{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
لقراءة تقرير التنمية العربية الخطير جد بالعربية ا لعام 2004
فضل غير متصل
لو راح المغنى بتضل الاغانى
*****

المشاركات: 3,386
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #5
لقراءة تقرير التنمية العربية الخطير جد بالعربية ا لعام 2004
تقرير التنمية الانسانية العربية للعام 2004: نحو الحرية في الوطن العربي (3 من 3)
2005/04/06

الحرب علي الارهاب اقتصت مزيدا من حريات العرب والانظمة المستبدة اتخذتها ذريعة لقمع شعوبها
العرب يعيشون بين قلق الخراب القادم ووهم الازدهار الملتبس المتمثل بقوي اجنبية لا يهمها الحكم الرشيد
لندن ـ القدس العربي :
يطرح تقرير التنمية الانسانية العربية للعام 2004: نحو الحرية في الوطن العربي ، معالجة متعمقة لنقص الحرية والحكم الصالح في العالم العربي، ولعل هذه القضية هي الأشد حضورا في النقاش الدائر داخل المنطقة وخارجها في الوقت الراهن. وهذا التقرير هو الاصدار الثالث من سلسلة تقرير التنمية الانسانية العربية التي تستهدف طرح نواة فكرية تعين في صوغ مشروع النهضة عبر حفز نقاش جاد حوله في البلدان العربية.
لقد اضحت أزمة التنمية في الوطن العربي من الجسامة والتعقيد وتشابك الجوانب، بحيث اصبح اي اصلاح حق لاحدي النواحي المطلوبة لبناء نهضة انسانية في المنطقة يستلزم ان يمتد الي جنبات المجتمعات العربية كافة. فلم يعد الاصلاح الجزئي كافيا مهما تعددت مجالاته، بل ربما لم يعد ممكنا من الاساس بسبب احتياج الاصلاح الجزئي الفعال لبيئة مجتمعية حاضنة. ومن ثم، فان الاصلاح المجتمعي الشامل في البلدان العربية لم يعد يحتمل الابطاء او التباطؤ حرصا علي مصالح راهنة مهما كان نوعها. ذلك ان القيد السياسي هو الأكثر وطأة والأبعد اعاقة لغرض النهضة فيها.



القمع وافقار السياسة

يتأرجح وضع المجال السياسي العربي اليوم بين دول تنهج المنع القاطع لأي تنظيم حزبي وبين دول تسمح بتعدد حزبي مشروط غالبا ما يشمل بالتحديد حظر اهم واقوي حزب معارض مع انحياز الدولة الي حزب تنشئة السلطة ويسمي الحزب الحاكم . وتضع الدول التي تسمح بالعمل الحزبي عراقيل في وجه احزاب المعارضة تتمثل في حرمانها من الموارد والتغطية الاعلامية والتحكم في اجراءات الترشيح والانتخاب واستخدام القضاء والجيش والاجهزة الامنية لتحجيم نشاطها وملاحقة قادتها وناشطيها والتأثير في نتائج الانتخابات.
وتعاني احزاب المعارضة اضافة الي ما تواجهه من قمع رسمي من مشكلات داخلية لا تقل خطورة. فعلي الرغم من احتكام هذه الاحزاب نظريا في نظمها الي الديمقراطية، فان الممارسة تكشف عن تسلط النخبة السياسية النافذة في غالبية هذه الاحزاب فترتب عن ذلك ان اصبحت القيادات ابدية لا تنتهي في الغالب الاعم الا بالوفاة، مع استثناءات نادرة مما شكك في شعاراتها الحداثية والديمقراطية.
وهناك الانشقاق الطائفي الحاد في المجتمع السياسي بين الاحزاب الاسلامية من جهة، والاحزاب العلمانية من ليبرالية وقومية من جهة اخري (هذا مع وجود انقسامات طائفية اخري مذهبية وعرقية وقبلية واقليمية). وقد دفع هذا التشرذم الطائفي بعض الاحزاب والقوي السياسية الي تفضيل التعاون مع الحكومات غير الديمقراطية علي التعاون مع منافسيها الحزبيين لارساء اسس حكم ديمقراطي يكون مفتوحا للجميع.
وادي وضع العراقيل امام مشاركة احزاب المعارضة في السلطة، الي تهميش بعض الاحزاب وضمورها. كما ولد قدرا كبيرا من عدم الثقة في العملية السياسية برمتها ودفع بالبعض الي اختيار العمل السياسي السري وانتهاج اساليب العنف والارهاب او الي السلبية السياسية. من جهة اخري ولد اغلاق الفضاء السياسي اقتناعا لدي بعض الناشطين والباحثين بضرورة التعويل علي منظمات المجتمع المدني وخاصة النقابات والمنظمات المهنية باعتبارها المؤهلة اكثر من الاحزاب السياسية العربية لقيادة المجتمع العربي نحو التنمية والديمقراطية.
الا ان المجتمع المدني يواجه مشكلة المجتمع السياسي مع السلطة بصورة لا تقل عنفا، حيث تسعي السلــــطة الي الهيمــــنة علي مؤسسات المجتمع المدني بطريقة مباشــــــرة او غير مباشرة عبر استراتيجية ثنائية مـــــن الاحتواء والقمــــع. كما تعاني بعض منظمـــــات المجتمع المدني من تبعيتها للاحزاب السياسية العربية التي تتخذها واجهة لتوسيع نفوذها السياسي في الاوساط الشعبية مما يفقدها القدرة علي المبادرة والحركية الذاتية.
ونتيجة لهذا كله لم تحقق منظمات المجتمع المدني الآمال المعلقة عليها في تجاوز الازمة السياسية القائمة، بل اصبحت بدورها اسيرة لها وجزءا من تجلياتها.
تلازم مناخ القمع واشاعة الفساد

كان الفساد الاقتصادي نتيجة طبيعية للفساد السياسي. ويأخذ الفساد في بعض البلدان شكل الفساد البنيوي ، حيث يعتبر الاستغلال الشخصي للمنصب والتصرف في المال العام امرا طبيعيا في العرف السائد (مثل اخذ العمولات في الصفقات مع الدولة). ويأخذ شكـــــل الفساد الصغير في بلدان اخري ويقصد به اضطرار المواطنين في البلدان العربية للجوء الي توظيف الوساطة والمحسوبية، او لدفع رشوة، للحصول علي خدمات كثيرا ما تكون مشروعة، او لتفادي عقاب ما من جهات الادارة.
واذا كانت معالجة الفساد تحتاج الي اجراءات تشمل، فيما تشمل، اصلاح الاوضاع الاقتصادية وتفعيل القانون وآليات المحاسبة وضمان الشفافية في الحكم فان الفساد البنيوي لا علاج له الا باصلاح جذري للبنية السياسية.

سلسلة خنق حرية الفرد

انعكست ازمة البنية السياسية علي التنظيم المجتمعي في البلدان العربية بحيث بات هذا الاخير يحمل بذور وأد الحرية. اذ يمكن تشبيه هيكل تنظيم المجتمع في البلدان العربية علي شدة تنوعه بسلسلة متشابكة الحلقات ـ تبدأ من التنشئة في نطاق الاسرة مرورا بمعاهد التعليم وعالم العمل والتشكيلة المجتمعية وانتهاء بالسياسة، في الداخل ومن الخارج ـ حيث تقتص كل حلقة من الفرد قسطا من الحرية وتسلمه، مسلوبا ذلك القسط من حريته، الي الحلقة التالية من السلسلة لتقتص بدورها نصيبها من حرية الفرد.
تقوم الأسرة وحدة المجتمع العربي، الي حد يتفاوت من سياق مجتمعي لاخر، علي العصبية التي تفرض الرضوخ والتبعية، والتي تعتبر عدوة للاستقلال الذاتي والتجرؤ علي الفكر وبناء كيان فريد واصيل. وقد اشتدت العصبية وقوي تأثيرها السلبي علي الحرية والمجتمع بسبب غياب او ضعف البني المؤسسية، المدنية والسياسية، التي تحمي الحقوق والحريات وتساند كينونة الانسان. فكان عندها البديل الوحيد المتاح للفرد هو الاحتماء بالولاءات الضيقة التي توفر له الامن والحماية. وقوي من العصبية ايضا قلة فعالية القضاء وتقاعس السلطة التنفيذية عن انفاذ احكامه، مما يجعل المواطنين غير مطمئنين علي حقوقهم خارج اطار العصبية.
وما ان يدخل الطفل المدرسة، حتي يجد مؤسسة تعليمية تغلب علي المناهج واساليب التعليم والتقييم فيها نزعة التلقي والخضوع التي لا تسمح بالحوار الحر والتعلم الاستكشافي النشط، ولا تفتح، من ثم، الباب لحرية التفكير والنقد، بل تضعف القدرة علي المخالفة وتجاوز الراهن. ويتركز دورها المجتمعي في اعادة انتاج التسلط في المجتمعات العربية.
ولكن التعليم، علي تعدد اوجه قصوره، وخاصة عند الوصول الي مراحله الاعلي، يبقي مصدرا اساسيا للمعرفة والاستنارة، وخميرة لقوي التغيير.
وعندما يتخرج الطالب، وبعد ان يقدر لفترة البطالة ان تنقضي، يلتحق بأدني درجات سلم مقيد جامد. خاصة في الخدمة المدنية.
وفي عالم السياسة تكتمل حلقات سلسلة خنق الحرية، حيث يزيد من الواقع القهري علي الفرد ضيق المجال العام وضعف منظمات المجتمع المدني التي يمكن ان يحتمي بها الشخص من ضعفه كفرد مما يعظم من قدرة قوي القمع علي البطش بحريات الافراد ناهيك عن تنزيل القهر من العالم الخارجي.
ويتحول حصار سلسلة خنق الحرية، مع الوقت، الي حصار داخلي للذات. يصبح فيه الانسان علي نفسه رقيبا، يحارب في ذاته كل نواة للقول والفعل. وقد دفعت هذه التركيبة المعقدة بمواطنين، وحتي مثقفين عرب الي حالة من الاستكانة يغذيها الخوف ـ الانكار لواقع القهر الرديء. بل والرضوخ السلبي له. ولكن ثمة شواهد علي ان تزايد الضيق بواقع القهر قد وصل الي حالة من الاستنفار تهدد الرضوخ ـ الانكار المعتاد، حتي بين فئات مجتمعية كانت حتي وقت قريب تعد من دعائم نسق الاستبداد الراهن وتدفع الانسان للمطالبة بالحرية.

نمط انتاج يكرس الحكم التسلطي

يفصم نمط انتاج الريع العلاقة الاساسية بين المواطنين كمصدر للايرادات العامة من خلال الضرائب وبين الحكم، باعتباره معتمدا علي تمويل المواطنين لاداء مهامه، ومن ثم معرضا لمساءلته عنه في كيفية استخدامه لموارد الدولة التي يقدمها المواطنون من خلال دفع الضرائب، بل يتاح للحكم في نمط انتاج الريع ان يلعب دور المانح، السخي احيانا، الذي لا يطلب مقابلا في صورة ضرائب او رسوم. ويحق لهذا المانح ـ المانع من ثم، توقع الولاء في ظل ذهنية العصبية من رعاياه.

التوق الي الحرية والعدل في الثقافة الشعبية

ليس ادل علي اتقاد التشوق للحرية والعدل في الوجدان العربي من مركزية مفاهيم الحرية والعدل في الثقافة الشعبية العربية، والنضال من اجلهما في مواجهة ابنية القهر والاستبداد.
وينهض اعظم تجليات هذا التراث الادبية دليلا ساطعا علي تمجيد حلم الحرية . فقد ادت السير والملاحم الشعبية في عصور الظلام والتفكك والضعف العربية، دورا عميقا في التعبير عن السخط والظلم والقهر والجبروت. وعن النزعة الي توحيد الصفوف وتحرير البلاد، والتعبير عن الحلم بعالم افضل. وذلك بـ صناعة الابطال الشعبين او الملحميين الذين يقهرون ذلك الواقع الجارح . تموج الثقافة الشعبية بشتي اشكال التعبير الشعبي عن الحرية، وبخاصة في الاهازيج والاشعار الشعبية.

بيئة عالمية واقليمية تقتص مزيدا من الحريات

يتعذر فهم اشكالية الحرية في البلدان العربية من دون اعمال النظر في دور العوامل الاقليمية، وتلك الوافدة من خارج المنطقة، خاصة العولمة ونسق الحكم علي الصعيد العالمي.
يمكن للعولمة، من ناحية ان تدعم حرية الفرد نتيجة للتقليل من قدرات الدول علي قهر الناس، خاصة في مجال الافكار والتصورات. كما انها يمكن ان توسع فرص الناس في التوصل للمعرفة وتفسح آفاق الوجود الانساني المتحضر من خلال سهولة الاتصال وانتقال الافكار. وعلي وجه الخصوص تتيح فرص العولمة امكان دعم الحرية من خلال تقوية المجتمع المدني عبر التشابك بين منظماته خاصة باستعمال تقنيات الاتصال والمعلومات الحديثة.
غير ان في العولمة حبسا انتقائيا للحرية علي صعيد العالم، من خلال التقييد الانتقائي لتدفق المعرفة في مجالات حيوية. وايضا في مجال انتقال البشر.
ومع العولمة فقدت الدولة جزءا من سيادتها لمجموعة من الفاعلين الدوليين كالشركات متعددة الجنسيات والمنظمات الدولية، خاصة في مجالات الاقتصاد، مما اصبح يستلزم تطوير بنية الحكم، المتمثلة في منظومة الامم المتحدة. علي الصعيد العالمي. الا ان هذا لم يتحقق، فقد ادي انتهاء التوازن بين القوتين العظميين والانتقال الي عالم احادي القطب الي اضعاف المنظمة العالمية او تهميشها، مما انعكس سلبا علي الحرية في العالم العربي. فقد ادي الاستخدام المتكرر لحق النقض او التلويح به من جانب الولايات المتحدة، الي الحد من فعالية مجلس الامن في احلال السلام في المنطقة، كما ساهم في زيادة المعاناة الانسانية. وفي خلق حقائق جديدة علي الارض كقيام اسرائيل ببناء المستوطنات وجدار الفصل التوسعي الذي يبتلع المزيد من الارضي الفلسطينية. وفي ظل هذا الوضع، اصبح التوصل الي حل عادل ودائم في فلسطين حلما بعيد المنال.
ودفع هذا بالعديد من ابناء المنطقة الي ان يفقدوا الامل في عدالة الحكم علي الصعيد العالمي وفي قدرته علي انصافهم. وقد يؤدي ذلك كله الي تغذية دوامة من العنف والعنف المضاد.
من ناحية اخري، اقتصت الحرب علي الارهاب مزيدا من حريات العرب فعلي الرغم من ان تصريحات المسؤولين في الغرب تؤكد علي ان نشر الحرية والديمقراطية يشكل الحل الامثل للتصدي لظاهرة الارهاب في الاجل الطويل، الا ان الممارسة الفعلية تدل علي تشدد مبالغ فيه من قبل كثير من البلدان الغربية في تشريعاتها الامنية. وكان من الاثار الجانبية المؤسفة لذلك التشدد ان اصبح العرب بصورة متزايدة ضحايا للتنميط، والمضايقة غير المبررة، او الاحتجاز دونما سبب. وفي الوقت نفسه، فان عددا من الحكومات في العالم العربي قد تذرعت بالخوف من الارهاب لاتخاذ اجراءات فرضت بموجبها قيودا اكثر تشددا علي مواطنيها.
وعلي المستوي القومي، فشلت الترتيبات المؤسسية الحالية للتعاون العربي في دعم التنمية العربية جوهريا. وفي الحفاظ علي الامن والسلام في المنطقة العربية.

رؤية استراتيجية: بدائل مستقبل الحرية والحكم

لا شك في ان مسيرة التحديث في البلدان العربية قد اسفرت عن انجازات ملحوظة خاصة في مجالات مكافحة المرض، وفي اقامة البني الاساسية والنشر الكمي للتعليم، وزيادة ادماج المرأة في المجتمع.
علي ان الدول العربية لم تف بعد بطموحات الشعب العربي في النماء والامن والتحرر بمعايير القرن الحادي والعشرين وان قامت فروق بين بلد عربي واخر في هذا المضمار. بل هناك ما يشبه الاجماع علي وجود خلل كبير في الاوضاع العربية، وعلي ان المجال السياسي تحديدا، هو موطن هذا الخلل ومحوره.

بدائل المستقبل العربي

وحيث ان السلطة القائمة لم تنجز اصلاحا جوهريا من داخلها بما يصوب المسيرة ويعزز الامل في مستقبل افضل، ينفتح المستقبل للعرب علي بدائل شتي، بعضها كارثي وبعضها الاخر واعد.

مسار الخراب الآتي

ان استمرار الاوضاع الراهنة، من عجز تنموي يلازمه قهر في الداخل واستباحة من الخارج، يمكن ان يفضي الي تعميق الصراع المجتمعي في البلدان العربية. وفي غياب آليات سلمية، ولكن ايضا فعالة، لمكافحة المظالم التي يتمخض عنها الواقع العربي الراهن، قد يلجأ بعضهم لاشكال من الاحتجاج العنيف تتزايد معه فرص الاقتتال الداخلي. وقد يفضي ذلك الي تداول قادم للسلطة يتأتي عن العنف المسلح، بما ينطوي عليه من خسارة انسانية لا تقبل مهما صغرت ولا تحمد عقباها بالضرورة، خاصة فيما يتصل بطبيعة التنظيم السياسي الذي قد يتولد عنه.

مسار الازدهار الانساني

ان السبيل لتلافي بديل الخراب الآتي هو التداول السلمي العميق للسلطة من خلال عملية تاريخية تتبناها جميع الشرائح المناصرة للاصلاح في عموم المجتمع العربي في السلطة وخارجها علي مختلف الجبهات باطراد، وبالسبل الديمقراطية كافة، بهدف تعزيز الحريات والحقوق. والنتيجة المتوخاة هي اعادة توزيع القوة في المجتمعات العربية بما يوصلها لمستحقيها من السواد الاعظم من الناس. والعمل علي اقامة نسق للحكم الصالح يشكل اساسا متينا لنهضة انسانية في الوطن العربي.
مسار وسط: الاصلاح المدفوع من الخارج

في المنظور الواقعي، قد يتبلور المستقبل العربي علي مسار ما بين هذين البديلين، ونقصد ما يمكن ان يتمخض عنه الضغط الخارجي، الذي يمكن ان يدفع موجة من الاصلاح الداخلي في البلدان العربية. وهذا البديل الملتبس قد لا يرقي لبديل الازدهار الانساني . ذلك انه قد ينطوي علي التخضع للضغط من الخارج وفق رؤي قوي اجنبية لاتتقاطع بالضرورة مع الحرية والحكم الصالح، خاصة فيما يتصل بالتحرر والاستقلال الوطني وطبيعة النظام المنشود.
والتحدي الذي يواجه قوي النهضة في الوطن العربي هو كيفية التعامل مع هذا البديل بما يعزز مسار الاصلاح من الداخل، ويقلل ما امكن من مساويء هذا البديل الجوهرية.
وفي جميع الاحوال، فان اي تعاون مع منظمات اهلية او رسمية غير عربية سيكون مجديا اذا ما احترمت جميع الاطـــراف مباديء اساسية نجملها في:
الاحترام البات لكامل منظومة حقوق الانسان علي صعيد العالم اجمع وتجريم الانتقاص من حقوق الانسان ايا كان مصدر الانتهاك.
احترام حق العرب في ايجاد طريقهم الخاص الي الحرية والحكم الصالح عبر ابداع قوي المجتمعات العربية، دون فرض نماذج مسبقة.
القبول بادماج القوي المجتمعية الفاعلة كافة في نسق للحكم الصالح يضمن شمول التمثيل الشعبي ومقاومة التوجهات الاقصائية.
الالتزام بنتائج تعبير الارادة الشعبية عن نفسها.
التعامل مع الشعوب العربية من منطق شراكة الانداد لا من منطق الوصاية.

مضمون الاصلاح المطلوب في البنية
المجتمعية العربية لضمان الحرية

يتطلب قيام مجتمع الحرية والحكم الصالح اصلاحا متكاملا لنسق الحكم في ثلاثة نطاقات مترابطة: داخليا واقليميا ودوليا.

الاصلاح الداخلي

يتطلب الاصلاح الداخلي اصلاحا مؤسسيا للدولة وللمجتمع المدني والقطاع الخاص لتعزيز مباديء الادارة الرشيدة. كما يتطلب تصحيحا لمسار التنمية، واصلاحا سياسيا يشتمل علي ما يلي:

الاصلاح في الممارسات: لا بد لاي اصلاح ان يعطي اولوية قصوي لاصلاحات ثلاثة لا تحتمل التأجيل:
الغاء حالة الطواريء.
القضاء علي التمييز ضد الجماعات الفرعية.
ضمان استقلال القضاء.

الاصلاح القانوني: يتطلب اصلاح النظام القانوني في بعض الحالات اصلاحات دستورية. وفي اخري اصلاحات في التشــــريعات، ليصبح النظام متوافقا مع القانون الدولي لحقوق الانسان، وليصبح فعالا في حماية حقوق الانسان والحريات في الواقع الفعلي.
وفيما يتعلق بالدساتير، بات من الضروري اصلاحها لتحقيق عدم تأييد السلطة السياسية وجعلها سلطة مسؤولة عن تصرفاتها امام الاجهزة القضائية والهيئات التمثيلية المنتخبة، وضمان التعددية الفعلية في نظام سياسي يقوم علي مبدأ المساواة.
كما بات مطلوبا ان تضمن الدساتير العربية جميع الحقوق والحريات الاساسية، وان يرد نص صريح فيها علي عدم مشروعية قيام التشريع بتقييد الحقوق والحريات الاساسية في معرض تنظيمه لها.
ولا بد من اصلاح التشريعات الخاصة بمباشرة الحقوق السياسية باتجاه تكريس مبدأ المساواة بين جميع العناصر المكونة لنسيج الوطن علي اساس مبدأ المواطنة. ولا بد ان تضمن القوانين حرية المواطنين في تشكيل منظـمات المجتمع المدني وفي اقامة احزابهم وحق الاحزاب في مباشرة نشاطها السياسي السلمي. كما بات ملحا تعديل التشريعات العربية، بما يضمن الحماية من التعرض للحرية الشخصية، بالقبض غير القانوني والتعذيب والاعتقال الاداري والاختفاء القسري.
اصلاح البنية السياسية: يكمن الاصلاح الرئيسي في هذا المجال في اخضاع قيادات الحكم للاختيار الشعبي المباشر، ويمر الطريق اليه بانهاء احتكار الجهاز التنفيذي للسلطة وتهميشه لاجهزة الدولة الاخري وعرقلته للتطور الحر والصحي لقوي المجتمع وطاقاته، وفي بعض البلدان، يتطلب ذلك الفصل بين جهاز الدولة وبين الحزب الحاكم بحيث لا يحظي هذا الحزب بميزة استخدام الخدمات التي تقدمها الدولة لدعم وترسيخ وجوده اخلالا بقاعدة المساواة امام القانون. ولكي يحقق الاصلاح مبتغاه، فان هناك واجبات ومسؤوليات تقع علي عاتق الدولة وقوي المجتمع كافة.
يترتب علي الدولة اطلاق حريات التعبير والتنظيم، وفتح حوار مباشر وفوري مع كل القوي الفاعلة في المجتمع والمحافظـة علي استقلالية وسلامة مؤسسات الحكم، اضافة الي اجراء اصلاح شامل في بنية الاجهزة الامنية ووظيفتها. ويشمل ذلك ان تحترم كل هذه الاجهزة القانون، وان تكون في خدمة الشعب والوطن لا شخص الحاكم او الحزب او الطائفة او القبيلة.
ويترتب علي نخب المجتمع السياسي ان تسعي لتطوير خطاب بناء غير اقصائي، والاجتهاد في ايجاد القواسم المشتركة بين جميـــــع القوي السياسية للخروج من حالة الاستقطاب والتشرذم التي طفقت تسد الطريق علي اي تحـــــول ديمقراطي حقيقي في الوطن العربي. وعليـــــها ايضا ان تحدد بوضوح التزامها بالحلول الديمقراطية لكل خلافاتها.
اما مؤسسات المجتمع المدني، فلا بد لها من تطوير صياغ عمل واطارات نظرية ملائمة لتوطين النشاط المدني والحقوقي بصورة تضمن مشاركة واسعة وفعالــــة من قطاعات المجتمع كافة اضافة الي العمل علي تعزيز استقلاليتها وانشاء شبكات من المنظمات والجمعيات التي تتلقي حول الاهداف نفسها.
وفي مجال التمثيل النيابي، لا بد من البدء باقرار مبدأ المساواة التامة في المواطنة وعدم الاستبعاد من التمثيل النيابي علي اي معيار، كما يستحسن اتباع سياسات تقوم علي مبدأ التمييز الايجابي لصالح الفئات المهمشة، منها تخصيص حصة لابناء وبنات الجماعات الفرعية والنساء في المناصب الحكومية وفي المجالس النيابية، مع اقرار مبدأ التنافس داخل الحصص. كما بات لزاما انشاء لجان خاصة للنزاهة في المجالس النيابية لمنع النواب من استغلال نفوذهم السياسي.

المستوي القومي

يعني التحول نحو الحكم الصالح علي الصعيد القومي في الوطن العربي الانتقال من نسق الحكم الاقليمي القاصر القائم حاليا الي تنويعه من ترتيبات الحكم الاقليمي المتوجهة نحو التكامل. ويقترح ان يقوم الجهاز الاقليمي بانشاء آليات لفض المنازعات. وربما للدبلوماسية الوقائية، بين الدول. كما بات من الضروري ان تقوم الدول العربية بابرام ميثاق عربي جديد لحقوق الانسان يتمشي مع كامل منظومة حقوق الانسان، ويوفر الاليات اللازمة لوقف الانتهاكات علي المستوي الوطني والقومي. ولعل ابرز هذه الاليات انشاء مجلس عربي لحقوق الانسان، ومحكمة عربية لحقوق الانسان يتاح فيها للافراد ان يتقدموا بشكاواهم مباشرة ضد حكوماتهم.

الحكم علي الصعيد العالمي

اضحي هذا النسق بحاجة الي اصلاح يتيح قنوات سلمية وفعالة لفض المنازعات، من خلال اطار من القواعد العادلة واليات فعالة يخضع لها الجميع، القوي قبل الضعيف. ويستلزم ذلك تطوير المنظمة الدولية لتصبح سلطة محايدة قادرة علي المساهمة في توفير الامن والسلام والازدهار للبشرية جمعاء، علي اساس متين من حقوق الانسان والعدالة والرخاء للجميع.
وفي ضوء مصداقية منظومة الامم المتحدة التي ستعزز في حالة تطويرها، يمكن لها ان تساهم في التحول نحو الحرية والحكم الصالح في البلدان العربية من خلال ضمان تحقق الاصلاح القانوني الابتدائي المطلوب لحرية تكوين منظمات المجتمع المدني ونشاطها، وضمان توافر الشروط اللازمة لحيدة ونزاهة الانتخابات.

انفاذ التداول السلمي العميق
للسلطة في البلدان العربية وصولا للحرية
والحكم الصالح في بديل الازدهار الانساني

تمر سلسلة الاحداث الناظمة للتحول التاريخي المطلوب لبناء مجتمع الحرية والحكم الصالح، بمحطات عدة، وحيث ان مدي الرؤية يتناقص كلما ابتعد الافق الزمني في المستقبل، وتزداد من ثم فرص قيام تنويعات عديدة علي بدائل الفعل المستقبلي، سنقتصر هنا علي المشهد الاول، الذي يعد في تقديرنا المعيار الجوهري للحكم علي جدية عملية الاصلاح في البلدان العربية.
يشتمل هذا المشهد المفتتح علي اطلاق الحريات المفتاح للرأي والتعبير والتنظيم في البلدان العربية، والقضاء علي جميع اشكال الاقصاء خارج المواطنة والتمييز ضد الجماعات الفرعية، والغاء جميع اشكال القانون الاستثنائي مثل حالة الطواريء والمحاكم الاستثنائية وتكريس مباديء الشفافية والافصاح في نشاط مؤسسات المجتمعات العربية كافة.
وعلي هذا الاساس يتطلب هذا المشهد بداية اصلاحا تشريعــــيا وتنظيميا يحقق الحريات المفتاح واستقـلال القضاء ويحدد مهام اجهزة الامن في دورها الاصيل لحماية امن الوطن والمواطن.
والمنتظر ان مناخ الحرية الذي يتبلور باطلاق الحريات المفتاح، ويتحقق باقي الشروط الضرورية، سيؤدي الي قيام مؤسسات صالحة في المجتمعين المدني والسياسي علي الصعيدين القطري والقومي، بما يمهد السبيل لنشأة المشاهد اللاحقة من مسيرة الازدهار الانساني في الوطن العربي.

مختتم: سدرة المنتهي

قد يبدو من التحليلات السابقة ان ديار مجتمع الحرية والحكم الصالح في البلدان العربية دونها اهوال، وهذا صحيح لا مراء فيه، ولكن علينا ان نتذكر ان منتهي هذه المسيرة العسيرة مقصد هو من النبل بحيث يستحق العناء.
وقد آن الاوان لتعويض ما فات. والمؤمل الا تتأخر الامة العربية مرة ثانية عن الامساك بالمسار التاريخي المؤدي الي الموقع الذي يليق بها في عالم جديد شجاع ونبيل تسهم في اقامته وتنعم بالانتماء اليه.


04-07-2005, 04:16 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
لقراءة تقرير التنمية العربية الخطير جد بالعربية ا لعام 2004 - بواسطة فضل - 04-07-2005, 04:16 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  تقرير خاص :حقيبة اسرار القذافي بحوزة الاسد والشيخ تميم يتصل بالاسد the special one 2 976 05-01-2012, 08:25 PM
آخر رد: Free Man
  تشاؤمات أبو علي الشيباني لعام 2012 مؤمن مصلح 7 6,289 04-05-2012, 05:42 PM
آخر رد: مؤمن مصلح
  موقع "الحوار المتمدن" يحوز على جائزة مؤسسة ابن رشد للفكر الحر لعام 2010 بسام الخوري 1 4,176 10-10-2010, 10:13 PM
آخر رد: هاله
  تقرير مركز بيوالأمريكي حول الأقليات في مصر ((الراعي)) 3 2,074 02-14-2010, 12:03 PM
آخر رد: طريف سردست
  ملاحظات بعد إقرار تقرير غولدستون المهاجر الفلسطيني 3 1,393 10-18-2009, 09:51 AM
آخر رد: المهاجر الفلسطيني

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS