(07-12-2010, 12:17 PM)ابن نجد كتب:  ..................
انت تضع بعض الحقائق / النتائج ، لكنها ربما تبدو لك انها كل الحقائق / الاسباب .

هل يمكن ان نفهم من ردك ان العلاقة التجارية والثقافية بين مصر والجزيرة هي السبب النهائي لتراجع مصر حضاريا ؟
هذا مانفهمه من مجمل هذا الرد .

ماعلاقة هذا كله برجوع عدد محدود من المصريين من الخليج بافكار دينية ؟
اين دور المصريين العائدين من الغرب؟
لماذا علماء مصر الكبار يعيشون بالغرب منذ اكثر من 3 و4 عقود ؟
.........................

الزميل المحترم ابن نجد .
أشكرك على مداخلتك الأخيرة ،و أرى أنها مقبولة جدا و تفتح الباب إلى حوار عقلاني يستحق المتابعة .
اسمح لي أن أحدد النقاط الأساسية التي سأوضح رأيي فيها لتكون الردود في سياقها ،و بالتالي نتحاشى سوء الفهم الذي يحدث غالبا نتيجة التباين في الرؤية التأسيسية لكلينا .
1- الموقف من العلاقة التجارية و الثقافية بين السعودية و مصر . و هل منع العمالة المصرية سيحل المشكلة في مصر ؟.
2- تنكر وجود علاقة بين التخلف و انتشار الأصولية .
3- أين دور العلماء في الغرب ؟.
4- لماذا أصبح تأثير الوهابية على المصريين شديدآ ؟
أولآ : العلاقات بين مصر و السعودية .
يا عزيزي العلاقات بين الدول محكومة بالمصالح و ليست العقائد أو النوايا ، و السعودية هي أوضح مثال في المنطقة على تلك الحقيقة . السعودية هي الحليف الأوثق للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة منذ أربعينيات القرن الماضي حتى الآن ، و ترتبط السعودية بالغرب أيضا بأوثق العلاقات و أقواها ، رغم هذا فالنظام السعودي يتناقض كلية مع النظم العلمانية الديمقراطية في الغرب ، كما أن المجتمع السعودي مجتمع سلفي تقليدي ،و هو أيضا نقيض المجتمعات الغربية الليبرالية . في الوقت نفسه كانت أمريكا هي العدو الأول للنظام الناصري في مصر ،و تحالفت أمريكا مع السعودية و إسرائيل لتدمير هذا النظام ، رغم أن النظام الناصري كان علمانيا ،و يسعى لتحديث المجتمع المصري و عصرنته ، أي لجعله أقرب للعالم المعاصر ، وهناك الآن في أمريكا ذاتها من يتحدث عن خطأ أمريكا في عداء الأنظمة التقدمية في المنطقة متحالفة في ذلك مع نظم و أحزاب ثيوقراطية .
النتيجة .. المصالح و ليست المبادئ هي ما تحكم علاقات الدول ،و العلاقات المصرية السعودية لا تخرج عن هذه القاعدة . مصر دولة مصدرة للعمالة ، في المقابل فالسعودية هي أكبر مستورد للعمالة في المنطقة ،و بالتالي فتصدير العمالة المصرية للسعودية هو نشاط إقتصادي مطلوب و لا غبار عليه و لمصلحة الطرفين . أكثر من هذا أرى ككثيرين غيري أن العلاقات العربية البينية هي دون المفترض كثيرا ،و لهذا لابد من تنميتها و دفعها للأمام ، و السعويدة بحجم ثقلها المالي و الإقتصادي يمكن أن تكون محركا قويا لتكامل اقتصادي عربي حقيقي .
المشكلة إذا ليست في العلاقات بين السعودية ( الدولة ) و مصر ، فهي جيدة و عنصر إيجابي في المنطقة ، و لكن المشكلة - كما أراها - في الأصولية الوهابية و تأثيرها على مصر و المنطقة ،و بالتالي دورها في تأجيج الصراع بين المسلمين العرب و العالم كله .
1- أكدت دائما أن المصريين هم المسئولون عن أنفسهم ، و لست ألوم أحدآ عن التردي الثقافي في مصر سوى المصريين .
2- لا أزعم أبدآ أن التأثير الوهابي على مصر هو السبب ( الوحيد ) للغيبوبة الثقافة في مصر حاليا ، بل تحدثت كثيرا عن أن الأصولية في مصر الحديثة أسبق كثيرا من الدور السعودي ،و ضربت مثلآ بقيام حركة الإخوان لمسلمين في مصر عام 1928 أي بعد ثورة 1919 بتسع سنوات لا غير !.و لكنني أقول أن النفوذ الوهابي و تغذية الأصوليين و الجهاديين بالمال السعودي هو عامل مضاعف multiplying factorللأصولية المصرية .
3- تنفرد السعودية دون كل دول العالم – الغنية - أنها ليست دولة وطنية بالمعنى الحديث ،و لكنها صيغة سياسية تمزج بين النفوذ السياسي لقبيلة بعينها هي آل سعود ،و بين حركة دعوية سلفية هي الوهابية ، ممثلة في رموزها و قادتها من آل الشيخ ، هذه الصيغة تدمج السلطتين التشريعية و القضائية في المؤسسة الدينية الوهابية ،و تعطي السلطة التنفيذية الواسعة لآل سعود . بالتالي تتيح هذه الصيغة للوهابية مواردا مالية هائلة ،و نفوذا سياسيا إقليميا طاغيا .
4- يتضاعف بل يتعملق هذا النفوذ في ضوء الفقر و الجهل و الفساد الذي يعصف بكثير من الدول العربية المحيطة بالسعودية كمصر و السودان و اليمن و الفلسطينيين و حتى الأردن وسوريا و... .
5- مع نجاح أمريكا و السعودية و إسرائيل في هزيمة التجربة الناصرية القومية ،و تحول مصر تحت حكم رجل متأسلم مثل السادات إلى الأصولية الإسلامية و التبعية السياسية ، أصبحت مصر مفتوحة تماما للتأثير الوهابي المدمر ، بل و لظهور مركب بالغ الخطورة هو الوهابية – الإخوانية ،و من الجدير بالتامل – الساخر- أن يتحول هذا المركب المتفجر ليعمل ضد النظام السعودي الذي احتضنه و رعاه ، فيصبح المجاهدون في غمضة عين " الفئة الضالة " ، هكذا يتعامل النظام السعودي بالمقاييس المزدوجة تجاه نفس الظاهرة الأصولية !.
العلاج كما أراه و كما قلت سابقا يختلف في مصر عن السعودية .
في مصر سبق ان أفضت طويلآ في هذه القضية .
أما في السعودية فلا حل في وجهة نظري سوى في تفكيك الزواج الكاثوليكي بين الدولة المسعودة و الحركة الوهابية ،و ان تأخذ السعودية صيغة الدولة الوطنية القائمة على فصل السلطات ، و يعود الدين إلى حجمه الطبيعي كعقيدة و ليس دعوة سلفية مسيسة .
و لنا عودة .