(07-07-2010, 01:31 AM)إبراهيم كتب: وتحديث الإسلام من شخص من داخل الإسلام هل فعلا ينجح؟ ومن يتجاوب معه؟ وحتى لو افترضنا وتجاوبت معه فئة مستنيرة قليلة من المسلمين فهم في اعتقادي ليس سوى مجموعة من أصحاب الاعتقاد الربوبي theists مع الاستبقاء على مظلة الإسلام و"بمزاجهم".
لربما يكون سؤالي عندئذ: من يتبع الإسلام الحداثي؟ إسلام حداثي وبدون إقصاء؟!! وينو هو؟
اسمح لي يا عزيزي ابراهيم أن أوضح وجهة نظري هنا أن المنهجية التي اتبعها نصر حامد في التعامل مع النص المقدس مبنية على أنه مفتوح على قراءات متعددة ولا نهائية ، بمعنى آخر لا يوجد جوهر تطبيقي للإسلام على الأرض ، فعندما يقرأ شخص هذا النص فإنما يقرأه بلسانه ويسمعه بأذنه ويفكر فيه بعقله ، وبالتالي فلسانه وأذنه وعقله مؤنسنة ، وبهذا يتحول النص من كونه مقدسا إلى كونه بسبب أنسنته هذه من خلال أدوات التلقي الإنسانية إلى كونه " مدنسا" بحيث لا يحمل قدسية أو مشروعية حاكمة لازمة.
وبهذا فإن المرجعية تكون للإنسان ابتداء ويعبر عنها عن طريق الحرية كقيمة أصيلة متجذرة وأصلية ينتج منها كل شيء بما في ذلك الدين نفسه ، فالدين هو نتاج الحرية كما الشعر والأدب والفن والمعارف ، فلولا الحرية لما ظهر الدين ، فالنبي محمد مثلا مارس الحرية بدعوة أهل مكة وبكونه إنسانا لا ملاكا كما أشار القرأن بذلك أنه بعث رسولا بشرا كون المرسل لهم بشر ولو كانوا ملائكة لأرسل لهم ملاكا مثلهم ، يعني ان المرجعية إنسانية وعبر عنها بالوحي عن طريق الحرية.
وعليه فنصر حامد يقر ضمنا أنه يقدم قراءة للنص من ضمن قراءات متعددة ولا نهائية ، وحتى أن القراءات التي تقدم نقدا للإسلام فهي تقدم قراءات كذلك ولكنها سلبية ولا يمكن أن تكون صحيحة ، بمعنى أنها تملك الحقيقة ، كما أن القراءات الإيجابية لا يمكن أن تكون صحيحة ، بمعنى أنها تملك الحقيقة كذلك ، وعليه لا معنى لأن بوضح شخص موقفه الخاص هنا من الدين قبولا على نحو ما أو رفضا على نحو آخر.
وبهذا إذا اعتمدنا على أن المرجعية إنسانية تنطلق من الحرية منعنا أي توظيف لقراءة دينية من أن تحتكر حقيقة الدين لنفسها وتفرضه على الأخرين ، فآولئك يقولون أن مرجعيتهم قال الله وقال الرسول ، ولكن هل فعلا ما يقولونه هو ما قال الله وقال الرسول أو ما تقوله ألسنتهم وتسمعه آذانهم وتفكر به عقولهم الإنسانية المؤنسنة؟
بطبيعة الحال إن ما يقولونه هو نتاجهم الإنساني حيث أن المقياس الذي يمكن أن يرجع له للفصل بهذا الشأن في الفكر الإسلامي قد توفي وهو الرسول وعلى ذلك نرى كيف تقاتل الصحابة بعد فترة وجيزة من وفاة الرسول نظر لأن المقياس الذي يمكن أن يفصل لهم قد انعدم وجوده بينهم ، ومن بعد وفاة النبي وحتى هذا الوقت المشكلة هي ذاتها ، لا يوجد مقياس وهذا أدى للاختلافات حتى التقاتل بين المسلمين أنفسهم ، والاستمرار بالتعامل وكأن المقياس موجود لدى طرف معين بقوله قال الله قال الرسول ويعني به قراءاته وفهمه سيعني رفض الطرف الآخر ونفيه.
والخلاصة هناك فرق بين الدين كونه نصوص مقدسة والفكر الديني الذي يتناول هذه النصوص كونه لا يحمل أية قدسية بحيث يستمدها من تللك النصوص نظرا لما أوضحته أعلاه؟
وبناء على ما تقدم لا يمكن القطع بإيمان أبو زيد من عدمه فعوضا أنه لا فائدة ولا معنى لذلك فإن تفاعل الإنسان الذاتي مع الغيب لا يمكن تبينه فلا شيء مطلقا يمنع أن أبو زيد مؤمن بالنبي محمد من خلال إلهام غيبي للنبي جعله يبدع القرآن من ذاته ابتداء ولا أحد يستطيع أن يحدد أن إيمان أبو زيد هذا يوافق مع الإسلام أو يختلف معه اعتمادا على منهج أبو زيد في انفتاح النص الديني وتعدده ولا نهائيته بحيث لا يمكن لأحد أن يدعيه بقراء سلبية او إيجابة للنص الديني.
بقيت الإشكالية التي طرحتها عن أن الواقع على الأرض لا يحفل بمثل هذا وهذا مرتبط بجوانب أخرى بالمنطقة قوى داخلية وخارجية قوى استبدادية وقوى غازية تخدم بعضها بعضا لو تغيرت لنفتحت إمكانية خلخلة هذا الواقع المزري ما يؤسس للمنهجية التي ابتناها نصر حامد أو زيد.
تحياتي..