سورية مشغولة بحديث المصافحة بين الاسد وكاتساف

بهية مارديني GMT 0:00:00 2005 الأحد 10 أبريل
بهية مارديني من دمشق والوكالات: اعتبرت اوساط عدة في دمشق ان المصافحة التاريخية التي جرت الجمعة بين الرئيسين السوري بشار الاسد والاسرائيلي موشي كاتساف في الفاتيكان بروتوكولية محض وليس لها مدلول سياسي.

وكانت هذه المصافحة الاولى من نوعها بين رئيسي البلدين جرت على هامش جنازة البابا يوحنا بولس الثاني في روما.
وقال المحلل السياسي احمد الحاج علي المستشار السابق في وزارة الاعلام ان هذه المصافحة "جاءت عرضية من دون تخطيط في اجواء عاطفية املتها صرامة البروتوكول" في الفاتيكان.

واعتبر انها "لا تعني اي شيء بالمفهوم السياسي وليس لها اي تاثير على اي مسالة سياسية".

وكانت وكالة الانباء السورية (سانا) الرسمية اعتبرت مساء الجمعة بعد ساعات على اعلان خبر المصافحة في وسائل الاعلام الاسرائيلية ان ما حصل جاء "في اطار حالة عرضية وليس له اي مغزى سياسي كما انه لا يغير في موقف سوريا المستند الى الثوابت المعروفة والمعلنة".

وقالت الوكالة نقلا عن مصدر اعلامي انه "اثناء تأبين البابا يوحنا بولس الثاني اقتضت المراسم والشعائر المتبعة ان يصافح المشاركون بعضهم بعضا مصافحة شكلية وقد التفت موشيه كاتساف الى الرئيس بشار الاسد الذي كان واقفا وسط حشد كثيف من القادة والرؤساء ومد يده مصافحا الرئيس الاسد، دون تبادل اية عبارات".

من جهتها نشرت صحيفة تشرين الحكومية الخبر اليوم السبت في صفحتها الاخيرة من دون تعليق.

الا ان هذه المصافحة البروتوكولية التي عمل الطرفان السوري والاسرائيلي على التقليل من اهميتها تاتي في وقت تكرر فيه دمشق رغبتها بالعودة الى طاولة المفاوضات مع اسرائيل.

لكن اسرائيل لا تزال ترفض العروض السورية باستئناف المفاوضات "دون شروط مسبقة" وترى فيها على غرار واشنطن مجرد "مناورة".

وتعتبر اسرائيل ان على السوريين ان يظهروا حسن نيتهم عبر "التوقف عن دعم الارهاب" في اشارة الى المنظمات الفلسطينية المتشددة.

وكانت اخر مفاوضات بين السوريين والاسرائيليين جرت في الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير 2000، حيث طالبت سوريا باسترداد كامل هضبة الجولان التي احتلتها اسرائيل في حزيران/يونيو 1967 مقابل اقرار السلام مع الدولة العبرية.

وتتعرض سوريا منذ سقوط نظام البعث في العراق في نيسان/ابريل 2003 لضغوط اميركية شديدة.

وادت الضغوط الاميركية والفرنسية الى صدور قرار مجلس الامن رقم 1559 الذي دعا سوريا الى سحب قواتها من لبنان، الامر الذي تعهدت دمشق بانهائه قبل نهاية الشهر الجاري اثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط/فبراير الماضي.

واصدر مجلس الامن الخميس القرار 1595 الذي اقر تشكيل لجنة تحقيق دولية لكشف ملابسات اغتيال الحريري. وكان التقرير الذي وضعته لجنة تقصي حقائق دولية في الحادي والعشرين من اذار/مارس الماضي اشار باصابع الاتهام الى سوريا بشكل غير مباشر.

ويؤكد المسؤولون الاسرائيليون ان اي مصافحة مع الاسرائيليين تبقى غير مناسبة ودون جدوى ما لم يتم التوصل الى تحقيق سلام.

وحتى عندما التقى وزير الخارجية السوري فاروق الشرع في كانون الاول/ديسمبر 1999 رئيس الوزراء الاسرائيلي في تلك الفترة ايهود باراك في حدائق البيت الابيض برعاية الرئيس بيل كلينتون رفض الرجلان التصافح رغم اصرار المصورين.

وفاجأت المصافحة السوريين خاصة لما سبقها من نفي بعض الوكالات ومحطات التلفزة نسبة الى مصادر سورية لهذه المصافحة فيما اكدها الرئيس الاسرائيلي ، الى ان ظهر الاقرار السوري الرسمي الذي نشرته وكالة الانباء السورية، واعتبر المصافحة اثناء مراسم تشييع البابا امرا شكليا وعرضيا .

ولفت المحلل السياسي والناشط السوري ميشيل كيلو في تصريح لـ"ايلاف" الى " انهم قالوا لنا انها عرضية وسوف نصدق ذلك فمن غير المعقول ان يكون هناك تطبيع دون سلام وانسحاب".

المحامي محمد رعدون رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان في سورية رأى ان المصافحة لم تكن ضرورية ابدا ، لان كاستاف رئيس دولة تحتل اراضي سورية منذ عام 1967 خلافا للقانون الدولي واسرائيل امتنعت عن تنفيذ كل القرارات الدولية الخاصة بالجولان [SIZE=5]،واستذكر بهذا الخصوص ان الرئيس الراحل حافظ الاسد انه اثناء حضور جنازة الملك حسين اشترط ترتيبات خاصة لحضور الجنازة لكي لايصافح الرئيس او المبعوثين الاسرائيليين الحاضرين في الجنازة .
المحامي هيثم المالح رئيس جمعية حقوق الانسان في سورية و الذي كان غاضبا جدا قال لـ"ايلاف" انا لو كنت موجودا لما صافحت، فكيف اصافح عدوي ؟،ولكن لكل وجهة نظره ورايه ، مشددا ان "اسرائيل مازالت تتوسع بالمستوطنات وتقتل الفلسطينيين فكيف نقول لهم مرحبا وللاسف ان اغلب الدول العربية تحتار بكيفية ارضائها".

بينما اعتبر الناشط الحقوقي انور البني في تصريح لـ"ايلاف" ان المصافحة بين الرئيسين السوري والاسرائيلي تكسر حاجزين حاجز نفسي والذي كانت السلطة دائما تقوم بتضخيمه الى حد انه اذا تواجد احد السوريين فيه مؤتمر يضم اسرائيليين بغض النظر ان كان قدر رآهم ام لا كان يتهم بالخيانة والحاجز الثاني ان منطق الصراع الان لايعتمد على مبدا القتل انما صراع بمنطق القوة الحضارية ، منطق الحوار وقوة البناء وليس التدمير .

وارتاح البني لهذه المصافحة اذ راى انها تعبير عن انتقال الصراع الى منطقه الحقيقي وهو صراع القوة الحضارية التي هدفها الاعتماد على بناء الانسان القوي وليس استباحته وقتله.

ورأى محمد صوان الامين العام للتجمع من اجل الديمقراطية والوحدة المعارض في تصريح لـ"ايلاف" ان المناسبة التي يوجد بها الرئيس السوري تفرض على كل من هو موجود ان يكون سلوكه سلوكا انسانيا والمصافحة جاءت من باب انساني وليس لها اية صفة سياسية وفي اعتقادي انها لاتؤثر على موقفنا من عملية السلام المستند الى قرارات الشرعية الدولية وثوابتنا التي تؤكد على اعادة ما سلب من اراضينا وحقوقنا.