تحياتي للجميع و أعتذر عن طول الغياب
كتب الزميل
محمد الدرة يقول :
اقتباس:"لماذا يا صديقي الختيار تحرمنا أنسك ومشاركاتك في ساحة الأدب واللغة ؟ "
السبب ببساطة هي أنني عندما أهتم في أمر ما ، موضوع ما ، أمنحه الكثير الكثير من وقتي و تفكيري ، و أحياناً أحلم به أثناء النوم ، لذلك فعندما تجدني ناشطاً في الأبحاث المتعلقة في الأديان ، و بالذات في موضوع ما ، فأنا لا أستطيع أن أتابع أي شيء على النت ، بسبب تركيزي في الموضوع من جهة ، و بسبب ضيق وقتي على النت من جهة أخرى . (أصبحت مسألة ضيق الوقت مملة لكثير من الإخوة ، لكن للأسف هذا واقع الحال) .
في فترة من الفترات كنت مهتماً بالساحة الأدبية ، فتجدني أتابع و أشارك و أقدم مساهمات هنا و في منتديات و مواقع أخرى ، و لكن منذ أن دخلت هذا النادي بالذات ، و منذ بدأت أعلق في حوارات رائعة مع الكثير من الزملاء الدينيين الذين لا يمكن أن أنساهم (العاقل ، القيد ، كرداس ، قعقاع ، مورد2) و غيرهم و غيرهم ، و لأنهم (و بدون تملق) من النوع الثقيل و المتعب و المضني و الممتع في نفس الوقت ، فلم يكن عندي وقت لمتابعة أي نشاط أدبي ، فالأوقات التي كنت أجلس فيها على الكمبيوتر ، كنت أوزعها ما بين كتابة ردود و مداخلات معهم ، أو بحث عن أفكار و حجج أفحمهم فيها إفحاماً (كما يخال لي وقتها) فيقلبها العاقل على رأسي و نبدأ من جديد ، و الأوقات التي أقضيها في العمل ، خارج النت ، تجدني -إن حصلت على بعض أوقات الفراغ- أبحث و أبعبش في الكتب و بعض المراجع الدينية التي أملكها كي آتي في المساء و أجهز عليهم واحد تلو الآخر ، و لكن في كثير من الأحيان تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، فينزلق كرداس أو العاقل من ثغرة صغيرة كالأخطبوط و يكلبشني من كل الجهات ، فأبدأ في محاولة فكاك مضنية من أذرعه تأخذ معي بضعة أيام ، ثم أعود إليه بالشواكيش و المفكات لنبدأ من جديد .
ربما هذا هو السبب الرئيسي في ابتعادي عن الأدب ، ليس على الانترنت فقط ، بل و في واقع الحياة ، فقراءتي للأدب قلت كثيراً و كتاباتي انقرضت تقريباً تحت حمى دراسة بعض الدين و بعض التاريخ و بعض الفلسفة و بعض العلوم .
تحياتي لك
نأتي الآن لزميلنا المعتزل
Mirage Guardian
حيث كتب مداخلة رقم
67يتكلم فيها عن " الإله الغائب "
و كتب جملة أحب أن أضع تحتها خط حيث قال :
اقتباس:لا أرى "الإله الغائب" فرضية خاطئة إجمالاً كما ينادي غيرى..
ففكرة "الإله الغائب" لها بعد فلسفى لا يمكن إغفاله، أو المرور عليه مرور العابرين
نعم ، فهذه الفكرة تحتاج إلى الكثير من التأني و التروي ، لأنها تحمل في طياتها الكثير من الحلول التي أرقت الناس (فيما يخال لي) قروناً طويلة .
فأنا لا أتكلم عن مادية بحتة .
و لا أتكلم عن إله يخص البشر (جزء من مادة الكون) بجل اهتمامه دون سائر المواد .
و أنا لا أتكلم عن نبوات .
و لا أتكلم عن كتب مقدسة و يوم آخر .
و لا أتكلم عن حلول ميتافيزيقية لمشاكلنا الواقعية (الخير و الشر و ما يقابلهما من ثواب و عقاب) .
و لا أجعل العلم في جهة و الإيمان في جهة أخرى ، بل أنطلق من النتيجة العلمية في سلسلة من السببيات المتعاقبة و المتشابكة لأصل إلى سبب أول (فوق-عقلاني) سميته الإله الغائب .
و ببساطة الفكرة تقوم على التالي (يوجد هامش تعريفات) :
كل ما هو موجود الآن في هذه اللحظة الوجودية *من مادة ** هو نتيجة لمسبب سابق عليه ، و في اللحظة الوجودية السابقة على اللحظة الحالية يكون المسبب نتيجة لمسبب سابق عليه ، و هذا الأخير هو نتيجة لمسبب سابق عليه في لحظة وجودية سابقة ، و هكذا نستمر في الرجوع في اللحظات الوجودية لنصل إلى نتيجة واحدة و هي :
كل نتيجة لها مسبب سابق عليها هو بحد ذاته نتيجة لسبب قبله . إذاً فالمسبب بحد ذاته هو نتيجة و النتيجة هي مسبب لا يمكن فصلهما عن بعض . و بهذا نصل إلى ما يمكن تسميته (ثنائية منطقية) .
و هذا يوصلنا إلى احتمالين :
1- إما أن نقول بأزلية الوجود ، أي أن كل نتيجة ناتجة عن مسبب قبلي ناتج عن مسبب قبلي إلى ما لا بداية . و هذه نتيجة غير صحيحة تعارض ما يقوله العلم عن بداية المادة و بالتالي بداية الكون .
2- أن نصل إلى مسبب أول ، أي أنه ليس نتيجة لمسبب قبله ، فهو مسبب أول فقط ، و هذا يتعارض مع الثنائية المنطقية التي فرضناها سابقاً ، مما يعني أن هذا المسبب الأول هو شيء غير منطقي ، غير عقلاني (فوق-عقلاني) ، ميتافيزيقي .
و هنا تتساوى النتيجتين ، الأولى ينفيها العلم و الثانية ينفيها المنطق ، و تصبح المسألة مسألة
مسألة اختيار .
إما أن تختار وجود مسبب أول ليس نتيجة لسبب سابق عليه يسمى (في العادة) الإله .
أو تختار أزلية المادة و تسمى ( في العادة) ملحداً .
أنا أحببت أن أبحث في الاختيار الأول ، و وجدت احتمالين :
1- إما أن يكون الإله هو أحد (أو مجموع) الآلهة التي تكلمت عليه المعتقدات الكلاسيكية . أي إله متواصل مع البشر من خلال أنبياء .
2- و إما أن يكون إلهاً منفصل عن البشر سميته الإله الغائب .
و عندما درست الخيار الأول ، وجدت البناء الإلهي متناقضاً مهلهلاً غريباً ، متناقضاً مع نفسه من جهة ، و متناقضاً مع قانون السببية الذي جعله هذا المسبب الأول في المادة ، فهو يفاضل بين نتيجة و أخرى (بين مؤمن و كافر به) و كلاهما نتائج مادية لأسباب مادية سابقة ترجع حتى تصل إليه .
و بذلك وصلت إلى الاحتمال الثاني و هو الإله الغائب ، و أخذت أدرسه ، و لا تزال الدراسة في بدايتها ، فأنا لم أمنحه حتى الآن التفرغ المطلوب لأخرجه في منظومة فكرية متكاملة .
-------------------------------------
الهامش :
* اللحظة الوجودية : هي لقطة ثابتة يوجد فيها كل ما هو موجود في لحظة واحدة capture ، و استمرار الوجود هو تتابع لهذه اللقطات الثابتة مثل تتابع الصور الثابتة في المشهد التسينمائي لتعطي صورة متحركة .
** و المادة تشمل ما هو مادي مرصود (كالأجسام و الموجات و غير ذلك) و ما هو لامادي في ظاهره كالأفكار و المشاعر و الأحلام و المزاج و غيرها و التي هي ناتج عن تفاعلات المادة (هرمونات و أنزيمات و بروتينات في الدماغ و هذا موضوع له تفصيله)
سأتوقف هنا لأنني مضطر إلى الذهاب إلى عملي
سأعود في المساء لأتابع السؤالين الأخيرين .