بعيدا عن " لطميات " ذوي الحاجات الخاصة التي تعودنا عليها منذ (( قرون )) ولا يبدو أنها ستتوقف أبدا لا في القريب العاجل ولا في البعيد الآجل حتى وإن تمسحت على أعتاب الليبرالية التي ما قرأنا في كتابها (( أبدا )) أي ذكر لقبر وعمامة وضيم تاريخي .. نعود للموضوع :

براجمتيا ، ومن منطلق سياسي بحت .. هل نستطيع أن نلوم الإخوان المسلمين إن قرروا (( أخيرا )) العودة من البوابة الأمريكية ؟!
بكل تأكيد لا .. لكن هذا لا يعني أن الحركة تبنت الموقف الصحيح ، بل ستكون كتبت آخر سطر من تاريخها وخسرت آخر معاقلها الشعبية التي انهزت أساسا عقب أحداث الثمانينات وسيكون خطأها الأخير على الإطلاق.

أيضا .. وبعيدا عن العاطفة فالحركة ليس أمامها أي خيار آخر بعد أن فقدت كل خياراتها الداخلية .. وهذه المرة خيارها ليس بيدها بل ستمشي إليه مرغمة منقادة تماما كما حدث للجناح الإخواني في العراق عندما جره زلماي زاده جرا إلى مؤتمر لندن ممثلا عن الطائفة السنية كما عبر عن ذلك زاده ذاته .

في الواقع ، فلا أمريكا بغنى عن خدمات الإخوان ولا الإخوان قادرون على التحرك بعيدا عن الأجندة الأمريكية ، فحركة الإخوان – على ضعفها وتفككها – هي الحركة الأقوى في الجسد السوري المعارض والمتهالك أساسا ، وهي الرقم الأصعب في المعادلة والتي لا يمكن لأمريكا أن تتجاوزه رغم أنها حاولت ذلك من خلال " صناعة " هيكل ليبرالي سوري هش ممثلا بفريد غادري الذي تبعه بعض الأحزاب الكردية ، لينتهي هو وهي معا .. وعلى يد أمريكا ذاتها .

الدرس العراقي .. يبدو أن أمريكا تعلمته ، وأيضا رغم أنفها ..
فالأقلية الشيعية في العراق فشلت في حشد الشارع خلف وهم التحرير كما وعدت ، وأثبتت الإنتخابات العراقية أن الشيعة أقلية في العراق وليسوا أغلبية كما كانوا يسوقون ... والأكراد لهم أجندتهم الخاصة البعيدة تماما عن الشارع العراقي ، لتجد أمريكا نفسها وجها لوجه مع البندقية العرب – سنية التي أثبتت هي الأخرى أنها رقم لا يمكن تجاوزه .

المقاومة العراقية ليست نزيهة تماما وبكل تأكيد ، فقد دخل في إهابها حركات الإسلام المتطرف التي صنعتها أمريكا يوما و القادمة من وراء الحدود ، ودخلتها الأهداف السياسية لسوريا والعراق .. إنما هذا لا يلغي أن مقاومة (( حقيقية )) قائمة في العراق ، وهي من ستتعامل معه أمريكا قريبا وقريبا جدا ، هذا إن لم تكن قد تعاملت معه فعلا كونها هي المالك (( الحقيقي )) للشارع وليس أطياف وهياكل ورقية أتت عبر فوهة الدبابة الأمريكية .

من ذات المنطلق ، فلا بد لأمريكا أن تعيد النظر بعلاقتها بالإخوان السوريين ولو مرحليا تماما كما فعلت مع المجلس الأعلى للثورة العراقية .. ولا شئ يضيرها في ذلك ، فرامسفيلد اتهم كتائب بدر بسوء إدارة انتفاضة شعبان من خلال سماحها للحرث الثوري بالإشتراك فيها ، وبالتالي هو الآخر يداه ملطختان بدم الشعب العراقي .. وتلك سوف لن تكون عقبة " أمريكية " في تعاون مع حركة متهمة هي الأخرى بالولوغ في دماء الشعب السوري .

سوريا : فالحملة الأمريكية على العراق قطعت الطريق على أي تحرك شعبي (( حقيقي )) ذلك لأن أمريكا لا تترك الأحداث للصدف ، بل هي من يصنع الأحداث .. وبالتالي فمن المستحيل أن تسمح للإخوان أو غيرهم بالتحرك بعيدا عن أعينها وإحداث تغيير يمكن أن يهدد مصالحها ..

وسوريا أيضا .. لم يعد أمام النظام السوري إلا " محاولة أخيرة " تتمثل في إعادة بناء الجبهة الداخلية والوصول قبل أمريكا لخطب ود حركة الإخوان وبغض النظر تماما عن تبعات العقود الماضية ، طبعا ومع بقية الأطياف السورية والشارع السوري .. وهو ما نأمل أن تنجح به لتجنيب سوريا درسا ديمو- طائفي ليست سوريا مستعدة له .

وسوريا أيضا ، فالشارع السوري يختلف عن العراقي من حيث الثقل الديموغرافي وهذه نقطة (( يجب )) أن تراعيها الأقليات المذهبية خاصة كونها المتهم الرئيسي أمام الغالبية بتبعات العقود الماضية .

من (( الحماقة )) أن تنظر هذه الأقليات للحملة الأمريكية على أنها سترسخ مكاسب (( آنية )) حصلت عليها خلال حكم الأسد وهذا درس تعلمته أمريكا من العراق ومن المستحيل أن تقع في ذات الخطأ مرتين ، فأمريكا التي " همشت " الطيف الأقوى في الشارع العراقي ثم لم تعد تعرف كيف تعيد الأمور إلى نصابها عادت تمنيه بحصص بعيدا عن مجريات الإنتخابات ..
هذا في العراق حيث النسب الطائفية متقاربة ..
فكيف سيكون الأمر في سوريا بنسبها المتفاوتة ؟؟
وماذا لو أعطت أمريكا للناقمين من الأغلبية " وقتا مستقطعا " لتفريغ الشحنة قبل أن تعيد الأمور إلى نصابها ؟؟!!



الدكتور فضل .. أشكر تجاوبك .. ونصيحتك :D
كتبت هذه التعليق قبل أن أقرأ ردك ، ولي عودة اليه عاجلا

محبتي
:wr: