اقتباس:المشكلة في هذا المنطق الدائري هو بعده تماماً عن إقتراح أي حل منطقي...فلا تتوقع أن يستيقظ المجتمع "العنيف الفاسد" يوماً ما ويتخذ قراراً واعياً بأن يحاكم موروثه وثقافته و أخلاقياته ليصل إلى شكل جديد يمارس "الديموقراطية" في حياته اليومية ليحصل تباعاً على كرامته وحقوقه ومواطنته المسلوبة بشكل أتوماتيكي...كده بدون قوانبن أو تعليم أو تغيير في حياته.. حل كهذا رده هو المثل المصري "موت يا حمار" ..

قد لا تلوم الحكومة على فساد المجتمع ولكنك يجب أن تلومها على عدم القدرة على تحسينه....عجزاً أو لغرض في الصدر...

اوافق تماماً على ورد في الفقرة اعلاه عزيزي أحمد طارق .. نعم .. إن المجتمعات البشرية تتطور عادة من مجتمع يحصل فيه افراده على حقوقهم بانفسهم ولو بالعنف ! (وبغض النظر عن وجود حق من الأساس من عدمه !!!) متجاوزين دور الدولة ومؤسساتها (مجتمع كل مين ايو الو وفق منطق مسلسل حمام الهنا ) إلى مجتمع دولة المؤسسة التي تمارس السلطة فيه دور وسيلة اقتضاء الحقوق .. وهنا اتفق معك ومع كلام العزيز السلام الروحي (وربما العزيز طريف) في تحميل السلطة جزءاً من مسؤولية المحافظة على ثقافة العنف (المتجذرة اصلا في المجتمع بشكل سابق على وجود السلطة) وذلك عندما تهمل السلطة في القيام بواجبها بترسيخ الثقافة المنافسة لثقافة العنف وهي: ثقافة احترام القانون .. فعندما تضعف ثقة المواطن بالسلطة كجهاز محايد ومنصف لا بد أن يلجأ الى الوصول إلى حقه بوسائله الشخصية .. ليس حباً في العنف .. وانما يقينا منه بضعف دور السلطة في الوصول إلى حقه ..

كما اتفق معك في السؤال الحيوي والمحوري: ما الحل ؟ ما العمل ؟ كيف نغير ثقافة العنف ؟ ..

اتفق معك تماما في ان جانباً من الحل يمكن في تحمل الدولة مسؤوليتها في اقتضاء حقوق الافراد من خلال مؤسساتها (الشرطة، القضاء، السلطات البلدية، ..الخ) .. ولكن هناك ايضا مستوى آخر من الحل يمكن في التثقيف المجتمعي والتربوي ..

لاحظ عزيزي أحمد نوعية القيم التي تكرسها أنماط معينة من الأدبيات الشعبية التي مازلت تعلي من مكانة الفتونة والزكرتية والقبضايات وتحيطهم بهالة من الابهار المجتمعي .. مثل هذه الثقافة تعمل بشكل نفسي على ترسيخ قيم العنف كوسيلة للوصول إلى الحق ولو كان ذلك على حساب العدالة .. بل إن هذه الثقافة تشكل في احيانا كثيرة عامل ممانعة تجاه ترسيخ ثقافة دور السلطة في اقتضاء الحقوق باعتبار أن توسط الدولة في الوصول إلى الحقوق هو أمر معيب لا يتناسب مع الرجولة التي تعني اقضاء الحق بالذراع !!!! ..

يبدو لي أن جانباً من حل المشكلة (فضلا عن تفعيل دور الدولة) يمكن في تغير أنماط وسلوكيات وثقافات المجتمع نحو ترسيخ ثقافة التعامل الإنساني والحضاري (تسود في الثقافة اليومية المجتمعية في سورية نمط من التربية تعتبر أن سكوت المرء على ايذاء وقع عليه (حتى وإن كان الايذاء محقاً ) نوعاً من الإهانة التي لا يصح السكوت عليها، بل لا بد من الرد الصاع صاعين وزيادة !! وهكذا نعلم أبناءنا كيف يغرقون في دوامة العنف والعنف المضاد ! .. أذكر أن أحد اقرباءنا جاءه ابنه الصغير وهو رث الملابس .. وعندما سأله الأب عن سر هذه الهيئة اخبره الإبن انه كان في معركة مع بعد صبيان الحي، فعنفه الأب بقوة ( لا لأنه دخل في معركة) بل لأنه لم يربي صبيان الحي ويشبعهم ضرباًًً !! .. فمن المسؤول عن هذه الثقافة ؟ وما هي النماذج التي ستنتجها ؟؟) ..

مع التحية .