هل يمكن أن أجيب انا :)
بداية فأنا - كمسيحى - أستهجن مفهوم الجهاد لنشر الدين بقوة السلاح كما يبدو المعنى، وأسباب النزول، وكما تقول كتب الفقه الإسلامية.. أذكر هذه النقطة بداية للتوضيح..
لكن هذا لا يمنعنى من رؤية الجهاد بمفهومة الأعمق (الغير عسكرى).. واعنى جهاد النفس ضد ذاتها.. جهاد المصلح ضد مجتمعة.. جهاد العلم ضد التخلف.. أعنى الجهاد بمفهوم أكبر وأعمق من هذا، وسأكمل مصطلحا على هذا ب"جهاد الكلمة" ولا أعنى مطلقا "جهاد السيف" لإستنكارى مبدأ السيف لا مبدأ الجهاد بمعناه الفكرى..
لو نظرنا للأمر بهذه الصورة.. تنجلى لنا الحكمة من هذا التغيير..
إذ أن المصاعب التى تواجه "مجاهد الكلمة" لا يمكن قياسها ومعايرتها.. فهى مصاعب نسبية.. تختلف من ظرف لظرف.. ومن معركة فكرية لمعركة أخرى..
أنظر إلى نادينا كمثال ل"جهاد الكلمة".. هناك مجاهدون متفاوتون فى القدرات والمهارات الخطابية "مهارات الكلمة".. لكن فى الوقت ذاته.. لا يمكن التكهن بأن الحوار إن خاضه فلان (من أجل كلمة الله) هو حوار فائز حتماً..
فهناك مثرثرون.. والإغراق يهدم الفكرة..
وهناك متسفسطون.. والسفسطة الجدلية لا تصل معها لنتيجة..
هذه طبعاً عينات، والحياة أكثر شمولاً ومصاعب..
خلاصة ما أود قوله.. أن الأمر لا يتوقف على "مجاهد الكلمة" ومدى إستعداداته فقط.. بل يتوقف على قدرات خصمه أيضاً.. وفى أوقات كثيرة تقتل الكثرة الشجاعة.. أو تقتل الشللية الفكرة.. أو تقتل الظروف المجاهد نفسه..
فنجد "مجاهداً" قد فاز بالقارئ وخصومه كانوا 10 أشخاص..
ونفس المجاهد قد خسر القارئ وخصمه شخص واحد فقط..
والشللية من عدمه، أو الإغراق من عدمه.. هى الظروف المحيطة، والتى أثرت فى النتيجة
حياتنا بشكل عام هكذا..
أوقات نكون قادرين فيها على تحدى مصاعب غاية فى الصعوبة..
وأوقات أخرى تنهار قوانا مسرعة أمام مصاعب أقل..
هذه هى نظرتى لفلسفة القرآن بهذا الصدد، بغض النظر عن الإعتبارات المسطحة فى كتب التراث الإسلامى، وعبادة الحرف فوق المضمون..
نأتى الآن لسؤالك الحقيقى..
اقتباس:السؤال هو لماذا لم يخفف الله عنهم ابتداءً ؟! إن الإنسان من قبل أن يولد ما من شيءٍ يتعلق به في حاضره ومستقبله ، حتى هل هو في الجنة أو في النار إلا قد علم به الله ...
سؤال يحتاج إلى إجابة .
الله بشكل عام، لا يمنع المصاعب من مواجهة الإنسان.. الإنسان أساساً شبعان أيامه تعباً وحيرة..
المشكلة دائماً أننا نعتبر الحياة منتهية، والموت نهاية هذه الحياة..
الحياة بمجملها.. مرحلة فى حياة الإنسان.. هى دار للإختبار والفرز والتصحيح، وما الموت إلا دق الجرس لإعلان أنتهاء الوقت المحدد للإجابة..
فلسفة "الدار الآخرة".. هى الأساس فى كل الأديان.. وبدونها.. فالحياة مشروع متعب مجهد بلا داعى لطالما إنتهى بالموت..
الموت بداية لا نهاية.. ومع ابتسامة الموت، تبدأ الأجوبة الغير قابلة للسفسطة والشللية والتمنطق بغير ذى منطق..
إن الله يا عزيزى لا يمنع عنا التجارب..
ولا يتركنا قبلها أو بعدها..
قبلها يحذرنا ويوصينا.. وبعدها لو تبنا واعترفنا بخطايانا فهو يسامحنا..
وكل حياتنا التى نحياها.. هى قصة آدم والشجرة..
هل ستعصى وتأكل.. هل ستطيع ولا تأكل.. الله يعلم مسبقاً..
لكن أنت لا تعلم.. ولن تقتنع إلا بالتجربة..
لذا.. أمامك التجربة.. لكى تكون بلا عذر أيها الانسان..
تحياتى (f)