فهذا يعقد مصالحها أكثر مما يخدمها.

بل لا أعتقد أن أمريكا سوف تهتم بسوريا كثيراً بعد خروج هذه الأخيرة من لبنان. بل سوف ينقلب اهتمامها إلى إيران وإلى تفكيك حزب الله.

بخروج القوات السورية من لبنان، أعتقد بأن أمريكا سوف تعمل على جبهتين: جبهة نزع سلاح حزب الله لإراحة اسرائيل والجبهة الثانية هي إيران.

إيران هي القوة الوحيدة التي قد تستطيع تهديد المصالح الأمريكية في الخليج. وهي كجمهورية اسلامية تشكل خطراً أيديولوجياً آخر دائم الحضور.
تفكيك هذا النظام يتيح لليبراليين الإيرانيين، وهم كثر، أن يتسلموا السلطة و"ينترل" قاعدة مهمة للشيعة العراقيين.

مع تفكيك النظام الرجعي الإيراني تصبح أمريكا سيدة المنطقة بلا منازع من أفغانستان حتى البحر المتوسط. وتستطيع أن تنفذ شيئاً فشيئاً جميع مخططاتها بدون مقاومة تذكر، سوى بعض جيوب المقاومة القومية والاسلامية التي سوف يتم الاعتناء بها من قبل الانظمة المحلية التي سوف تأتي على الدبابة الأمريكية.

وفق هذه النظرة لا مجال إذاً لرؤية الإخوان المسلمين أو أي تيارات عدمية أخرى في السلطة. فالولايات المتحدة تعرف جيداً بأنها سوف تنقلب ضدها بمجرد وصولها إلى السلطة. ولا أظن أن الأمريكان أغبياء لهذه الدرجة كي يعيدوا المراهنة على الرجعية الاسلامية كما فعلوا في السبعينيات مع السادات. فهذه القوى الرجعية قد انتهت صلاحيتها بعد 11 سبتمبر. ولو كان الأمريكان يريدون عقد تحالف مع الشعوب فليس من مفر أولاً من تنظيف المنطقة من الأنظمة الرجعية أولاً، ووضع حكومات هشة، كما في العراق، لتنظيف جيوب المقاومة ثانياً، ثم العمل الحثيث مع هذه الحكومات على تغيير مناهج التعليم وثقافة الجهاد والدم والحياة الأخرى. ولكن جميع هذا لن ينجح إلا في ظل مساعدة ودعم اقتصادي لشعوب هذه الدول المنهارة، بحيث تشعر بتحسن في الاجتماع والاقتصاد والسياسة. فالإحباط في الشارع العربي الاسلامي هو الذي أدى إلى لجوء الانسان المعثر المسكين إلى ربه وإلى القائمين بأعمال الله وملائكته من الشيوخ ورجال الدين على الأرض.