بوق السلطة عماد فوزي الشعيبي خبير الدراسات الاستراتيجية -وضراب السخن- عقب على الخبر قبل في مستهل لقاء الجزيرة به يوم أمس بقوله: (كذابون)!! وانزعج من أن الجزيرة اكتفت بأن المسؤولين السوريين يكذبون الخبر، وقال: بأنه غير صحيح لأنه لا حاجة لتكذيب الخبر فالشارع السوري (يقهقه) من هذه الفرية الإسرائيلية!!

يا ترى ماذا سيقول الآن هذا البوق بعد أن صفعه أسياده واكدوا أن هذه المصافحة كانت وإن حاولوا التقليل من شأنها!!
من الذي يقهقه الآن يا شعيبي؟!

أما التبريرات التي يسوقها النظام فلا تنطلي على أحد، لأن المصافحة في مرتين، بل والمبادرة في الثانية من جانب بشار نفسه لا تعني أن الأمر جاء اعتباطا، وإنما تعني أن النظام الذي راهن ولا يزال يراهن في (فك زنقته) على الخارج لا على الخيار الشعبي، كأنما انتبه أن خيوط اللعبة -أو خيلوا له هكذا!- كلها باتت بيد أمريكا وإسرائيل، وإذا كان أعطى أمريكا ما تريد (ترحيل حركات المقاومة، والانسحاب من لبنان)، فلم لا يعطي إسرائيل ما تريد وهو الذي قال من قبل بأنه لا شروط مسبقة عنده للتفاوض مع إسرائيل! بينما شروطه فقط على أبناء وطنه، وعنترياته عليهم، وشموخه وكبريائه على أي عبارة تند عن واحد منهم ولو مضى على العبارة ربع قرن من الزمان فهيهات أن تسقط بالتقادم!!

صاحبنا باختصار بدأ بالحلاقة لنفسه حسب توصيات علي عبد الله صالح، ولكنه للأسف الشديد استخدم الموس الأمريكي للحلاقة والتنظيف على طريقة القذافي، ولم يراع أن ثمة موس وطني يصلح لهذه المهمة دون أن يكلفه ويكلف الوطن كل هذا البذل الذي يدفع الوطن جميعه ثمنه باهظا!

حتى الآن لم ينتبه البعثيون، ولا سائر السلطات الاستبدادية الشمولية العربية أن لشعبها عليها حقا، وان التنازل للشعب عن بعض ما سرقوه، أخف وطأة ألف مرة من التنازل للعدو الخارجي..

لولا أنهم من بجاجحتهم ونفاق من أحاط بهم لا يرون الاستقواء بالخارج على الوطن سبة إلا إن كان في إطار التعريض بالمعارضة حتى ولو في الأراجيف والدعايات الكاذبة!

تنسى هذه النظم أنها استقوت ابتداء بأمريكا والغرب، فهي عالة في وجودها وما يسمى بشرعيتها الدولية على اعتراف أمريكا بها، وإن ننسى ما فات، فلن ننسى أن مادلين أولبرايت كانت في طليعة موكب المباركين للانتقال الوراثي الجملوكي في سوريا منذ كان صاحبنا (مرشحا فيما زعموا- لرئاسة الجمهورية!

بعد مدة من الزمن اضطرت المستجدات أمريكا أن ترفع دعمها عن نظم الاستبداد، وبدأت برفع شعارات الدمقرطة والانحياز إلى الشعوب..

طبعا لا يمكن لوطني حر أن يثق بهذه الشعارات المجردة، ولا ينبغي لعاقل أن يركن إلى من جربناه أول مرة ورأينا كيف كان هو الداعم الأول لحكومات الاستبداد، بل رأينا أنه كان ولا يزال يراهن في ما يسميه إصلاحات على أجندة خارجية، لكن...
إذا كانت شعارات الانحياز إلى الشعوب، ومطالبة الأنظمة الصنيعة العميلة بالإصلاح هي مطالب ذات السيد الذي فرضهم على أوطاننا يوما....

أو بعبارة أخرى:

إذا رفعت أمريكا والغرب حمايتها عن هذه النظم المستبدة، فهل من المنطق ألا تستفيد الشعوب من هذا الواقع الجديد، في محاولة للتخلص من واقع مرير جربناه عقودا طويلة بل ربما تجاوزت تجربته ستة عقود في منطقتنا، فلم نستطع من طوق شموليته فكاكا، ولا من قيد استبداده تحررا!

لماذا لا نستفيد من رفع أمريكا حمايتها عن هذه النظم؟

ولماذا تدان الشعوب والمعارضات في أي بارقة استفادة واعية وبصيرة من المستجدات، بينما تبرر الأبواق القذرة للنظم كل تشابكاتها وزحلقاتها وارتاطاتها المريبة بقوى الاستكبار العالمية؟!!

لماذا علينا أن نصدق بأن مصافحة بشار لكاتساف مرتين في مناسبة واحدة شأن عرضي؟!!!

على أنني لا أخفي استيائي من حضور بشار لهذه الجنازة، لا لأنني ضد مثل هذه المجاملات السياسية، ولكن لأن المرة الوحيدة الذي صادفت فيها كاميرا التلفزيون صورة بشار أثناء متابعتي التشييع يوم أمس، كان فيها صاحبنا يضحك بملء فمه كالأبله! فقلت في نفسي: إن كان صاحبنا رأى أن مجلس الشعب ساحة لتوارد نكاته وإضحاك ممثلي مجلس الدمى السوري، فهل كان هذا أيضا شأنه للتضاحك في موكب جليل وخاشع في حضرة الموت، وكفى بالموت واعظا...!

واسلموا ودا واحتراما