسه ومكوناته وعندها تظهر ثقافة الإذال التي أشرت لها فالفرد المصري هو من يذل نفسه من خلال إذلال غيره بفرعنته فهو الفرعون وهو المملوك بذات الحال من خلال موروثه ، وليس هو قولي عنه ، وما وصفي إلا مجرد عرض نتائج أمام عينيك حيث تتمنى الخروج من هذا الوضع البائس والمزري لشعب يفوق السبعين المليون نسمة يرزح تحت استبداد بداية من الحكم الناصري الذي يحب أن يرى فيه البعض مثار (عزة) مرورا بحكم السادات الذي يحب أن يرى فيه البعض مثار( واقعية) وانتهاء بحكم مبارك الذي يثحب أن يرى فيه البعض مثار ( استقرار).
وفي العمق والجوهر فكلها مثار أحلام وأوهام واستعباط ، الحلم الناصري والوهم الساداتي والاستعباط المباركي ولا نصر ولا سيادة ولا بركة!
فنرى هنا من أشغل نفسه بالحديث عن شخصيات الحكم كل حسب هواه لما يهوى ، ولكن العامل المؤثر ليس تلك الشخصيات بسلبياتها وإيجابياتها ولكن بالحاضنة الشعبية التي انتجتها والموروث الذي غذاها وسقاها وخنع لها.
اأما لزميل قطقط بموضوعه وردوده وروابطه يلمح إلى عامل العرب والإسلام حتى يصوب على هذه الأزمة ورأى حل اللغز يكمن في المسيحية!
أما حديثك عن دور مصر بالعراق مع الطاغية صدام ثم مع الغازي الأمريكي فسياسة النظام الحاكم ولا دخل لها في محاولة تشخيص علة مصر الداخلية.
لن أقول لك أتمنى أن تتجاوز مصر أزمتها لأني لا أومن بالتمنيات وهي مجرد حبوب منومة عن رؤية الداء ، ولكني اتمنى أكون مخطئا في تحليلي فأنا مجرد شخص متابع على خشبة المسرح وأرى التراجيديا والكوميديا أمام عيني ماثلتنان.

تقبل ودي