بعكس الدولة فليس للدين بحد ذاته أسنان (إلا إذا تبنته دولة ما) فللدولة جيشها وشرطتها ومحاكمها وسجونها أما الدين فحسبه الوعيد باليوم الآخر... في الدول العلمانية (كدول أوروبا) الدين نظام طوعيّ أي أن أتباع الدين يتبعون قوانينه الشمولية لأنهم اختاروا ذلك، قد يكون الحجاب والنقاب تقييدا لحرية المرأة لكن إن اختارت المرأة ذلك فهو شأنها (مثلها مثل شخص قرر أن يكون نباتيا فاختار راضيا أن يتنازل عن حريته في المأكل رغم ما يتبعه ذلك من "مخاطر صحية" قليلة)....

في الدولة الليبرالية غير الشمولية لا تسن القوانين نظريا إلا لمنع ما يضر الغير والنقاب أو الحجاب لا يضر أحدا (سوى غريزة بعض المراهقين الشبقين)... لا أرى ضرورة للمنع الجارف. رغم أنني لا يعجبني النقاب لكن المنع القانوني ليس الحل فمثلما لا نمنع اللبس "الفاضح" رغم ما فيه من تسليع للمرأة لا نمنع عن النساء القيام بأمور لو عملناها على الرجال لاعتبرها القانون تعذيبا ولو قمنا بها على الحيوانات لأقامت جمعيات الرفق بالحيوان الدنيا ولم تقعدها (مثل نتف الشعر، وطلاء الجلد بمواد كيماوية إلخ... كل ذلك بسبب الضغوطات الاجتماعية) وكما لا نمنع الخمر (رغم ضررها المؤكد على صحة الإنسان وعلى أمن غيره عند الإفراط) ويطالب اللبراليون بتقنين المخدرات "الخفيفة" (حرية شخصية كما يقولون) وبعض الدول سمحت بالدعارة (هولندا، ولاية نيفادا في الولايات المتحدة، تايلاند) باسم حرية المرأة على جسدها كذلك يدخل الحجاب والنقاب تحت بند الحرية الشخصية.

المخاوف من النقاب مبالغ جدا جدا فيها، فليس فيه هذه المخاطر الأمنية التي ذكرها أحدهم وكأن كشف الوجه أو السفور هو وسيلة لا تخطئ لتحييد المخاطر الأمنية... أنا مع بعض التقييدات المنطقية مثل منع السياقة (لما فيه من مخاطر لحجبه الرؤية) أو إجبار المنقبات بالكشف عن وجههن في حالات معينة (مثلا لو طلب منهن ذلك شرطي في حالات مبررة أو لدى التصويت) ولكن ليس المنع الجارف. أو وضع قانون يمنع إجبار النساء على التنقب أو التحجب رغما عنهن.