الأخ علي لا أريد من الجميع إلا إدراك هذه الحقيقة...

الديمقراطية لا تتأتى بوصاية الحزب القائد للدولة والمجتمع سواء كانت هذه الوصاية للبعث أو للإخوان أو للشيوعيين أو الليبراليين أو غيرهم...

كما أن الديمقراطية لا تأتي بالمصادرة لأي من هؤلاء....

بدون وصاية ولا مصادرة سوف نعتاد على الديمقراطية سريعا....

ستبقى بعض المؤثرات السلبية كما تفضلت تجعل العملية غير عادلة ولا منطقية في البدايات...

رأس المال سيلعب لعبته

الطائفية سيكون لها دورها غير المنكر

الإعلام المعولم سيكون ضاغطا رئيسيا في تشكيل القناعات...

غير أن هذا الكم من السلبيات لا ينفي وجود رصيد ديمقراطي لشعبنا، فنحن لسنا أغرار، ولا حديثي عهد بالدمقرطة، مارسناها منذ الاستقلال وحتى انقلاب البعث..صحيح أنه كان بتلك الممارسة تجاوزات كثيرة، لكنها كانت أفضل حالا من تلك الديمقراطية التي يفرضها الاحتلال في العراق مثلا، تكريسا للطائفية والعنصرية والتقسيم!!!

أتمنى بالفعل أن يكون هناك ترشيح حر لعضوية مجلس الشعب والرئاسة والنقابات واتحادات الطلبة...

وأتمنى بالفعل أن يكون الإعلام في سورية حرا، وأن يكون حق تأسيس الأحزاب محفوظا دون مصادرة ولا وصاية...

وأتمنى من الإخوان المسلمين فيما لو جرى ذلك ألا يتعجلوا بالترشح لمنصب الرئاسة حتى ولو أمكنهم....

حين تكون هناك ديمقراطية حقيقية سيكون من يتسنم الرئاسة أولا هو القربان الذي سيضحى به سريعا للتأكد من مصداقية العملية برمتها! ولا أريد لإخواني أن يكونوا ذلك القربان;)

بقيت نقطة أشكر الأخ علي على رغبته الطيبة بتوضيحها وهي تتعلق بإمارة سورية الإسلامية!!
لست أدري هل قرأ مثل هذه العبارة في أدبياتنا حتى يحاكمنا عليها؟! أم أن مشروعنا السياسي تعرض لغير الدولة الحديثة وهي دولة مواطنة تعددية دستورية نيابية مؤسساتية مدنية وليست ثيوقراطية...
كابوس الثمانينات الذي تحاذر منه أخي علي كان خاضعا لمعطيات طائفية نجح النظام في تأجيجها واللعب على وترها أقصى الحدود، وكان طبيعيا في تلك الأثناء أن تتشنج ردود الأفعال في الاتجاه المقابل...

أذكرك أننا كنا قبل الثمانينات بأربعين سنة، وها قد عشنا بعدها بربع قرن، فهل رأيت في تاريخنا قبل تلك الأحداث أو تاريخنا المعاصر ما يدلل على أننا في خط ردود الأفعال الطائفية سادرون لا سمح الله!!

أعترف أن مرحلة الأزمة كانت مريرة ومجحفة ومعبأة بجملة من الأخطاء...
وربما كان واقع الصراع الذي لم نضعه في الحسبان وفرض علينا فرضا، قضى علينا بتمزق في الاتصال بين النخب والقيادة والقواعد، ونجح النظام في دفع ردود الأفعال العاطفية أقصاها، فكانت مرحلة أزمة تعاطينا معها بحذر، غير أننا لم نتمكن في واقع البعثرة، ولكوننا حركة سياسية لا عسكرية بالأصل، كل هذا لم يجعلنا قادرين على تدارك طارئ الصراع لاحتوائه، فانفلتت من قواعدنا أعداد ضخمة خونت قياداتها واتهمتها بالعمالة والتفاوض مع النظام، وتشكلت في تنظيم الطليعة المقاتلة الذي كان كارثة ألمت بقواعدنا وأثرت على روحنا المعنوية جميعا، وحاولت القيادة عام 1981 احتواء هذه الحركة المندفعة بعنف، فلم تفلح الجهود برغم محاولة الدمج التي لم تصمد أكثر من ثلاثة شهور!! وتبين لاحقا أن عناصر الطليعة الذين كانوا أكثر حماسا للمواجهة مع النظام عسكريا هم أول الناس الذين صدر بهم العفو عام 1984!! ألا يضع هذا ألف علامة استفهام حول حقيقة هذا الاندفاع، خاصة إذا علمنا أن شخصا كغسان أبا زيد وكان نائبا لقائد الطليعة عدنان عقلة، بعد أن عاد إلى سورية بثلاث سنوات أصبح عضوا في مجلس الشعب!!!!

هناك إصبع اتهام حقيقي نوجهه للسلطة باختلاق هذه الأزمة، ومع أننا كنا ولا نزال نتطلع إلى المستقبل، وكان فينا كثيرون ممن يشدهم التطلع لسورية المستقبل إلى طي صفحة الماضي بجراحاته، غير أنه ومع إصرار النظام حتى آخر خطابات بشار على تحميل الإخوان جريرة ما كان!! فإن الجماعة أطلقت مبادرتها العلنية بالمطالبة بتحقيق قضائي محايد في الأحداث، وأعلنوا مقدما عن قبولهم بنتائج التحقيق...

حين تتضح الحقيقة دون تزوير النظام وغسيل الأدمغة الذي مارسه من خلال دروسه القومية وتثقيفه الحزبي على الطلبة وعبر وسائل الإعلام وفي معسكرات الخدمة الإلزامية وغيرها من وسائل نفوذه الإعلامي والتعليمي!

حينها ستعلم أخي الكريم من هو الأكثر أمانا لمستقبل سورية الذي نريده لكل السوريين معا دون إقصاء ولا وصاية ولا مصادرة، وشكرا لتحفيزك الكريم على مثل هذا التوضيح الضروري(f)


كما أكرر شكر لحوار الأخ خالد الراقي والمنطقي

واسلموا لود واحترام(f)