حتى تفهم السبب الذي يجعل الزميل إسماعيل يتعاطى مع الموضوع المطروح بهذه الطريقة، عليك أن تقرأ أول سطر فيه، فهو عبارة عن متابعة لموضوع فتح من قبل لتغطية مجزرة حماة...

وإذا كان على حد رأيك أن الزميل الزوبعة لم يدافع عن ما فعله النظام السوري في هذا الموضوع على الأقل كما تظن، فلك أن تتابع سطور المقال من أولها لآخرها لتخبرني عن السطر الذي حمل فيه نظام البعث في هذا المقال على الأقل -على حد تعبيرك- مسؤولية ما حدث!

على أن الموضوعية تقتضي أن نملك الشجاعة التي تجعلنا نوزع الجرمية بقدرها...

مشين والله أن نلوم كتائب الأقصى على عملية تدك بها قلب تل أبيب ويسقط بها ما في الزحمة بريئ أو أكثر، أو أن نساوي بين عملية كهذه ومجزرة جنين أو قانا مثلا أليس كذلك؟

لو أردنا أن نكون موضوعيين بالفعل فعلينا أن نوجه إصبع الاتهام بوضوح للمجرم الذي لا يتنازع اثنان في جريمته، لا أن نكون شجعانا بلوم الطرف المهجر الأضعف في معادلة اليوم، بينما تكون قصارى شجاعتنا في لوم النظام أن نبحث عن أشخاص عزلهم النظام نفسه بعد إذ كادوا ينقلبون عليه كرفعت المأفون هذا!!

إن حافظ المقبور شريك بالجريمة، واستخباراته وأزلام سلطته شركاء فيها، وما تمخض عن هؤلاء من سلطات وصلاحيات هو استمرار للفاجعة، والمظالم التي لم يزل أثرها إنما هي امتداد للمجزرة الأولى، وبقايا المعتقلين وأولئك الضحايا الأبرياء الذين قضوا في السجون والمقابر الجماعية هم بعض آثار تشهد على الجريمة مهما حاولوا إخفاء معالمها وتزويرها وتلبيس الطرابيش لغيرهم!

ووريث ذلك النظام، وذلك الكادر المحيط به، بما فيهم من أجهزة أمنية وحسن خليل الذي بقي إلى قرابة الشهر من الآن وهشام بختيار وغيرهم من رموز ذلك النظام، لا يزالون يتمتعون بكل امتيازاتهم الأولى، دون أن يرف لهم جفن على بشاعة جريمتهم...

من يغض الطرف عن هؤلاء، ويتوجه بلائمته إلى أولئك الذين إن أجرموا جميعا فقد دفعوا ما هو أكثر من مدة السجن المؤبد من حياتهم، بل بذل كل العناصر الناشطة منهم أرواحهم بأبشع طرق القتل والتعذيب....

ومع كل هذا وعرفانا لأرواح هؤلاء والإنسان الذي اغتالوه في وطننا، نصر إصرارا على فتح تحقيق محايد فيما جرى، ولا أقل ممن لا يملك في القضية أكثر مما درسه في أوراق التثقيف الحزبي، أن يسكت عن كلمة الباطل إن جبن عن كلمة الحق...

أما ما تطالبني به من موقف فلست أدري ماذا أقول لك؟!!!

إن يكن تأذي غالبية شعبنا بكل طوائفه من طائفية النظام أمرا مستورا فذاك أعجب العجب!
وإن يكن فضح هذه الممارسات الطائفية هو الطائفية فذاك ميزان أعوج!

وإن يكن مجرد اعتزازنا بعروبتنا وإسلامنا طائفية مع أنها خيار الغالبية العظمى لشعبنا بل هويتنا المعلنة، فإنني والله لأفتخر بطائفية كهذه!

كلا يا صاحبي!

لم أقل بأن النظام كذا وكذا ردا على ما فعله الإخوان، وما حدا أحسن من حدا!!! ولو قلت ذلك لكنت مجرما في حق الأرواح البريئة التي ذهبت ضحية لهذه الطغمة الحاقدة...!

أنا قلت بأن الشعب بعامته ونخبه يعرف الحقيقة، ولأجل هذا يخشون إعطاءه حرياته، ولو نفسوا للإعلام أن ينال بعض حريته لفضح ممارساتهم تلك كلها، ولعل فيما يخرج من تحت ركام جمر أكباد الشعب المحروقة يبين بجلاء موقف شعبنا وانحيازه لصالح الحق الأبلج مهما اعتور عليه نظام الاستبداد ليسد شمس الحقيقة بإصبعه الخائنة الساقطة!

وما مقال ميشيل كيلو ولا تصريحات رياض الترك، ولا جمال باروت وعبد الرزاق عيد وهيثم المناع وهيثم المالح وفايز سارة ووو من أطياف شعبنا إلا شواهد على أن الحقيقة وإن توارت بعض حين، غير أنها ستنكشف ولأجل هذا لا يزالون يحاصرونها، لكن إلى متى سيقدرون على الاستمرار؟ ألا يعلمون أن الشعوب تمهل ولا تهمل؟!

واسلموا تواصلا واحتراما(f)