{myadvertisements[zone_1]}
خواطر متنوعة حول القرآن و إعجازه و الإسلام
الختيار غير متصل
من أحافير المنتدى
*****

المشاركات: 1,225
الانضمام: Jun 2001
مشاركة: #71
خواطر متنوعة حول القرآن و إعجازه و الإسلام
قبل قليل فتحت الإيميل فوجدت رسالة من موقع إسلامي ، مرسلها يسمي نفسه أحمد المسلم ، بين الفينة و الأخرى أجد رسالة في الإيميل كثيراً ما أحذفها دون أن أفتحها لأني أعرف أني لا أملك الوقت لدراسة محتواها ، اليوم قررت قبل الحذف أن أقرأها فوجدتها تتحدث عن النسخ في القرآن ، أو بالأصح "شبهة" النسخ في القرآن ، فقررت أن أكتب ردا على بعض ما ورد فيها ، و عندما هممت بإدراجها في شريط الخواطر ، وجدت الرد الأخير للعزيز ابن العرب ، و الذي أخجل من تركه كل هذه الفترة دون أي تعقيب ، خصوصاً أن كلامه فيه الكثير من الفائدة و التوضيح لفكرة الإله المستقيل ، و الذي تتضح صورته و ملامحه كل يوم أكثر ، كاحتمال جدلي يقابل احتمال وجود الآلهة التقليدية المعروضة في فترينة الأديان ، دائماً أتكلم عنه محاولاً فهمه ، رغم أني أشعر بعدم إيماني بوجوده ، لكني أجده بناء جدلي صعب تفتيته ، يشبه تماماً البناء الجدلي للإله الآخر ، أقصد التقليدي ، و كأنني سأصل في النهاية إلى فكرة واحدة ، و هي أن مسألة الإيمان بإله هي مسألة شخصية و غامضة ، و من السخف عقلنتها و التدليل عليها بمنطق الأشياء و الظواهر المشاهَدة ، كما يحب مروجي الإعجاز العلمي أن يفعلوا دائماً .

عزيزي ابن العرب
يعجبني ما قمتَ بتمييزه بين إله يبدع و يخلق فقط ، و بين إله يبدع و يخلق و يمارس دور القاضي .

نعم أنا لا أقتنع بوجود إله رهن كل جلالته من أجل الفصل بين الناس و شؤونهم ، مكافئتهم على اتباعهم الرسول الكريم و حرقهم بل التفنن في تعذيبهم لأنهم كذبوه و لم يقتنعوا به ، و هو يعلم كل العلم - نتيجة للعقل الذي وضعه في الإنسان- أن المسألة ليست مسألة عناد ، بل أنها ناتجة عن تفكير و تفكير عميق ، فالمسألة ليست مسألة فلان يلبس أحمر ، لا بل أزرق ، المسألة فيها الكثير من المطبات ، أقصد مسألة الإيمان حسب ما هي معروضة في الفترينة الدينية ، فلماذا كان دائماً-حسب الإسلام- يصفنا بأرذل الصفات و أبشعها كالمجرمين و الضالين الذين لم يصلوا لمستوى الأنعام في الإدراك ، و يتوعدنا دائماً بجهنم و بئس المصير فقط لأننا لم نقتنع بكلام شخص ادعى أنه المتحدث الرسمي عن الإله ؟؟؟؟

مسألة الاقتناع مسألة غاية في الدقة و التعقيد ، نأخذ مثلاً هنا أعضاء النادي ، المتدينين ، بصراحة نتيجة لتجربة لا بأس بها من النقاش معهم ، أجد أنه من المستحيل زحزحتهم عن مواقفهم المسبَقَة ، خذ مثلاً ما يمكن إثباته بطريقة هندسية غير قابلة للتأويل ، و المثال الأشهر هو الإعجاز العددي و العلمي ، فرغم كل محاولاتنا إثبات زيف هذه المقولة ، إلا أنك تجدهم دائماً و بين فينة و أخرى لا يتوانون عن التغزّل و الهيام بالعلم و التكنولوجيا القرآنية ، فلماذا لا نصف هؤلاء بالمجرمين و الخبثاء و الملعونين و غيره ، فقط لأنهم لم يقتنعوا بما نراه منطقياً و واضحاً وضوح الشمس لا يحتمل التأويل ؟؟؟؟؟؟؟

أرأيتم أن مسألة الاقتناع مسألة معقدة ، تستند أساساً إلى قاعدة بيانات معرفية كبيرة ، و هل رأيتم أنه من الظلم بل من السطحية و رداءة التفكير أن نصف من يخالفنا بأنهم مجرمين و خبثاء و ملاعين و شر كل بلية إلى غير ذلك من الصفات التحريضية و التي تغذي روح الحقد في قلب صاحبها ضد كل من يخالفه ، حتى لكأنه يتخيله أسوأ من الشيطان ، رغم أنه يمكن أن يكون إنساناً عادياً جدا و يعمل الخير لمن حوله و مفيد لمجتمعه .

على كل حال هذه مسألة أخرى ، نعود للنقطة التي ذكرها الأخ ابن العرب ، و هي الإله الذي يبدع و يخلق و لا يتدخل في شؤون الناس .

نعم يا صاحبي هذا هو توضيح لفكرة الإله الغائب ، و هنا أجد أنني أميل أكثر لتسميته بالغائب عن المستقيل ، فقد كنت سابقاً أحتار أي التسميتين أختار ، فأقول في أغلب الأحيان "الإله الغائب أو المستقيل ، أو المطنش the careless god"
و أنا كما قلت لكم لا أدعي العلم المسبَق بهذه المسألة و أنني مقطع السمكة و ديلها في الموضوع ، بل هي فكرة خرجت أثناء تجوالي على النت ، و كل فترة يُضاف إليها خط أو كلمة تضئ منطقة ما منها .

لماذا اخترت لفظ "الغائب"
لأنه فعلاً يبدع و يخلق الأشياء ، لكنه لا يتدخل في سلوكها ، أو كما وصف نفسه في فيلم Bruce Almighty "بروس العظيم" و هو أحدث أفلام الكوميدي جيم كاري ، في هذا الفيلم الجرئ من نوعه نجد الممثل "مورغان فريمان" يمثل شخصية "الله" ، و يقول بكل وضوح لجيم كاري "I am the one , i am GOD "
و الفكرة التي أعجبتني في هذا الفيلم و قد شاهدته منذ أيام قليلة ، هي أن هذا الإله لا يستطيع أن يتدخل في "الإرادة الحرة" للبشر ، فهو لا يستطيع أن يجبرك على حب فلان إذا لم تشأ أنت ذلك ، و لا يستطيع أن يمارس نحوك قدراته اللانهائية ليجعلك تكره فعل الشيء الذي تحب أن تفعله ، فهو إله محايد بحق ، و هو إله مقنع نوعاً ما ، و لم يتكلم أو ينوّه عن فكرة العذاب أو الجحيم و أنه يتربص بنا فقط متى نموت ليفرغ علينا كل أصناف العذاب و المخلوقات العجيبة التي يدخرها من أجلنا نحن المجرمون .

طبعاً أنا أذكر الفيلم هنا لا على سبيل الاحتجاج ، فهو فكرة كأي فكرة أخرى تحتمل الصواب أو الخطأ في الجانب هذا أو ذاك ، لكني ذكرتها لأنها تقاطعت كثيراً مع فكرة الإله الغائب الذي دوشت النادي فيه .

لماذا تركت صفة "مستقيل" عنه ؟؟؟؟
لأنه ربما لا يزال يعمل و يبدع و يخلق ، فلا ينفع أن يكون مستقيل ، لكني حين كنت أذكرها كنت أذكرها بمعنى أنه مستقيل من محاسبة مخلوقاته و التحكيم بينهم .

و لماذا تركت صفة "اللامبالي" ؟
لأنني عندما كنت أستخدمها كنت أقصد اللامبالاة لسلوك مخلوقاته و إرادتهم و التدخل بها ، بنفس معنى "المستقيل" ، لكني أجده يبالي بالخلق و الإبداع كما أشار الأخ ابن العرب .

إذاً حتى الآن أجد لفظ "الإله الغائب" هو الأنسب ، و هو لفظ قابل للتغيير و التعديل حسب ما يتوضح دائماً من نقاش ما أو قراءة ما .

يبدو أنني لن أتكلم على الإيميل الذي وصلني اليوم ، لأنني مضطر للذهاب ، لكني سأترك نص الإيميل بين يديكم على أن أعود إليه لاحقاً .

تحياتي للجميع




اقتباس:الكلام المنسوخ

النسخ فى اللغة هو الإزالة والمحو ، يقال: نسخت الشمسُ الظلَّ ، يعنى أزالته ومحته ، وأحلت الضوء محله.
ثم تطورت هذه الدلالة فأصبح النسخ يطلق على الكتابة ، سواء كانت نقلاً عن مكتوب ، أو ابتدأها الكاتب بلا نقل.
والنُّساخ أو الوراقون هم جماعة من محترفى الكتابة كانوا ينسخون كتب العلماء (ينقلون ما كتب فيها فى أوراق جديدة فى عدة نسخ ، مثل طبع الكتب الآن).
أما النسخ فى الشرع فله عدة تعريفات أو ضوابط ، يمكن التعبيرعنها بالعبارة الآتية:
" النسخ هو وقْفُ العمل بِِحُكْمٍٍ أَفَادَه نص شرعى سابق من القرآن أو من السنة ، وإحلال حكم آخر محله أفاده نص شرعى آخر لاحق من الكتاب أو السنة ، لِحكمة قصدها الشرع ، مع صحة العمل بحكم النص السابق ، قبل ورود النص اللاحق (1) والنسخ موجود بقلة فى القرآن الكريم ، مثل نسخ حبس الزانيات فى البيوت حتى الموت ، وإحلال الحكم بالجلد مائة ، والرجم حتى الموت محل ذلك الحبس (2).
النسخ و وروده فى القرآن ، على أن القرآن ليس وحياً من عند الله. ونذكر هنا عبارة لهم صوَّروا فيها هذه الشبهة:
" القرآن وحده من دون سائر الكتب الدينية ، يتميز بوجود الناسخ والمنسوخ فيه ، مع أن كلام الله الحقيقى لا يجوز فيه الناسخ والمنسوخ ؛ لأن الناسخ والمنسوخ فى كلام الله هو ضد حكمته وصدقه وعلمه ، فالإنسان القصير النظر هو الذى يضع قوانين ويغيرها ويبدلها بحسب ما يبدو له من أحوال وظروف.
لكن الله يعلم بكل شئ قبل حدوثه. فكيف يقال إن الله يغير كلامه ويبدله وينسخه ويزيله ؟
ليس الله إنساناً فيكذب ، ولا ابن إنسان فيندم ؟!
* الرد على هذه الشبهة:
نحن لا ننكر أن فى القرآن نسخاً ، فالنسخ موجود فى القرآن بين ندرة من الآيات ، وبعض العلماء المسلمين يحصرها فيما يقل عن أصابع اليد الواحدة ، وبعضهم ينفى نفياً قاطعاً ورود النسخ فى القرآن (3).
أما جمهور الفقهاء ، وعلماء الأصول فيقرونه بلا حرج ، وقد خصصوا للنسخ فصولاً مسهبة فى مؤلفاتهم فى أصول الفقه ، قل من لم يذكره منهم قدماء ومحدثين. والذى ننكره كذلك أن يكون وجود النسخ فى القرآن عيباً أو قدحاً فى كونه كتاباً منزلاً من عند الله. ذلك ظن الذين كفروا ، فويل للذين كفروا من النار.
إن الناسخ والمنسوخ فى القرآن ، كان إحدى السمات التربوية والتشريعية ، فى فترة نزول القرآن ، الذى ظل يربى الأمة ، وينتقل بها من طور إلى طور ، وفق إرادة الله الحكيم ، الذى يعلم المفسد من المصلح ، وهو العزيز الحكيم.
أما ما ذكرتموه من آيات القرآن ، ساخرين من مبدأ الناسخ والمنسوخ فيه فتعالوا اسمعوا الآيات التى ذكرتموها فى جداول المنسوخ والناسخ وهى قسمان:
أحدهما فيه نسخ فعلاً (منسوخ وناسخ).
وثانيهما لا ناسخ فيه ولا منسوخ فيه ، ونحن نلتمس لكم العذر فى هذا " الخلط " لأنكم سرتم فى طريق لا تعرفون كيفية السير فيه.
القسم الأول: ما فيه نسخ:
من الآيات التى فيها نسخ ، وذكروها فى جدول الناسخ والمنسوخ الآيتان التاليتان: (واللاتى يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن فى البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ) (النساء 15).
ثم قوله تعالى: (الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله 000 ) (النور 2).
هاتان الآيتان فيهما نسخ فعلاً ، والمنسوخ هو حكم الحبس فى البيوت للزانيات حتى يَمُتْنَ ، أو يجعل الله لَهُنَّ حكماً آخر.
وكان ذلك فى أول الإسلام. فهذا الحكم حكم حبس الزانية فى البيت ، حين شرعه الله عز وجل أومأ فى الآية نفسها إلى أنه حكم مؤقت ، له زمان محدد فى علم الله أزلاً. والدليل على أن هذا الحكم كان فى علم الله مؤقتاً ، وأنه سيحل حكم آخر محله فى الزمن الذى قدره الله عز وجل هو قوله: (أو يجعل الله لهن سبيلاً (. هذا هو الحكم المنسوخ الآن وإن كانت الآية التى تضمنته باقية قرآناً يتلى إلى يوم القيامة.
أما الناسخ فهو قوله تعالى فى سورة "النور" فى الآية التى تقدمت ، وبين الله أن حكم الزانية والزانى هو مائة جلدة ، وهذا الحكم ليس عامّا فى جميع الزناة. بل فى الزانية والزانى غير المحصنين. أما المحصنان ، وهما اللذان سبق لهما الزواج فقد بينت السنة قوليًّا وعمليًّا أن حكمهما الرجم حتى الموت.
وليس فى ذلك غرابة ، فتطور الأحكام التشريعية ، ووقف العمل بحكم سابق ، وإحلال حكم آخر لاحق محله مما اقتضاه منهج التربية فى الإسلام.
ولا نزاع فى أن حكم الجلد فى غير المحصنين ، والرجم فى الزناة المحصنين ، أحسم للأمر ، وأقطع لمادة الفساد.
وليس معنى هذا أن الله حين أنزل عقوبة حبس الزانيات لم يكن يعلم أنه سينزل حكماً آخر يحل محله ، وهو الجلد والرجم حاشا لله.
والنسخ بوجه عام مما يناسب حكمة الله وحسن تدبيره ، أمَّا أن يكون فيه مساس بكمال الله. فهذا لا يتصوره إلا مرضى العقول أو المعاندين للحق الأبلج الذى أنزله الله وهذا النسخ كان معمولاً به فى الشرائع السابقة على شريعة الإسلام.
ومن أقطع الأدلة على ذلك ما حكاه الله عن عيسى عليه السلام فى قوله لبنى إسرائيل: (ولأحل لكم بعض الذى حُرِّم عليكم) (آل عمران 50).
وفى أناجيل النصارى طائفة من الأحكام التى ذكروها وفيها نسخ لأحكام كان معمولاً بها فى العهد القديم.
ومثيروهذه الشبهات ضد القرآن يعرفون جيداً وقوع النسخ بين بعض مسائل العهد القديم والعهد الجديد. ومع هذا يدعون بإصرار أن التوراة والأناجيل الآن متطابقان تمام الانطباق .
ومن هذا القسم أيضاً الآيتان الآتيتان:
(يا أيها النبى حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون) (الأنفال 65).
وقوله تعالى: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين  وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين) (الأنفال 66).
والآيتان فيهما نسخ واضح. فالآية الأولى توجب مواجهة المؤمنين لعدوهم بنسبة (1: 10) ، والآية الثانية توجب مواجهة المؤمنين للعدو بنسبة (1: 2).
وهذا التطور التشريعى قد بين الله الحكمة التشريعية فيه ، وهى التخفيف على جماعة المؤمنين فى الأعباء القتالية فما الذى يراه عيباً فيه خصوم الإسلام ؟
لو كان هؤلاء الحسدة طلاب حق مخلصين لاهتدوا إليه من أقصر طريق ، لأن الله عزوجل لم يدع مجالاً لريبة يرتابها مرتاب فى هاتين الآيتين. لكنهم يبحثون عن " العورات " فى دين أكمله الله وأتم النعمة فيه ، ثم ارتضاه للناس ديناً.
وقد قال الله فى أمثالهم:
(ولو نزلنا عليك كتاباً فى قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) (الأنعام 7).
ومن هذا القسم أيضاً الآيتان الآتيتان:
(والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصيةً لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج...) (البقرة 240).
وقوله تعالى:(والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً...) (البقرة 234).
أجل ، هاتان الآيتان فيهما نسخ ؛ لأن موضوعهما واحد ، هو عدة المتوفى عنها زوجها.
الآية الأولى: حددت العدة بعام كامل.
والآية الثانية: حددت العدة بأربعة أشهر وعشر ليال.
والمنسوخ حكماً لا تلاوة هو الآية الأولى ، وإن كان ترتيبها فى السورة بعد الآية الثانية.
والناسخ هو الآية الثانية ، التى حددت عدة المتوفى عنها زوجها بأربعة أشهر وعشر ليال ، وإن كان ترتيبها فى السورة قبل الآية المنسوخ حكمها.
وحكمة التشريع من هذا النسخ ظاهرة هى التخفيف ، فقد استبعدت الآية الناسخة من مدة العدة المنصوص عليها فى الآية المنسوخ حكمها ثمانية أشهر تقريباً ، والمعروف أن الانتقال من الأشد إلى الأخف ، أدعى لامتثال الأمر ، وطاعة المحكوم به.. وفيه بيان لرحمة الله عز وجل لعباده. وهو هدف تربوى عظيم عند أولى الألباب.
القسم الثانى:
أما القسم الثانى ، فقد ذكروا فيه آيات على أن فيها نسخاً وهى لا نسخ فيها ، وإنما كانوا فيها حاطبى ليل ، لا يفرقون بين الحطب ، وبين الثعابين ، وكفى بذلك حماقة.
وها نحن نعرض نموذجين مما حسبوه نسخاً ، وهو أبعد ما يكون عن النسخ.
النموذج الأول:
(لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى) (البقرة 256).
(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) (التوبة 29).
زعموا أن بين هاتين الآيتين تناسخاً ، إحدى الآيتين تمنع الإكراه فى الدين ، والأخرى تأمر بالقتال والإكراه فى الدين وهذا خطأ فاحش ، لأن قوله تعالى (لا إكراه فى الدين) سلوك دائم إلى يوم القيامة.
والآية الثانية لم ولن تنسخ هذا المبدأ الإسلامى العظيم ؛ لأن موضوع هذه الآية " قاتلوا " غير موضوع الآية الأولى: (لا إكراه فى الدين).
لأن قوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) له سبب نزول خاص. فقد كان اليهود قد نقضوا العهود التى أبرمها معهم المسلمون. وتآمروا مع أعداء المسلمين للقضاء على الدولة الإسلامية فى المدينة ، وأصبح وجودهم فيها خطراً على أمنها واستقرارها. فأمر الله المسلمين بقتالهم حتى يكفوا عن أذاهم بالخضوع لسلطان الدولة ، ويعطوا الجزية فى غير استعلاء.
أجل: إن هذه الآية لم تأمر بقتال اليهود لإدخالهم فى الإسلام. ولو كان الأمر كذلك ما جعل الله إعطاءهم الجزية سبباً فى الكف عن قتالهم ، ولاستمر الأمر بقتالهم سواء أعطوا الجزية أم لم يعطوها ، حتى يُسلموا أو يُقتلوا وهذا غير مراد ولم يثبت فى تاريخ الإسلام أنه قاتل غير المسلمين لإجبارهم على اعتناق الإسلام.
ومثيرو هذه الشبهات يعلمون جيداً أن الإسلام أقر اليهود بعد الهجرة إلى المدينة على عقائدهم ، وكفل لهم حرية ممارسة شعائرهم ، فلما نقضوا العهود ، وأظهروا خبث نياتهم قاتلهم المسلمون وأجلوهم عن المدينة.
ويعلمون كذلك أن النبى (عقد صلحاً سِلْمِيًّا مع نصارى تغلب ونجران ، وكانوا يعيشون فى شبه الجزيرة العربية ، ثم أقرهم عقائدهم النصرانية وكفل لهم حرياتهم الاجتماعية والدينية.
وفعل ذلك مع بعض نصارى الشام. هذه الوقائع كلها تعلن عن سماحة الإسلام ، ورحابة صدره ، وأنه لم يضق بمخالفيه فى الدين والاعتقاد.
فكيف ساغ لهؤلاء الخصوم أن يفتروا على الإسلام ما هو برئ منه ؟
إنه الحقد والحسد. ولا شىء غيرهما ، إلا أن يكون العناد.
النموذج الثانى:
(يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) (البقرة 219).
(إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه) (المائدة 90).
والآيتان لا ناسخ ولا منسوخ فيهما. بل إن فى الآية الثانية توكيداً لما فى الآية الأولى ، فقد جاء فى الآية الأولى: " فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما "
ثم أكدت الآية الثانية هذا المعنى: (رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه)فأين النسخ إذن ؟.
أما المنافع فى الخمر والميسر ، فهى: أثمان بيع الخمر ، وعائد التجارة فيها ، وحيازة الأموال فى لعب الميسر " القمار " وهى منافع خبيثة لم يقرها الشرع من أول الأمر ، ولكنه هادنها قليلاً لما كان فيها من قيمة فى حياة الإنسان قبل الإسلام ، ثم أخذ القرآن يخطو نحو تحريمها خطوات حكيمة قبل أن يحرمها تحريماً حاسماً ، حتى لا يضر بمصالح الناس.
وبعد أن تدرج فى تضئيل دورها فى حياة الناس الاقتصادية وسد منافذ رواجها ، ونبه الناس على أن حسم الأمر بتحريمها آتٍ لا محالة وأخذوا يتحولون إلى أنشطة اقتصادية أخرى ، جاءت آية التحريم النهائى فى سورة المائدة هذه: (رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) هذه هى حقيقة النسخ وحكمته التشريعية ، وقيمته التربوية ومع هذا فإنه نادر فى القرآن.

08-22-2003, 08:33 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
خواطر متنوعة حول القرآن و إعجازه و الإسلام - بواسطة الختيار - 08-22-2003, 08:33 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  خواطر حول اللحية فارس اللواء 0 389 03-21-2014, 05:20 PM
آخر رد: فارس اللواء
  لكل من يقول : تركت الإسلام .أنت لم تعرف الإسلام حتى تتركه . جمال الحر 9 3,841 06-20-2012, 02:35 AM
آخر رد: حر للابد 2011
  خواطر حول هاجس المد الشيعي فارس اللواء 17 4,445 03-16-2012, 03:19 AM
آخر رد: السيد مهدي الحسيني
  خواطر حول قصة يونس عليه السلام مع الحوت . جمال الحر 24 7,982 12-15-2011, 03:11 AM
آخر رد: ahmed ibrahim
  سورة الأعراف ـ عجائب إحصائية وبيانية متنوعة ؛ إســـلام 3 2,365 09-24-2010, 02:46 AM
آخر رد: أبو فتوح

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS