حبيب البي يا علي
اقرا المقالة التالية لكاتب فلسطيني رائع

شهران أميري: مقلب إيراني لأمريكا والسعودية



زكريا محمد



يتضح تدريجيا، في يبدو لنا، أن شهران أميري، العالم النووي الإيراني المفترض الهارب، كان فخا إيرانيا وقعت فيه الرياض وواشنطن.

فقد ادعت إيران في العام 2009 أن أميري ذهب ليؤدي العمرة فاختطفه الأمن السعودي، وسلمه لأمريكا.

نفت السعودية بالطبع ذلك، كما نفته أمريكا. غير أن النفي صار بلا معنى. فقد أميري يوم أمس في واشنطن، حيث وضعه أحد ما أمام قسم رعاية المصالح الإيرانية في السفارة الباكستانية في واشنطن، ومضى.

عليه، فقد كان هناك شخص اسمه أميري فعلا. وقد سيق إلى أمريكا من السعودية في أغلب الأمر. لكنه لم يكن منشقا. بل كان مقلبا إيرانيا للسعودية وأمريكا.

كان مقلبا ناجحا.

يعني أن المخابرات الإيرانية دبرت الأمر كله من ألفه على يائه، اغلب الظن. فقد سمحت لأميري أن يتصل مع الأمريكان على أساس أنه عالم نووي، وأنه يريد الهروب من إيران لكشف ما يعرفه عن البرنامج النووي الإيراني. وتم الاتفاق معه، في ما يبدو أيضا، على أن تكون فريضة العمرة هي ذريعة الخروج من إيران للهرب إلى واشنطن.

وابتلعت واشنطن الطعم. ظنت أنها دبرت فرارا لعالم نووي إيراني خطير، وأنها حصلت على الصيد الأكبر.

وهكذا سافر أميري إلى السعودية كي يؤدي العمرة، وهناك استقبلته المخابرات السعودية، وسلمته للمخابرات الأميركية. أما إيران، ولكي تكمل حبكتها المتقنة، فقد أعلنت أنه اختطف، وان السعودية سلمته لأمريكا، وطالبت بإعادته فورا.



لا ندري، بالطبع، ما الذي قاله أميري للمخابرات الأميركية. لكننا ندري أنه قال ما لقنته له المخابرات الإيرانية. كما لا ندري إلى أي حد تمكن من تضليل الأمريكان، وإن كانت الخطوات السياسية الأميركية في العام السابق كله قد تأثرت بما قاله. لكننا نخمن أن المخابرات الأميركية أذلت إذلالا كبيرا في عملية شهران أميري. لقد ابتلعوا الطعم الإيراني بسهولة، وبدوا كالبلهاء.

هكذا تبدو الأمور لمراقب من بعيد.

والآن، وبعد أن فعل شهران فعلته، وانتهت مهمته بالنجاح، فهو يريد العودة إلى بلدة. لقد قام بعملية جريئة كبرى، وغامر بنفسه، وهو يريد الآن أن يعود.

وهكذا بدأت تظهر له تسجيلات فيديو على الإنترنت، ويبثها التلفزيون الإيراني، تصرح بأنه اختطف من قبل أمريكا، وأنه ليس جاسوسا، وأنه هرب من قبضة المخابرات ويختبئ في مكان ما، وأن حياته مهددة من قبل خاطفيه. إنها حملة ضغط منظمة من قبله، ومن قبل إيران من اجل إعادته إلى بلده بعد أن حقق لها انتصارا كبيرا في حرب المخابرات.

وإذا كانت الأشرطة التي رأيناها قد صورت في أمريكا فعلا، فيكون شهران هو من دبر إنزالها على الإنترنت، بهدف كشف وجوده في أمريكا، والضغط عليها لإعادته إلى بلده.

لكن من المحتمل جدا أن تكون الأشرطة قد صورت مسبقا، وبتواريخ مقبلة، من قبل المخابرات الإيرانية قبل سفر أميري إلى العمرة، أي فبل هربه الكاذب الملفق، وأن هذه المخابرات بدأت بنشرها على الإنترنت كي تضغط لاستعادته، بعد أن انتهت مهمته بالنجاح.

ويبدو الآن أن حملة الضغط قد نجحت.

فقد ألقي أميري يم أمس أمام السفارة الباكستانية من أجل أن يتم تدبير طريقة لإعادته إلى بلاده. وهذا اعتراف من واشنطن بأن أميري عندها، واعتراف بأنها بالفعل بلعت الطعم. كما انه اعتراف بأنها لا تستطيع إبقاءه عندها لستر الفضيحة.

سيعود أميري إلى بلده. لن يقتل في اغلب الظن. ذلك أن قتله سيضاعف الفضيحة.



حسنا، يبدو أن واشنطن نجحت في السابق في الحصول على منشقين إيرانيين على علاقة بالبرنامج النووي الإيراني، لكنها فشلت هذه المرة. وهي سوف تفكر في المستقبل ألف مرة قبل أن توافق على الحديث مع منشقين مفترضين، أو أن تدبر لهم خروجا آمن لهم من طهران، عن طريق الحج أو العمرة.



كانت عمرة شهران أميري عمرة ناجحة بكل تأكيد.

وسوف يستقبل في طهران كبطل قومي.