فهو يذكرني، من ناحية، "بمدام كلود" عندما حاضرت مرة عن "الشرف". وهو يعيد إلي، من ناحية أخرى، "نفحات" طيب الذكر "أبو هاجر" في "هجر" عندما كان يتكلم عن المساواة :) ...

يا اسماعيل يا سندي، عن أي إقصاء تتكلم ؟ وماذا يبقى من جميع "فكركم"(مع اعتذاري للفكر) لو أزلنا منه طابع الاقصاء والوصاية؟ هل أذكرك هنا ببعض "جواهر" "عراب الارهاب" أم أذكرك "بحس البنا الساعاتي" وما طر شاربه بعد عندما أعلن "وصايته" على الآخرين في "جمعية ولّادية" (تجد حكاياته في "مذكرات الدعوة والداعية").

نعم "قطعان" ولا استطيع أن أقول غير هذا لآلاف موتورة تنطق عن كبد حرى، تزبد وترغي وتتوعد هائجة مائجة من أجل نص أدبي في كتاب عابر كان ذلك لسلمان رشدي أو "تسليمه نسرين" أو "حيدر حيدر" ...

نعم لا أحب "فكر الإخوان" وأعتبره من مخلفات الرجعية وآباً لجميع "العاهات" التي خرجت لنا في العالم العربي ... ولقد كتبت في هذا على مدار السنوات الأربع الماضية بما فيه الكفاية .. فما المشكلة ؟

وما المشكلة في أن أعود إلى مثل يتفوه به السوريون نتيجة لما حل بهم من عبث البعث والإخوان ؟

أما الديموقراطية فهذه قصتها قصة يا "إسماعيل" .. فهل تؤمن بها حقاً ؟ أم تؤمن بها مع "رتوش استبدادية" وطائفية حاقدة ؟

هل الشعارات الديموقراطية هي مطيتك إلى الحكم ثم تغيب الشمس ويأتي يوم مثل يوم إخوانكم أمس في الجزائر عندما ربحوا الانتخابات واعتبروها "بيعة" (بلسان عباسي مدني وعلي بلحاج في نفس اليوم) وأرادوا إحراق السلم الذي صعدوا عليه إلى الحكم، فقامت قيامة الجيش وأمطروا بعض والشعب الجزائري معهم بعذاب عظيم ؟ فهل هذه هي ديمقراطيتكم ؟

يا اسماعيل يا سندي

هذه الاقنعة الزائفة لا تنفع في عصرنا (ولقد قالها حسان في ثنايا مقاله) والمطلوب هو تغيير جذري في الفكر الإسلاموي وترك مدارس "البنا وسيد قطب" واللحاق بركب العصر والعقل والتعددية والديموقراطية الحقيقية، وليس ديموقراطية التسلق على إحباط الشعب المسكين مع سكين لاغتيالها بعد أن تنالوا أربكم منها ...

لن ينفعك يا "اسماعيل" ان تكتب تحت اسمك "نبع حب لا ينضب" ثم تدافع عن "سيد قطب" (وعلى راي المثل المصري: أسمع كلامك اصدقو، أشوف أمورك استغرب:)) ...

المطلوب يا سندي هو تبني فكر حداثي قائم على التعددية حقاً، والتخلص من "إرث الاستبداد الطائفي" ...

المطلوب هو فكر وطني يكفل لأبناء الوطن الواحد الحرية والحقوق والواجبات على قاعدة من المساواة التامة غير المنقوصة في القانون وأمام القانون ... فأين أنتم من هذا ؟

بقي أن الشارع الآن لا شك بأن فيه الكثير من صفكم وصف القوميين ... ولكن ألسنا نحن متخلفين ؟ أولا يضرب التخلف بجذوره في عمق أعماقنا؟ فكيف تريد "للشارع" أن يتبنى فكراً عقلانياً مستنيراً إنسانياً وخلفه القرون من الاستبداد والتخلف والجهل والمرض والدين والاساطير ؟

كيف لشعوب تأكل عقولها الأمية (بمعناها الواسع) وينخر في عظامها الاحباط أن تهتدي جميعها إلى "الصراط المستقيم" ؟

ولكن، هل يبقى الحال على هذا المنوال ؟
لو رضينا بهذا لما تكلمنا هنا، ولرضينا بأن نبقى "نتغوط في الخلاء" و"نغتسل في الترعة" و"نكتب الكتب على ضوء واه لشمعة متلاشية" ...

المستقبل لنا يا اسماعيل، وتستطيعون أن تعانقوه وترافقونا في الدرب لو تخليتم فقط عن نهجكم "الاستئصالي الاقصائي" الذي يتخلل نسيجكم مهما داهنتم وتلونتم ونافقتم ...

عليكم بالتبرؤ من تراث "البنا وقطب" ومن لف لفهما كي تغتسلوا بماء الحضارة الذي يستطيع أن يخلصكم من أدرانكم، وقبلها لن تقوم لكم قائمة.. لأنه لو فرضنا أنكم وصلتم إلى الحكم (الله لا يقدر) فلسوف تفعلون فعل الوهابيين في السعودية والمتخلفين في السودان والمجرمين في الجزائر، كي تنظر الشعوب وتصرخ: "تيتي تيتي، متل ما رحتي متل ما جيتي " ...

وبصراحة يا صاحبي .. فالكثير من الناس في العالم العربي اليوم بات يعرفكم .. ويعرف بأنكم حيث حللتم تنشرون الخراب، ولربما كانت هذه المعرفة هي إحدى دعائم السلطات الديكتاتورية القذرة في العالم العربي، فالناس محتارون: هل يثقون بسلطان مستبد لا يحبونه ؟ أم يولون أمرهم لمن لا يعرف من أسس الحضارة والتقدم غير بعض الشعارات الجوفاء والوصاية على الآخرين وبضاعة الحرام والعيب والممنوع والتكييس والتعليب ..


واسلم لي
العلماني