يبدو أن الأمور اختلطت على بعض المشاركين، علينا التفريق بين أمرين وهما الدفاع عن النظام العلماني وبين الإسلامافوبيا... علينا الانتباه من ألا ننزلق من الدفاع عن العلمانية إلى مستنقع العنصرية والإسلامافوبيا.

أنا مؤيد لنظام جمهوري علماني لكنني لا يعجبني كل ما يحدث في فرنسا وأوروبا، ولنأخذ مسألة "المهرجان" لا يدور الحديث عن مهرجان عريق قام المسلمون بالضغط لإلغائه بل عن تظاهرة دعت إليها منظمات يمينية عنصرية جل غايتها المعلن هو استفزاز مشاعر المسلمين (أكل لحم الخنزير والخمر أمام المسلمين لا لشيء سوى لاستفزازهم). في النظام الديموقراطي على المتظاهرين الحصول على موافقة السلطات وهو ما لم يحصل نظرا لطابعها العنصري الواضح.

هل كان ستحدث كل هذه الضجة لو قامت منظمة يمينية بعمل حفلة شواء للحم خنزير بالحليب والشريمبس في حي يهودي يوم السبت مثلا لحماية النظام العلماني من الساميين مصاصي الدماء... كان العالم سيقول أنها لا سامية أما عندما يقوم البعض باستفزاز المسلمون فهم أبطال يحملون لواء الحرية والعلمانية. صحيح لبعض المسلمين حساسية زائدة للنقد حول دينهم وتوجهات لا ديموقراطية، كما أنه بما أن العلمانية لم تتغلغل في المجتمعات المسلمة فالسخرية من دينهم تثير جموع المسلمين (مع العلم أنني لم أرى أي دين يتقبل السخرية، فحتى فيلم دوغما مثلا أثار معارضة الكنيسة وقبله فيلم حياة بريان الذي منع في أكثر من دولة أوروبية وفيلم آلام المسيح منع في إسرائيل)... الفرق أن البعض يستخدم القوة الناعمة لفرض آرائه (وفي الخفاء).

لا مفر من علمنة الدول العربية لتحديثها بحيث تعتمد على مفهوم المواطنة ويسمح لكل إنسان أن يمارس ديانته (في حدود القانون). قد يكون الحجاب فرضا يحد من حرية المرأة لكن الحل ليس بمنع المرأة من ممارسة حريتها الشخصية في لبسه بل في التعليم وتوفير حماية تضمن عدم فرض الحجاب على من لا يرغبن بذلك... أما قضية النقاب في أوروبا فقد تم المبالغة بأهميتها الحديث عن 200 مرأة في فرنسا (من أصل ملايين) وقد قامت المخابرات الفرنسية بإحصائهم!!! (الحديث عن الفرنسيات وليس عن السائحات من الدول الإسلامية) سأتفهم لو منعت المنقبة من سواقة السيارة أو فرض عليها أن تظهر وجهها للتأكد من هويتها مثلا عند التصويت لكن منع النقاب هو أشبه بقتل الذبابة بقنبلة نووية فعدد المنقبات قليل جدا ولا يحوج هذا تشريع القوانين بمنعه فذلك أولا تدخل بحرية الملبس وثانيا يجعل من قضية ثانوية يمكن تجاهلها رمزا