[SIZE=4][CENTER]"مبارك لا يسمح لبوش بأن يقول له ماذا يفعل"

[CENTER]حوار مع السعيد، سياسي مصري[/CENTER]

وافق مجلس الشورى في مصر على تعديل دستوري يسمح لأول مرة بانتخاب رئيس الجمهورية من بين أكثر من مرشح. السياسي المعارض رفعت السعيد يشرح في مقابلة مع شبيجل أون لاين لماذا يريد الرئيس مبارك أن يدخل التاريخ كمصلح سياسي وما يمكن انتظاره من فترة حكم مبارك.

شبيجل أون لاين: السيد رئيس الحزب، لقد أعلن الرئيس حسني مبارك عن تغيير دستوري أثار ضجة يفيد بانتخاب رئيس الجمهورية انتخابا مباشرا من الشعب..

السعيد: .. هذا ما طالبت أنا به وطالب به حزبنا منذ عام 1981.

شبيجل اون لاين: أي مباشرة بعد اغتيال الرئيس السابق أنور السادات وتعيين مبارك. لكن لماذا يستجيب "الريس" الآن فقط لدعوتكم بعد مرور ربع قرن عليها.. هل هو ضغط الأمريكان؟

السعيد: لا. لقد كان مبارك يحمل منذ فترة فكرة الانفتاح السياسي. ورغم أننا نمثل آراء سياسية مختلفة للغاية، إلا أنني لا أملك سوى أن أعرض الأمور كما هي. لقد أدرك مبارك أنه يتقدم في العمر ويرغب في التحضير لرحيله بكرامة لكي يدخل التاريخ كمصلح سياسي.

شبيجل اون لاين: لقد كانت لديه الفرصة أن يفعل ذلك منذ فترة طويلة. لماذا يطرح ذلك الآن فقط بعد أن قام الرئيس الأمريكي جورج بوش ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس بمطالبة مصر والسعودية بمزيد من الديمقراطية؟

السعيد: صحيح أن تزامن (الحدثين) أمر ملفت للنظر، لكن، ورغم أن ذلك قد يبدو أمر مستبعدا بالنسبة للمراقبين من الخارج، إلا ان مبارك يفكر منذ فترة في إصلاح سياسي أساسي.

شبيجل اون لاين: رغم انه في نهايات السبعينات من عمره، لازال مبارك يرغب في ترشيح نفسه لفترة رئاسية سادسة...

السعيد: سوف يعني ذلك ان يبلغ من العمر 84 عاما وهو لا يزال رئيس.. هو بالطبع لا يرغب في ذلك. لكن عنصر العمر مهم: مبارك يشعر منذ سنوات بالضغط المتنامي للمعارضة التي لا يتوقف المتحدثون باسمها، يوما بعد يوم، عن الضغط من اجل ضرورة إحداث إصلاحات ديمقراطية. بل أن الكثيرين من مستشاريه السياسيين يفعلون ذلك أيضا.

شبيجل اون لاين: بدون نتيجة. حتى أنتم وحزبكم اليساري الوطني، حزب التجمع، لم تتقدموا كثيرا فيما طالبتم به.

السعيد: إن رؤية مبارك الجديدة هي في جزء منها بسبب نجاحنا. لا تنسوا، أنه حتى في داخل الحزب الوطني الديمقراطي غير المتجانس والذي يمثل 85% من أصوات البرلمان، التقت المطالبة المتعددة للمعارضة بآذان صاغية. فقد اضطر الحزب الوطني الديمقراطي، القوي جدا، إلى بداية حوار مع المعارضة حول الإصلاح السياسي لاحتواء الغضب المتنامي نتيجة غياب الإصلاحات السياسية. لقد أصبحت صحافة المعارضة حادة النبرة مثلما هو الحال في أوروبا.

شبيجل اون لاين: إذا لم يكن الضغط الأمريكي فعلا هو العنصر الحاسم في هذا التغيير؟

السعيد: لا، ثم إن مبارك ليس بالرجل الذي يسمح للخارج بأن يملي عليه ما يفعله، حتى لو كان من جورج بوش.

شبيجل اون لاين: وما هو دور الطلاب وحركة كفايه لصاحبها الصاعد جورج اسحاق الذي شجع الشباب في الجامعة على القيام بحركة احتجاجية فاعلة.. واضح أنها لم تكن من غير ذي اثر؟

السعيد: إن حركة كفايه لصاحبها جورج اسحاق ذي الخمسة وستين عاما بها مائة عضو على أقصى تقدير. وهؤلاء لا يحركون شيئا. إن الصحافة الأجنبية هي فقط التي تصورهم وكأنهم أركان سياسية ذات شأن. ومن الملفت للنظر على كل حال أن قوات الأمن تفسح المجال لهذه المجموعة الصغيرة من الرجال.

شبيجل اون لاين: لماذا؟ أيمن نور، مؤسس حزب الغد الليبرالي والذي أعلن منذ بضعة أسابيع ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية لازال مسجونا.

السعيد: لا أستطيع الإجابة عمن يقف وراء جورج إسحاق أو لماذا يتركون مؤيديه من الشباب ذوي الشعارات الاستفزازية لحالهم. المرء حر في أن يفكر في تفسير لذلك.

شبيجل اون لاين: لكن مبارك سوف يرشح نفسه مرة أخرى. ماذا بعد؟

السعيد: لا يمكن الاعتراض على ذلك طالما توفرت الضمانات الديمقراطية لذلك.

شبيجل اون لاين: ما معنى ذلك بشكل واضح في العملي؟

السعيد: إن الادعاء بأن من حق كل مصري ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية لن يكون لها قيمة سياسية إلا حين لا يتم ربط الترشيح بشروط مقيدة تهدر وتقلب مضمون التعديل الدستوري رأسا على عقب. لقد دعا مبارك البرلمان إلى القيام بمهمة معقدة هي صياغة تعديل دستوري تسمح للمرشحين بالمنافسة بدون حواجز على أعلى منصب في الدولة. لكن حين أسمع أن رئيس البرلمان فتحي سرور قد أسرع بإعلان ترأسه لجنة تعديل الدستور، أتذكر على الفور قصة الجدي الذي تم تقديمه للجنايني.

شبيجل اون لاين: إنكم تشككون إذا في أن الانفتاح سوف يكون حقيقيا.

السعيد: إنني اتابه تطور الأحداث بدقة شديدة. إن مشكلة مبارك تكمن في الكثيرين غير القابلين للتقدم في جهاز الدولة وفي الحزب. هؤلاء سوف يحاولون ما في وسعهم لتدمير مشروع التحديث من أوله.

شبيجل اون لاين: في جريدتكم قمتم فعلا بالتحذير من الترزية الذين يفرغون مبادرة مبارك من مضمونها. هل سوف تقومون بترشيح أنفسكم؟

السعيد: لا أتصور أنني سوف أرشح نفسي. لكن حزبنا اتفق فعليا على اسم مرشح. لكننا سوف ننتظر أولا لنرى إذا كان سيتم الالتزام بقواعد اللعبة الديمقراطية. نحن لسنا مستعدين أن نستخدم ككومبارس في عرض مزيف.

شبيجل اون لاين: ما هي القوى السياسية التي سوف تأتي بها الأغلبية الديمقراطية الحقيقية؟

السعيد: لا يستطيع الإجابة على هذا السؤال سوى نتائج انتخابات ديمقراطية بحق.

شبيجل اون لاين: هل يتمتع حزبكم اليساري بشعبية كبيرة؟

السعيد: بالطبع. نحن نناضل من أجل المطالبة بمزيد من العدالة الاجتماعية. والجميع يريدون ذلك.

شبيجل اون لاين: والإخوان المسلمين. ألا يمثلون بديلا ديمقراطيا؟

السعيد: لا وألف لا. مهما تبدلوا وتغيروا فالإخوان المسلمين يريدون في النهاية دولة إسلامية. ولو وصلوا إلى السلطة فإن كل من ينتقدهم سوف يهاجم أوتوماتيكيا على اعتبار أنه عدو الله. الإخوان المسلمون يدعون حمل رسالة الله تعالى وسوف يتم القضاء على كل معارض لهم. إن التاريخ المعاصر للعالم الإسلامي ملئ بالأمثلة المرعبة.

شبيجل اون لاين: لكن في تركيا نجح الإسلام في التعامل مع الدولة.

السعيد: هذه تجربة شابة ولم تصل بعد إلى مرحلة الاختبار الحاسم. إن ما يحدث في العراق يوضح بما يكفي أنه لا يجوز الخلط ما بين السياسة والدين. إن هذا يسري على الأصولية المسيحية كما يسري على الأصولية الإسلامية. لو إننا حكمنا مرة من قبل الأصوليين فإن الأوان يكون قد فات. إن الأيديولوجيين الذين يؤسسون أفكارهم على الكتب المقدسة والذين يعتبرون أنفسهم المتحدثين باسم الله وحاملين المعرفة "الحقيقية" يتسببون في الدمار إن عاجلا أو آجلا.

شبيجل اون لاين: إن حسني مبارك لن يسمح للإخوان المسلمين على أية حال بالترشيح لرئاسة الجمهورية.

السعيد: أنتم على حق في ذلك تماما.

شبيجل اون لاين: الكثيرون من المصريون يعتقدون أن ابنه جمال سوف يرشح نفسه.

السعيد: لا أعتقد ذلك. ورأيي هذا يستند إلى أسس جيدة لكنني لست بصدد الدخول فيها هنا.

شبيجل اون لاين: لماذا لا يرشح نفسه؟

السعيد: لو توفرت الضمانات الديمقراطية يمكنه أن يتقدم للترشيح. ولن أكون من حيث المبدأ ضد ذلك.

شبيجل اون لاين: عندها سوف يكون الرئيس القادم في كل الأحوال من أسرة مبارك.

السعيد: هذا محتما جدا. لكن لا يوجد شيء أكيد. كل شيء قابل للتخيل. حين تفتح في المستقبل مزيد من النوافذ السياسية بحيث تستطيع كل القوى السياسية أن يقدموا أنفسهم للشعب في التليفزيون والإذاعة والصحافة، عندئذ سوف يقول كل مصري، وعن حق، أن حسني مبارك قد فتح الأبواب لعالم الغد في عام 2005. لست أدري إذا كانت عملية الانفتاح هذه سوف تكتمل هذا العام. لكن خطوة البداية قد تم اتخاذها.



أجرى المقابلة: فولكهارد فيندفوهر.