خليلنا الدين على جنب هلأ، وفهمني من هو الذي سيضع الدستور، وبأي صلاحية؟ ومن أعطاه الوصاية على الناس؟

هل تقترح بناء النهضة العالمانية فرضا على رؤوس الناس؟ وماهو ذاك الذي يحصل من لدن أن استلم الاتحاد والترقي السلطة إلى اليوم؟ اليس فرض العالمانية "الديمقراطية" على العالمين؟

أبسط أمور الديمقراطية هو احترم قرار الناس، ووصفهم بأنهم أكثرية حتى لو خالفوني، لكني أرى أن البعض لا يصف الأكثرية بذلك إلا إن إجا الهوى على السوى، وإلا فهم أغنام قطعان مسيرين متخلفين.

شو ما كانت الناس فنحن منهم، وكوننا مثقفين وهم عوام لا يجعلنا طبقة أعلى، فالمثقف إما أن يتفاعل مع الناس فيجعلهم مثله، يضحون في سبيل ما يعتقد ويعتقدون، كما صنعت العامة مع مثقفي فرنسا إبان ثورتهم، أو ينعزل عن الناس. أما حين يرى نفسه وصيا على الناس، فكن على ثقة أن من سيسلمه رقبته من الناس لن يكون جديرا باحترام حتى منه، أو أنه سيقفز إلى الحكم ساعة غفلة، ويمارس أبوية وصائية على الناس قد عز نظيرها في الخافقين.

نحن لا نريد الحكم يا علين نحن نريد بناء الدولة، أخذ الحكم هين وبناء الدولة صعب. ونحن نريد الصعب. واصعب من بناء الدولة هو أن تقنع الناس أنك منهم ومعهم وبهم ستبني الدولة، وأصعب من كل هذا أن توحد الرأي العام والمشاعر العام بشكل رضائي إلى صفك. لكن هذا الصعب ليس مستحيلا، وحين يتحقق فإنه سيدوم طويلا.

أما فرض الوصاية على الناس، وإلباسهم دستورا مفصلا لم يصنعوه، وحكمهم بلعبة لا يريدونها فلن يولد إلا مزيدا من الانحطاط، ومزيدا من الاستبداد، ومزيدا من الاقصاء، ومزيدا من التشظي والشللية!