مبارك .. شائعات غير صحية
طباعة أرسل لصديق
سمدار بيري - يديعوت
19/ 07/ 2010
النكتة التي تدور في القاهرة الان تتحدث عن الملاك جبريل الذي ظهر للرئيس مبارك. فقد أعلن له الملاك بان جئت لاخذك من ابناء شعبك. اما مبارك، باسلوبه المباشر رفع اليه عينيه الفضوليتين: أحقا، سأل، الى أين سيذهبون؟
كفى، انتهينا. الانشغال بصحة الرئيس المصري – كل ثلاثة – أربعة اشهر يقتلونه من جديد، وهو، ما العمل، يصر على العيش – أصبح عندنا رياضة وطنية.
قتلوه عندما انهار في البرلمان، عندما غاب عن وسائل الاعلام قبل سنتين، حين سافر لاجراء عملية جراحية في المانيا، والان، عندما الغي اللقاء مع رئيس الوزراء نتنياهو (صحيح، بمبادرة المضيف) مرتين في غضون اسبوع واحد. ولم ينقلوه جوا بالسر فقط للعلاج والعملية الجراحية في فرنسا والمانيا، بل واقسموا عندنا بان الصور التي تنشر في مصر هي على النمط السوفييتي الذين كانوا يبثون صور الارشيف للحكام المرضى.
في نهاية المطاف، فان الطبيعة ستفعل فعلها، ومبارك ابن الـ 82 لن يبقى معنا. صحيح، الضول والقلق ونزعة النبش عندنا يمكنها أن تقتل، ولكن من يسارع الى انزاله قد يكون ضروريا منه أن يأخذ بالحسبان عدة حقائق: قبل كل شيء، القانون المتصلب في مصر يحظر الانشغال في الحالة الصحية للرئيس ويهدد بعقوبة السجن على من ينشر الشائعات. وقبل سنتين فقط ارسل ابراهيم عيسى، محرر "الدستور" المعارضة، الى السجن على نشر عنوان دراماتيكي عن غياب غريب لمبارك، ادى على الفور الى هبوط البورصة والحاق ضرر بحجم عشرات ملايين الدولارات.
حقيقة ثانية: المحيط القريب من مبارك يرفض تبني قوانين الشفافية. اذا كان يرغب الرئيس العجوز في البقاء في البيت، اذا كان يحتاج حقا الى علاج طبي، حتى لو كان معسكر المعارضين يطالب بان يرى "الرئيس" كل يوم في الصفحة الاولى مع احدث الصور، فانهم لن يستسلموا.
حقيقة ثالثة: للمحرر الرئيس للصحيفة اليومية الشعبية "القدس العربي" يوجد حساب مرير وطويل مع مبارك. وهو لا يفوت فرصة في أن يهاجم، يشهر، يحرض ويثير المعارضة. في لندن، حيث تطبع الصحيفة، يحتمل الورق كل شيء في الشؤون المصرية وفي مواضيع الامراض الخفية والعلنية لمبارك. وانضمت الى هذا الاحتفال الان المخابرات السورية التي "طيرت" مبارك بالسر لتلقي العلاج الطبي في المانيا. وكيف يمكن ان يحصل بان بالذات "السفير" في لبنان، البوق المطيع لبشار الاسد، "تعرف" أولا الجدول الزمني الطبي لمبارك.
الحكم المركزي في مصر مبني على اسلوب متصلب من السلوك من خلال المؤسسات: المؤسسة السياسية، المؤسسة الامنية للجيش، أذرع المخابرات، وطائفة الاعمال التجارية التي تعطي ريح اسناد للقيادة السياسية. يمكن التقدير بان سيناريو "اليوم التالي" لمبارك بات جاهزا بتفاصيل التفاصيل، وكل واحد ممن يؤدي المناصب العليا والحساسة يعرف دوره ومهمته في ذاك اليوم.
الانشغال المبالغ فيه عندنا بصحة مبارك تثير أعصاب المؤسسات في مصر. الحاخام عوفاديا يوسيف يزود رئيس الوزراء نتنياهو برسالة التمني بالصحة والحياة المديدة لمبارك، والرسالة تسرب قبل اسبوع من اللقاء. كل نبأ ينشر عندنا يطير فورا الى وسائل الاعلام العربية، مع التشديد بان المؤسسة الاكثر اطلاعا، اسرة المخابرات تجلس على الاطباء والصحفيين الاسرائيليين يتلقون تقريرا جاريا من السرير. ولكن اذا ما اصريت على ان تسأل ماذا بالضبط يعرفون عندنا، فستحصل على جواب في تقارير متضاربة.
احد مستشاري مبارك السابقين، د. مصطفى الفقيه، أثار جلبة كبرى في مصر حين اقسم بان الرئيس التالي لن يعين الا بموافقة الادارة في واشنطن واسرة الاستخبارات عندنا. في هذه الاثناء لم يعلن مبارك اذا كان يعتزم التنافس مرة اخرى على الرئاسة في نهاية السنة القادمة. وبعد طوفان من المنشورات عندنا، وتحديد الخليفة، ينبغي لنا أن ندعهم لشأنهم. الا نركض لنروي للرفاق القصص عن اللقاء في القاهرة أمس. هذا لا يضيف صحة الى العلاقات. ونحن نعرف بان "ما بعد مبارك" سيأتي، نحن نعرف بانه توجد خطة جارور، والان كفى، كفوا عن النبش.
http://all4syria.info/content/view/29518/84/