الزميل العزيز إسحق،

شرع التحريم من أجل التعبد ابتداء، فنفس السبب الذي منعني الله من أجله أن آكل الخنزير هو نفس السبب الذي أمرني فيه أن أصلي الصبح ركعتين والظهر أربع ركعات، وهذا السبب هو طاعة الرب القدير.

وحين أكون في صحراء أو مكان منقطع عن الطعام، ولا أجد إلا لحم خنزير، فإنني أكون منتحرا إن امتنعت أن أكل لحم الخنزير بما يبقيني على قيد الحياة ويحفظني من الموت جوعا، وأحاسب على تركي حفظ نفسي، تلك الأمانة من الله تعالى.

يستثنى من ذلك حين الفتنة، حين يكره أحدهم مسلما على أكل الخنزير اختبارا لدينه، حينذاك لا يأكل المسلم الخنزير على العزيمة. ويصبر على الفتنة ما لم تصل إلى الإكراه الملجئ وهو المفضي إلى الموت. حينذاك يرخص للمسلم الأكل وقاية لنفسه مع تفضيل العزيمة وهي عدم الأكل حتى لو أفضى الأمر إلى الموت.

لبلأمر الثاني، وهو النص الشرعي على خاصية الخبث في لحم الخنزير، ذلك أن الله تعالى قد بين لنا أنه إنما حرم علينا الخبائث، لذا يكون الميتة والدم ولحم الخنزير والمذبوح على اسم الأصنام أو على الأنصاب و السباع من الطيور والحيوانات والحمير الأهلية والخمر والسم، كل ما ذكرت إنما هي خبائث.

وخبثها هو وصف شرعي، ليس بالضرورة أن يتمكن الإنسان من وصفه علميا أو غيره.

فحرمت المحرمات من أجل التعبد، ومن أجل الخباثة الشرعية الكامنة فيها.

وقد تكون الحرمة مترافقة مع النجاسة كما في الخنزير والكلب والخمر والدم والميتة، وقد تكون مترافقة مع الطهارة كحرمة الحمير وهي طاهرة، أو حرمة لحم القطط والأسود والسموم بأنواعها. ذلك أن الطهارة أو النجاسة المقصودة لا علاقة لها بتحريم الأكل والشرب، بل علاقتها بالصلاة وطهارة موضع الصلاة!