{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
موضوع مخصص للمقالات المكتوبة عن قداسة البابا الراحل وتعاليمه وأفكاره المعادية للاستبداد والعولمة وال
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #7
موضوع مخصص للمقالات المكتوبة عن قداسة البابا الراحل وتعاليمه وأفكاره المعادية للاستبداد والعولمة وال
الكاتب: المطران جورج خضر المصدر: النهار
لن تكون هذه الاسطر مقال رثاء فقط، فإن غيري كان الافصح وسيكون، ولكن تجاربي مع الحبر الراحل تضطرني الى ابداء تقديري ولئن مزجت اعجابي وصلاتي بشيء من رؤية قارئ ارثوذكسي لمسيرة هذا الذي يرقد الآن في سلام الرب.

لم يذهلني احد بتواضعه كما اذهلني يوحنا بولس الثاني. لقائي الاول له كانت السلاسة فيه تأتي من البابا. جعل نفسه تلميذا في مجمع الفاتيكان الثاني فأظهرت تحفظي عن بعض ما جاء في المجمع متعلقا بفهم الكثلكة والارثوذكسية للكنيسة. كانت تهمه التطلعات والتجاوز الى ما سيقوله الروح للكنائس.

في السينودس لاجل لبنان وقفت خطيبا وانا على بعد عشرين سنتيمترا منه على المنصة وتحدثت عما يفصلنا عن الكنيسة الرومانية. بقي حانيا عنقه ويستمع بهدوء. ثم جمعتنا في شقته على الغداء مائدة لبنانية. وكان على بساطة مغرية واظهر لي مودة جعلتني اقرأ ان بساطة الحياة فيه كانت اقوى من الدور.

حزنت عند آخر استقبال له في خريف السنة 2003 غبطة البطريرك اغناطيوس الرابع حيث رغب قداسته ان يتحدث الى بطريركنا مرتين خلال يومين اقامهما السيد اغناطيوس في رومية مع صحبه اذ كان البابا يقول جملا قليلة. بعد العشاء قادنا يوحنا بولس الثاني لنصلي امام ايقونة سيدة قازان، تلك التي اعادها الى الكنيسة الروسية اخيرا.

اظن ان اهم ما يلفت في هذا الحبر الكبير انه بقي انسانا وبقي كاهنا ومواجها الدنيا مما تأمله فيها ومما احس به في مطلع شبابه في بلده. لم يطلق ظلم القهر الذي نتجت منه المعتقلات كما لم يتحمل ظلم الرأسمالية المتوحشة. ما عنى لي بالدرجة الاولى انه في الموقفين كان يأتي من ايمانه. التحليل البسيط لخصامه الرأسمالية والماركسية معا هو اننا امام رجل حر.

قلت كان انسانا وهذا لا يكونه احد بتصنع. احب فتاة وهو في الثامنة عشرة وكتب شعرا قرأته في ترجمة فرنسية وكان من عيون الشعر ومارس المسرح قليلا. غير انه بعد اقتباله الكهنوت وفي جديته الرومانية رفض زخرف الكلام ليبقى في حق الانجيل. بشريته في عفويتها جعلته محبا للاطفال. رأيته يلاطفهم بصدق وحنان ولا يرفض ان تقبله افريقية ببساطتها.

غير انه لم يصل الى الانسان الا بعد ان يكون الله قد خطفه في القداس والفروض الاخرى كل صباح. لهذا قلت انه بقي كاهنا وان رعيته هي العالم. هذا من صميم روح الخدمة عند كل رسول. غير ان هذا مرتبط ايضا بدور الاسقف المسكوني ومدلولها انه راعي العالم.



الشأن البابوي دقيق جدا. يعجبك او لا يعجبك ولكنه هام. العمل في الفاتيكان جماعي مهما كانت شخصية البابا قوية. ذلك انه يحترم العلم والمواهب. واللافت أن السلطة الاكثر مركزية في العالم هي اقرب السلطات الى الشورى ولو كان للبابا ان يهمل اي نص تقدمه له. وبات من الواضح في السنتين الاخيرتين او الثلاث من حبريته كان اتكال يوحنا بولس على اعوانه كبيرا. لكن التشاور عنده ما كان يزحزح الثوابت الاخلاقية الموروثة من اسلافه: مكافحة الاجهاض، رفض الجنسية المثلية، التركيز على العائلة وقدسيتها وديمومتها... ما علاقة كل هذا بتبجيله العظيم لشخصية مريم ام المخلص؟ كان يبدو لي احيانا مغاليا في تعابيره المريمية. هل في هذا بعض من خشيته لاهوتيين في كنيسته يؤثرون تعابير "بروتستانتية"؟.

ولكن على رغم ايغاله في الهاجس الكنسي البحت كانت تهمه اوروبا في ما احتسبه لا يزال مسيحيا فيها. واذا صح لي اقتباس تعبير من تراث آخر لقلت انه كان ذا حنين الى جعل اوروبا صورة عن بولونيا. اعني هذا وجود حضور للمسيحية في بنية الدول الغربية بما ينافي العلمانية او التفسير الفرنسي لها. ربما في قلب هذا المنحى الاوروبي تمنى ان تخرج بلاده من الفلك السوفياتي وكان له هذا بدعمه الكبير لمجموعة النقابات التي اتخذت اسم "سوليدارنوسك" (التضامن).

يقتحم الناس في عقر دارهم. يصافح فيديل كاسترو ويتكلم ضد الماركسية في كوبا. رجل اصابته رصاصتان ماذا يخشى؟ ما كان يهمه، حقيقة، كان اقتحام الشعوب المسيحية بالانجيل بعدما باتت مسيحيتها باهتة. اما مع الآخرين فحوار. الفكرة ليست منه. ولدت في مجمع الفاتيكان الثاني الذي تتلمذ عليه كما قال لي. ما من شك ان المسيحية الغربية بما فيها الشق الكاثوليكي خصصت لحوار اليهود حصة الاسد. وفي علم تفسير الكتاب وغير التفسير اقوال كثيرة حولت الغرب عن التراث المسيحي القديم الذي كان يندد باليهودية. تهلل الغرب لما دخل البابا منذ بضع سنوات كنيسا يهوديا في روما. نحن المحافظين على المسيحية القديمة انزعجنا من هذا انزعاجا بالغا.

بقي الحوار مع المسلمين – ما عدا اوساطا اكاديمية في الغرب – لقاء مع شعوب اسلامية وقادتها على المستوى العملي اي على مستوى السلام. على هذا الصعيد لم يكن عند الرجل مشكلة في مخاطبة الجماهير الاسلامية في المغرب ونيجيريا وفي دعوتهم الى جانب ممثلين لكل ديانات الارض الى اسيزي للصلاة. كان يوحنا بولس الثاني مؤمنا بالصلاة من فم اي مؤمن خرجت. اظن اني لست ظالمه لو قلت انه كان يحمل في آن التصلب الكاثوليكي النظري وانفتاح القلب على القلب. الكثلكة منذ بيوس الثاني عشر كانت قد دخلت في مفهوم ان الكنيسة تقوم ايضا خارج كنيسة رومية بما في ذلك الاديان الاخرى.



صلابة كاثوليكية ساطعة في انه ما سمى مرة البروتستانتيين كنيسة مع انه اقام حوارات مع كل "مجموعة بروتستانتية" كما كان يقول، حوارات مؤسساتية نتج منها وثائق كثيرة ومتقدمة ولاسيما مع اللوثيريين.

تقدم كثيرا حواره مع الذين نسميهم اليوم الارثوذكسيين الشرقيين ولاسيما منهم الاقباط والسريان كما توبع الحوار مع كنيسة المشرق (الاشورية). مع هؤلاء جميعا اكدت الكثلكة وحدة الايمان. طبعا اذا اردت الدخول في التفاصيل يدهشك هذا. لكن الواقع ان رومية وضعت نصوصا تؤكد فيها هذه الوحدة. غير ان هذه التأكيدات لم تصل الى نهايتها اعني الوحدة العملية.

مع الارثوذكس تابع البابا الراحل الحوار الذي شرع فيه اسلافه منذ بولس السادس وكانت ذروته في وثيقة البلمند الشهيرة في السنة الـ1993 حيث قيل ان الكثلكة الشرقية l'uniatisme كانت خطأ تاريخيا وما كانت نموذجا للوحدة. غير ان كارثة حلت في آخر اجتماع للجنة المشتركة في بالتيمور (الولايات المتحدة) حيث انقطع الحوار ولم يستطع يوحنا بولس الثاني ان يحقق امله في زيارة روسيا. فقد احست كنيسة موسكو ان الكثلكة تبغي الانتشار على الارض الروسية بعد تأسيس الفاتيكان اربع ابرشيات على التراب الروسي والكاثوليك العائشون في روسيا وجلهم من اصل غريب قليلو العدد جدا.

هناك مظاهر عديدة في اوكرانيا ورومانيا بدت للارثوذكسيين ان ما يسمى حوارا يصطدم بوقائع على الارض اعتبرها ارثوذكسيو تلك البقاع محاولات اقتناص. لكن هذا التوتر لم يمنع كنائس ارثوذكسية مختلفة من ان تستقبل البابا وان تقيم علاقات ثنائية معه. ولعل اهم تلاق ثنائي فيه الكثير من الود ذاك الذي قام بين يوحنا بولس الثاني مع الكنيسة الارثوذكسية الانطاكية وذروته الخطاب اللاهوتي العميق الذي استقبل به البطريرك اغناطيوس الرابع يوحنا بولس في الكاتدرائية المريمية في دمشق.

ذهب البابا في تطلعاته العظيمة وقلبه الكبير الى الرحمة. قد لا تجيء كل محاسنه مع خليفته ولكنه يبقى وجها كثير البهاء بما فيه من رهبانية حق والم خلاصي وفصحية نيرة. هو لا يزال من بعد احتجابه يدعو ويلح. لقد شد الكاثوليك الى فوق واراد المصالحة بين المسيحية والحضارة. نشأ الرجل محافظا ومات محافظا ولكنه اقتحم الدنيا اقتحام القديسين لها ولم ينم لحظة. لقد ذهب الى الرحمة حاملا سجلا حافلا بالمآثر. رجاؤنا ان ترث كنيسته الغنى الذي كان فيه فيزداد جمالها حتى نطرب له.

04-10-2005, 09:07 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
موضوع مخصص للمقالات المكتوبة عن قداسة البابا الراحل وتعاليمه وأفكاره المعادية للاستبداد والعولمة وال - بواسطة بسام الخوري - 04-10-2005, 09:07 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  هل من قداسة لشهيد ؟ Awarfie 13 3,181 05-30-2009, 09:44 AM
آخر رد: Awarfie
  بابا الفاتيكان عند الشيطان بوش ....والله عيب ياقداسة البابا بسام الخوري 7 1,571 04-19-2008, 12:39 PM
آخر رد: rambo
  مواقع للمقالات و الدراسات العلمانية حسام يوسف 2 1,372 08-20-2007, 04:09 PM
آخر رد: ماجن
  كتاب محمد عمارة "فتنة التكفير" يستبيح دماء الأقباط .. ثم يكلمونك عن إهانات البابا بنديكت !!! Beautiful Mind 13 3,772 01-16-2007, 01:14 AM
آخر رد: بهجت
  الترجمة الكاملة و المتخصصة لمحاضرة البابا في جامعة ريغينسبورغ ليلين 29 7,041 11-02-2006, 01:29 PM
آخر رد: اسحق

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS