مساجدنا والطاقة المهدرة
م. عبدالرحمن بن إبراهيم الفايز
تزخر مملكتنا الحبيبة بكثير من المساجد على اختلاف أحجامها وكبر مساحاتها. يتسابق طالبو الأجر إلى تشييد المساجد طلباً للأجر والمثوبة، وهذا شيء جميل ولله الحمد، ولكن يتم بناء بعض تلك المساجد من دون دراسة جادة للحاجة الفعلية التي على ضوئها يحدد حجم ذلك المسجد، الذي يشيد ليتسع لأكثر من عشرين صفاً بينما لا يصلي فيه فعلاً سوى صف أو صفين، وهذا يحتاج الى تكاليف باهظة للتشييد والإنشاء، ثم يحتاج الى تكاليف تشغيلية عالية تتمثل في التكييف والإنارة. فكثير من المساجد والجوامع نرى أن أسقفها عالية جداً وبها قبب زجاجية، وكذا أغلب الواجهات من الزجاج الذي قد يكون غير معزول فهذا النوع من المساجد يحتاج الى طاقات عالية من الكهرباء للإنارة والتكييف، يعمل أغلب أوقات اليوم من دون مراعاة لقيمة تلك الطاقة والتكاليف التشغيلية اللازمة لتوفيرها. فلو خصص جزء من المسجد لتأدية بقية الصلوات المفروضة من دون الحاجة لتشغيل المسجد كاملاً لاستطعنا توفير طاقة عالية إذا حسبناها على عدد المساجد المنتشرة في كل مدينة.

وما جعلني أتطرق لمثل هذا الموضوع هو ما نراه من هدر متعمد لتلك الطاقة من دون مراعاة للتكاليف التشغيلية اللازمة لتوفيرها، وكذا حاجة الغير لها. فقد رأيت في أحد الجوامع في مربع 9 بحي الياسمين شمال مدينة الرياض مثالاً حياً لمثل هذا الإهدار المتعمد للطاقة حيث يضاء المسجد بعدة كشافات كبيرة مركبة في جدران المسجد تعكس الضوء على الجدار والسقف، إضافة الى ثرية كبيرة تحت قبة المسجد إضافة الى أربع ثريات جانبية أخرى تحوي في مجملها حوالي ستمائة لمبة غير الكشافات، تضاء جميعها منذ ضحى يوم الجمعة رغم الجوانب الزجاجية للقبة وكذا الواجهات الجانبية للمسجد وكأنها في تحد صارخ مع أشعة الشمس التي تكفي لإضاءة المسجد، وقد طلبت مع أحد الأخوان من مؤذن المسجد إطفاءها لعدم الحاجة لها، ولأنها تولد حرارة عالية تحد من كفاية التكييف بالمسجد فوعد خيراً، وذهب وكان الأمر لا يعنيه، ولم يحرك ساكناً حتى كتابة هذه الأحرف وهي ملاحظة نسوقها للمعنيين في وزارة الشئون الإسلامية، وكذا الشركة السعودية للكهرباء لعمل جولات تفقدية لمثل هذه الحالات التي يجب أن تتضافر الجهود لمعالجتها والتقليل من اثارها.

والله من وراء القصد.