مساء الفل (f)

أولا بخصوص الموضوع .بما أنك تركز على الرهبانية في المسيحية وهي الظاهرة حاليا التي تتناولها الصحافة وأجهزة الإعلام في كل مكان، فطبعا إجابة السؤال بسيطة : إن الرهبان هم أشخاص امتنعوا عن غريزة الجنس وهو شيء مستحيل إلا لمن كان عاجزا عن ممارسته.وتلك كانت دعوة المسيح أصلا للعنّين أن يعوض نقصه مع النساء بتحويل نفسه إلى زوجة للمسيح وتغليب الأنوثة فيه للاستمتاع بها في رجولة المسيح. وتلك طبعا مفاهيم روحية وتظهر بشكل واضح في كتابات الثيولوجيين من رهبان الكنيسة الأولى وفي التفسير الرمزي لأسفار مثل نشيد الأناشيد على أنه علاقة العروس (النفس) بالعريس ( المسيح).لكن الخطأ الذي يقع فيه الراهب اليوم أنه مع قدرته على ممارسة الجنس وعجزه عن إيجاد فرصة عمل أو تحمسه للخدمة حتى مع توفر حياة علمانية كريمة له يندفع بلا روية للرهبانية وعندها يبدأ الماء في التجمع والاحتقان فيه.وهو بذلك يبدأ في حرب شرسة مع نفسه المسكينة التي بالفعل تصلب كل لحظة حتى عند انهيارها تبدأ الرغبات الجنسية في الظهور للراهب على شكل شياطين تحاربه في البرية مثلما حصل مع أنطونيوس أو قدم امرأة جميلة مثلما حصل مع سمعان وسوف يعوض عن هذه الرغبات الملتهبة بعبادة يسوع ليل نهار والاختلاء به في حجاله ومضاجعته روحيا والتي قد تنتهي ببكاء تعقبه نشوة عارمة فإرهاق فنوم.
وتبدأ الهلاوس النفسية. ليجرب أي شخص أن يمنع نفسه عن الجنس من باب التجربة وأقسم بحياة أفروديت أنه سيرى في ثقب الباب مشتهى لنفسه..ولن ينجح في أي شيء يعمله والأخطر من ذلك أنه سيتحول من اشتهاء ممارسة الجنس مع المرأة إلى المثلية الجنسية التي ربما لم يكن له ميل لها على الإطلاق قبل رهبنته وهو ما تجلى في قصص مثل تلك التي في كتاب ابن الجوزي والتي يحكيها عمّن امتنع عن الزواج من الصوفية. على سبيل المثال أن أمردا كان يرتل أمام مجموعة من الصوفية فقال له أحدهم بعد عجزه عن التجلّد : يا غلام قل لا إله إلا الله. فقال الغلام كذلك فقال له : أقبل الفم الذي قال لا إله إلا الله. وقام فأعطاه "فرينش كيس" يحلف بها ما تبقى له من عمره.وهو نفس مايحصل اليوم مع برسوم وغيره.

ثانيا في مايخص العذراء: بغض النظر عن خرافة الحبل بلا رجل ، فالعذراء رائعة كشخصية محببة إلى من ينظر إليها وتثير في النفس طعما حلوا لا يضاهيه في اللذة سوى ما تثيره في الجسد "أفروديت" ربتي وإلهتي لها كل المجد :D ، فتلك للروح وتلك للجسد. ولا شك أن المسيحية كانت ستنال حظا أوفر بكثير من الرقي والرقة والحلاوة والمؤمنين أيضا لو كانت العذراء هي الإله والمسيح لا وجود له إطلاقا أو أنه مجرد تابع لا قيمة له. فالعذراء مما يظهر من سيرتها النقية في الكتاب المقدس تستحق بجدارة أن تتبادل المناصب مع المسيح على أقل تقدير.عندها تكون مسألة المحبة اللامتناهية "مبلوعة" قليلا لأنها لم تلعن شجرة تين ولم تختلق خناقة بارات على طريقة رعاة البقر في الهيكل ولم تطالب أحدا أن يبغض أهله أو أن يعيش في كمد ولم تهدد بالعودة لسحق الأرض وذبح الخنازير المخالفين لها..وأعتقد أن الكنيسة الكاثوليكية حاولت فعلا سلوك هذا الطريق فأعلنت الوردية رامزة لها بالوردة ثم الحبل بلا دنس ثم أعلنت أنها بلا خطية ثم أعلنت أنها شريكة في الخلاص ثم أعلنتها سلطانة للسماء والأرض ، مما يدل على أن ما قلته من وجوب تبادل المناصب بين العذراء والمسيح الذي لا يستحق ألوهيته لم يخطر ببالي وحدي بل وصل إلى أرقى المستويات اللاهوتية..رغم اعتراض بقية الكنائس والفرق. واليوم كثير من المسيحيين لا يهمهم يسوع في شيء . لأن العذراء أصبحت كل شيء .

ثالثا بخصوص الكاتب : لا شك أن نيوترال كاتب ممن يحبهم قلبي وأتابعه دوما قبل اشتراكي في المنتدى ، ولم يحصل إذا لم تخني الذاكرة أن فقد أعصابه إلى هذا الحد واستعمل غضبه إلى هذه الدرجة ،وهي مشكلة الذي يدخل هادئا ثم يحتقن رويدا رويدا من كثرة مواجهة الغباوة والإلتواء والاستفزازات أو حتى مجرد الفكر المضاد. وعندها يبلغ حد الانفجار. وإذا أضاءت هذه اللمبة الحمراء فمعناه أنك يا صديقي بحاجة إلى راحة وانقطاع ورهبانية فكرية في أي برية بعيدة عن مقارعة الأقلام. حتى تصفو النفس مرة أخرى فتعود إلى نيوترال الذي نحب.

أراكم بعد حين :bye: