يا استاذ الختيار،

سؤالي لك حول الاله الغائب، و هي فلسفة معروفة بالـ Deism و قد اعتنقها الكثير من الاشخاص (احدهم هو رائد الثورة الامريكية Thomas Paine الذي كتب كتاب Age of Reason) في الغرب في القرن التاسع عشر، ففي ذلك الوقت ظهر للكثيرين افلاس الاطروحات الدينية، و لكنهم كانوا ما زالوا بحاجة لتفسير ميتافيزيقي للوجود.

لكن هذه الفلسفة فقدت وميضها بعد أن تبين فيما بعد أنها لا تقوم على أي أساس يمكن الدفاع عنه بعيدا عن الاطروحة الدينية، أي بمعنى آخر لا يوجد نقد نطبقه على الدين لا يمكننا تطبيقه على الإله الغائب.

و كما قلت أنت، فهذه الفرضية الميتافيزيقية هي مجرد "سد الحاجة"، يعني بعض الاشخاص متمسكين بتفسير ميتافيزيقي، اذن لا بأس ندعهم يؤمنون بإله غائب.

يا ختيار، هل سمعت باللاأدرية؟ نعم، اذا كنا نجهل شيئا معينا، فإننا نعترف بجهلنا به. مثلا اذا رأيت شخصا و جهلت اسمه، فسأبقى على جهلي الى حين أن أستفسر منه عن اسمه. لا يمكنني مثلا أن أقول، "أنا أجهل اسم هذا الشخص، لذلك فلا بأس من ملء الفراغ في معرفتي بأن أفترض أن اسمه باسم."

نحن نجهل أصل الوجود، و هذه هي العبارة الاخيرة التي يمكننا قولها في الموضوع. قد يتوصل العلم في المستقبل الى معرفة اصل الوجود، و قد لا يتوصل. و لكن في كلتا الحالتين، يجب ألا نقع في فخ تعبئة الفراغات بالمزاعم و الافتراضات الميتافيزيقية فهذا لا يفرقنا عن الدين بشيء يا ختيار، بل نكون قد وقعنا في نفس فخ الخرافات الدينية التي سعت لسد الجهل بالمزاعم و الخزعبلات بدل الاعتراف بالجهل و متابعة البحث العلمي لمعرفة التفسير الصحيح للامور.