{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
إصلاح الاسلام - 1
طريف سردست غير متصل
Anunnaki
*****

المشاركات: 2,553
الانضمام: Apr 2005
مشاركة: #5
RE: إصلاح الاسلام - 1
هل بإمكان العقل أن يفهم كل الألغاز الدينية بعلوم الأديان؟
 ربّما لا. ولماذا لا؟ وفي الحالين يجب إعطاؤه الحق في السؤال، والسؤال محرّم في الإسلام التقليدي. استطاعت علوم الأديان حتى الآن تفكيك معظم رموز وأساطير العهد القديم. ومازالت الإكتشافات الأركيولوجية تقدم لها باستمرار المزيد، كما فعلت الأركيولوجيا في إسرائيل وفلسطين وسيناء خلال الأربعين عاما الماضية.
تمكين العقل البشري من فهم الظاهرة الدينية عقلانيّا يجعلها نسبيّة. لأن كل ما هو تاريخي نسبي يتطوّر ويتكيّف مع متطلّبات الحياة في كل حقبة وكل بلد. اكتشاف أمريكا كان المنطلق الحقيقي للإصلاح الديني في أوروبا. ذلك أن وجود عقائد وشعائر دينية عند سكّانها الأصليين الذين لم تبلغهم الدعوة لا اليهودية ولا المسيحية شكّل صدمة صِحيّة للوعي المسيحي، فاكتشف ما تسمّيه الفينومينولوجيا وحدة الظاهرة الدينية التي تتجلّى في الإعتقاد في وجود عالم الغيب، عالم متعالٍ ومقدّس ومسكون بالأرواح والآلهة بالرغم من اختلاف المظاهر التاريخية التي تجلّت فيها هذه الوحدة الجوهريّة للظاهرة الدينية...
عندما يتعلم التلميذ أو الطالب أن الرموز الدينية واحدة في الأديان الوثنية والتوحيدية وأنّها انتقلت من الديانتين الوثنيّتين البابلية والمصرية إلى اليهودية، فإنه يتعلم التسامح الديني وضرورة حوار الأديان وينزرع فيه الفضول المعرفي وحب البحث. الأساطير البابلية انتقلت عن طريق إقامة اليهود في بابل خلال السبي البابلي في القرن السادس قبل الميلاد، وترجمتهم للأساطير البابلية في سفر التكوين عن أصل الكون الذي خلقه سبعة آلهة، في سبعة أيّام ومن هنا أسطورة قداسة الرقم 7 في الديانة البابلية مثلا سبعة آلهة وسبع سماوات وسبع أرَضين؛ كما أن أسطورة "الزوجين الأوّلين، آدم وحوّاء" ترجمها النبي حزيقال في سفر التكوين من الأساطير السوميريّة التي كانت تُسمّي آدم "أَدَبَا" أي الرجل المخلوق من صلصال، وآدم العبرية تعني "أديم الأرض" كما في العربية أيضا... علما بأنّ حزيقال تُخبرنا التوراة أنّه كان يأكل برازه، وهذا عَرَض من أعراض الفصام. أيضا أسطورة طوفان نوح اقتبسها سفر التكوين من ملحمة غيلغامش التي تقول مثلا : "يا أتو بشتيم (الذي تُرجم إلى نوح) إبني سفينة واحمِل فيها إثنين من كل ذي حياة" لمواصلة تناسل الأحياء بعد الطوفان؛ وكذلك مدينة لوط هي في الأصل أسطورة بابلية. بالمثل تبنّت اليهودية كثيرا من أساطير الديانة المصرية ومنها انتقلت إلى المسيحية والإسلام.
وهكذا يعلم تاريخ الأديان المقارن أجيالنا الطالعة بأن الظاهرة الدينية تطوّرت بتطور المعارف البشرية من الإحيائية animisme إلى الأسطورة فإلى الدين. كما يعلمهم أن الدين لبّى عموما حاجات بشرية أساسية منها الرغبة في الخلود باختراع حياة أخرى بعد الموت. منذ بدأ الإنسان يدفن موتاه منذ 100- 350 ألف عام تحضيرا لهم للعيش في عالم آخر لبّى رغبته في الخلود. وبدأ يلبّي رغبته في معرفة الظواهر منذ بدأ يعطي تفسيرا خياليا لكل ظاهرة. بإمكان مدرسة المعقول الديني المنشودة أن تنوّر هذه الأجيال بحقيقة ان هذه الرغبة يلبّيها اليوم تدريجيا العلم بجعل العلاقة بين الإنسان وظواهر الطبيعة والمجتمع والنفس البشرية أكثر فأكثر شفّافة. أما الرغبة في الخلود فيمكن تلبيتها عقلانيا بالتقدم الطبي بالقضاء شيئا فشيئا على الألم والمرض وتأخير الشيخوخة. الإنسان مبرمج جينيّا ليعيش 120 عاما. لكنه نادرا ما يصل إلى هذه السن بسبب عقابه لذاته بنمط حياته السيئ. بإمكان الطب اليوم أن يجعل مَن ولدوا في هذا القرن يعمّرون مائة عام وبصحّة جيّدة. كما أن إشباع غرائز الحياة بالقضاء على الحرمان الذي فرضته تقاليد ميّتة ومميتة يُلطّف الرغبة الهاذية في الخلود. بإمكان التحليل النفسي اليوم أن يساعد الإنسان الذي يتوهّم نفسه خالدا على قبول فكرة موته بضمير مطمئنّ. وهكذا يمكن التخلص التدريجي من قلق الموت محرّك الرغبة في الخلود. ويمكن إذن تقليص مساحة الهذيان الديني. بالوصول إلى مؤمن لا يرى في موته اغتيالا، كما كان يقول Levinas، بل نهاية ضرورية لترك المكان لمن ولدوا بعده لتواصل ملحمة الحياة مسارها. شخصيا فكرة خلودي لا تفرحني بل تثير قشعريرتي. في وضع بائس أو في أرذل العمر عندما تفقد الحياة معناها يكون الموت أو الإنتحار خلاصا.
حقائق تاريخ الأديان هذه تساعد التلاميذ والطلبة على فهم تكوّن الظاهرة الدينية تاريخيّا وبذلك تقطع الطريق على اليقين الديني الأعمى الذي هو الأمّ الشرعية للتّزمّت والتطرّف والعنف الديني. وهذا هو الطريق الملكي للتّديّن المعتدل والإيمان المستنير الذي يفتح الطريق لحوار الأديان والثقافات الذي هو اليوم بديل حروب الأديان والثقافات. قلّما لا يعترف من درس تاريخ الأديان المقارن بجميع الأديان على قدم المساواة لأنّ بُنيتها واحدة وأصلها واحد. فقد تطورت عن بعضها بعضا عن طريق التلاقح الثقافي. وباختصار فكل علم من علوم الأديان يُلقي أضواء كاشفة على ظاهرة أو أكثر من الظواهر الدينية. مثلا السوسيولوجيا الدينية تعلّم الأجيال الجديدة أن الدين ظاهرة اجتماعية، وككل ظاهرة اجتماعية هو إذن موضوع للبحث والتحليل العلميين. وأن التطور الإجتماعي هو الذي يفرض على الدين التكيّف معه وليس العكس. أي أن المستجدّات التاريخية تعدّل أو تنسخ أحكام النصوص الدينية. وعندما يرفض الفاعلون الإجتماعيون تكييفه مع المستجدّات التاريخية فإنهم بذلك يُحوّلون الدين إلى جمود ديني أي إلى عقبة تعيق التطور التاريخي للجماعة المؤمنة. وهذا ما حدث للإسلام منذ قرون. كما تُعلّم المؤمن أن يلعب دوْرين، دور المؤمن ودور الباحث. من حقه كمؤمن عندما يصلّي أن يذوب في النص أي يتماهى معه، وعليه كباحث أن لا يتماهى مع النص بل أن يقف منه موقف الحياد حتى يجعل البحث الموضوعي فيه ممكنا. وهو ما نجده مثلا عند الفيلسوف الفرنسي المؤمن Paul Ricœur. سألت بيولوجيست فرنسي مرّة كيف وفَّقتَ بين علمك وإيمانك؟ أجاب : عندما أدخل الكنيسة أترك علمي في غرفة الملابس، وعندما أدخل المختبر أترك إيماني في غرفة الملابس. وهذا هو نموذج المسلم المؤمن الذي يمكن أن تنتجه دراسة الإسلام بعلوم الأديان. في اليهودية والمسيحية يوجد تمييز بين دين الإيمان كمجال خاص لممارسة الشعائر وبين دين التاريخ كمجال عام للسؤال والبحث العلمي. يمكن بالإصلاح الديني أن نصل إلى هذا التمييز في الإسلام أيضا. وهي محطة ضرورية لعقلنة الإسلام وتبعا لذلك لإشاعة العقلانية في المجتمعات الإسلامية الغارقة في الهذيان. حتى بات بإمكاننا التأكيد بأننا أمة تهذي.

يتبع..
07-21-2010, 05:59 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
إصلاح الاسلام - 1 - بواسطة طريف سردست - 07-17-2010, 10:14 AM,
RE: إصلاح الاسلام - 1 - بواسطة طريف سردست - 07-18-2010, 12:42 PM,
RE: إصلاح الاسلام - 1 - بواسطة طريف سردست - 07-19-2010, 12:40 PM,
RE: إصلاح الاسلام - 1 - بواسطة طريف سردست - 07-20-2010, 11:14 AM,
RE: إصلاح الاسلام - 1 - بواسطة طريف سردست - 07-21-2010, 05:59 PM
RE: إصلاح الاسلام - 1 - بواسطة طريف سردست - 07-23-2010, 12:50 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  الاسلام السياسي يرفع الحصانة عن الاسلام طريف سردست 5 2,110 12-08-2011, 10:12 PM
آخر رد: السلام الروحي
  " سيجارة إصلاح " عيون 3 1,222 12-28-2008, 01:38 AM
آخر رد: العلماني
  العولمة تحتم إصلاح التعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيناتور 1 715 02-07-2008, 07:15 PM
آخر رد: سيناتور
  كيف يمكن إصلاح مثل هذا الخطاب دام إصلاحك..!؟ arfan 2 694 05-09-2007, 08:41 PM
آخر رد: Awarfie
  الاسلام هو الزرقاوي ومحمد هو الزرقاوي قد كشفت امة الاسلام حقيقتها The Godfather 14 2,923 06-11-2006, 12:55 PM
آخر رد: The Godfather

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS