{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
مقال نقدي لاذع ضد البابا
تموز المديني غير متصل
عضو جديد دائما
*****

المشاركات: 1,165
الانضمام: Jun 2004
مشاركة: #5
مقال نقدي لاذع ضد البابا
عن السفير


<<مقاتلان من أجل الحرية>>:
يوحنا بولس و... ابن لادن

جوزف سماحة



لم يلتقِ البابا يوحنا بولس الثاني بأسامة بن لادن إطلاقاً. لكن الرجلين كانا، في عقد الثمانينيات، في جبهة واحدة. كانا يسيران منفصلين ويضربان معاً. قائد هذه الجبهة، بلا منازع، هو رونالد ريغان. أما البابا والشيخ فكانا يؤمّنان له الذخيرة الروحية في الحرب التي أعلنها ضد <<إمبراطورية الشر>>.
عقد الثمانينيات هو عقد تجدد <<الحرب الباردة>> وارتفاع درجة سخونتها سياسياً وإيديولوجياً في أوروبا، وعسكرياً في أفغانستان. وربما يساعدنا دورا يوحنا بولس الثاني وأسامة بن لادن على فهم الخاتمة التي وصل إليها العقد حين تصدع المعسكر <<الاشتراكي>> وانهار.
أدى المتديّن البولندي قسطه فوق المسرح الرئيسي للمواجهة بين الشرق والغرب. في أوروبا. لقد عبّر عن التطلع القومي البولندي، المتشح برداء الإيمان الكاثوليكي العميق، والمستفيد من تعفن النظام وتعثر التجربة الاشتراكية وافتقادها قوة الجذب. وأحسن الارتباط بالحركة العمالية الشعبية ممثلة بنقابة <<تضامن>> من أجل أن يفرض التعددية في وارسو. ومن يقل <<تعددية>> يقل فتح باب الانهيار. وجرى الانطلاق من هذه الثغرة لمزيد من الامتداد وصولاً إلى جمهوريات البلطيق وإلى كل جمهورية ذات غلبة كاثوليكية تتميّز بما تميّز به كارول فوتيلا: تعايش في الصبا مع النازية وعداء شرس للشيوعية.
لم يكتفِ البابا بقيادة الهجوم الإيديولوجي في أوروبا الوسطى والشرقية، أي في المركز العصبي للمواجهة الكونية، فنقل نشاطه
إلى <<الأطراف>> وبشكل خاص نحو أميركا اللاتينية. وما يذكر عنه هناك أنه خاض حرباً لا هوادة فيها ضد <<لاهوت التحرير>> وضد الكنائس المنخرطة في النضالات الاجتماعية والوطنية لشعوبها. شكّل نوعاً من رأس حربة <<اليانكي>> الباحث عن توطيد نفوذه في <<الحديقة الخلفية>> والمصطدم بمشاعر وسياسات ترفض العيش في <<جمهوريات موز>>. لقد كان البابا يكن كراهية شديدة للساندينيين وما شابههم، وسعى إلى تطهير <<الأبرشيات>> من المطارنة ذوي الحس الاجتماعي الحاد والمنحازين إلى فقراء المدن والريف وإلى سكان مدن الصفيح. وطال التطهير الهرمية الكنسية كلها فحل مطارنة مطواعون محل مطارنة متمردين، وتحولت المؤسسة إلى سند لكبار الملاكين، ولجنرالات البطش. ومع أنها واكبت، في بعض البلدان، <<التحول الديموقراطي>> فإن ذلك حصل، من التشيلي إلى الأرجنتين، على قاعدة غض النظر عن عشرات آلاف القتلى من خيرة شبان المنطقة. لقد أبيدت أجيال كاملة، ومورست أبشع أشكال التعذيب، قبل أن يعاود الأميركيون اللاتينيون، هذه الأيام، اكتشاف أن الديموقراطية التي لا تطعم خبزاً ليست جديرة بهذا الاسم.
لم يكن يوحنا بولس الثاني شخصاً ذا وزن استثنائي في أوروبا الغربية. ولكن فعل هناك ما في وسعه أن يفعل. لقد أسكت اللاهوتيين الليبراليين، وقمع الأصوات الاعتراضية. وارتضى أن يفعل ذلك ولو على حساب عزلة الكنيسة عن القطاعات المسيحية الأكثر تنوراً، وعن الشباب بصورة خاصة.
لم يكن البابا المتوفي يخفي أن فكرته عن <<الإحياء الديني>> تعني تبني الأفكار المغرقة في محافظتها الاجتماعية: ضد الإجهاض، ضد وسائل منع الحمل، مع قانون الإعدام، ضد سيامة النساء، ضد زواج الكهنة، ضد الموت الرحيم، إلخ... قد يقول قائل إن لا دخل لهذه العناوين في السياسة. هذا خطأ. فعقد الثمانينيات هو، أيضاً، ومع الحرب الباردة، عقد تراجع التمايزات البرنامجية بين اليمين واليسار، وعقد دخول الاشتراكية الديموقراطية في الأزمة، وعصر تحوّل السجالات الكبرى من الخيارات الاقتصادية الاجتماعية نحو القضايا المجتمعية. ويعني ذلك أن المحافظة الحادة للفاتيكان كانت، شاءت أم أبت، عنصراً في تغليب تيار على آخر، وفي نصرة منظومة فكرية على أخرى، وفي الخدر الإيديولوجي الديني الحامي للانفلات النيوليبرالي الجامح.
في هذه الأثناء، وعلى المقلب الآخر من الكرة، كان النظام البريجنيفي الآسن والداخل في خريف عمره، يرتكب حماقة غزو أفغانستان في ما تبيّن لاحقاً أنها حشرجته الأخيرة، أو قبل الأخيرة. وقامت الحرب ضد السوفيات. وشهدنا أولى حركة تحرر وطني، بإيديولوجيا إسلاموية، تحظى برعاية الولايات المتحدة وتتحول إلى جزء من حربها العالمية. ولم يخفِ الأميركيون دعمهم القوي لأكثر الاتجاهات تطرفاً وانغلاقاً (قلب الدين حكمتيار، الجنرالات الاصوليين الباكستانيين الخ...). لاحت أمامهم الفرصة فاغتنموها وفي ذهنهم، فضلاً عن الرد على الحدث الإيراني، اختراق الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفياتي وتحقيق نبوءات بعض الاستراتيجيين من أن هذا هو <<عقب أخيل>> العدو. كان هناك، في واشنطن، من يفرك يديه فرحاً لاستنزاف السوفيات. وكان هناك من يراهن على <<فيتنام مقلوبة>>. وهنا برز أسامة بن لادن بصفته الرمز الثوري المطلوب، والرجل القادر على تجنيد آلاف وآلاف الشبان العرب في المعركة ضد <<الإلحاد>>.
كان الصيد ثميناً بالفعل. نهاجم باسم الكاثوليكية في أوروبا. ونهاجم باسم الإسلام في آسيا. وفي حين أن الهجوم الأول يلاقي الصدى الشعبي المطلوب ويمكنه اجتذاب النخب والطبقة العاملة، فإن الهجوم الثاني له غاية أخرى. إن وظيفة الحرب الأفغانية، من وجهة نظر أميركية، هي كسر التحالف بين ما تبقى من حركة تحرر عربية وبين حليفها الدولي، والتغطية على الدعم الأميركي لإسرائيل، وإبعاد ساحة المواجهة قدر الإمكان عن فلسطين، وتزويد الحلفاء العرب المسلمين بما يسيّج تبعيتهم للولايات المتحدة. لم يكن غريباً، والحالة هذه، أن يجمع رونالد ريغان في مصطلح واحد مجاهدي أفغانستان والكونترا في نيكاراغوا: هؤلاء كما أولئك مقاتلون من أجل الحرية! ولم يكن غريباً، أيضاً، أن صناديق الدعم ل<<المجاهدين>> هي نفسها صناديق الدعم ل<<الكونترا>>.
كان عقد الثمانينيات عقد الرعاية الأميركية للمواجهة الدينية والأصولية مع العدو الملحد. لكن هناك مواجهة درجة أولى ومواجهة درجة ثانية. البابا يخوض واحدة في المركز وفوق مسرح عمليات الحرب الباردة الأساسي. ابن لادن يخوض معركة طرفية، على أهميتها.
لم يكن غريباً، وبعد الانتصار على الجبهتين، أن ترعى واشنطن التحولات في أوروبا الوسطى والشرقية، وأن ترتاح إلى المد النيوليبرالي الذي اجتاحها. وأن تسخر المؤسسات الأطلسية في خدمتها، بدءاً من الحلف الشهير، وأن تشجع كلاً من الحلف والاتحاد الأوروبي على التمدد شرقاً، وأن تعقد معاهدات متباينة المستويات مع الدول الخارجة من الصقيع السوفياتي. وفي المقابل، لم يكن غريباً أيضاً، أن تغادر الولايات المتحدة أفغانستان، وأن تهملها، وأن تحرمها أي دعم، وأن تتركها للفقر والتخلف والأفيون، وألا تهتم بها إلا بصفتها طريقاً محتملاً لأنابيب نفط، وأن تراقب وصول طالبان بتسامح طالما أنها الطرف الأقدر محلياً على ملء الفراغ ومعالجة فوضى ما بعد الاندحار <<الاشتراكي>>. كانت أوروبا حلبة <<الحرب الباردة>> لذا فإن أوروبا هي الجائزة. في وسع أفغانستان، ابن لادن، الانتظار.
تراجعت أهمية البابا جزئياً في التسعينيات، إلا أن بن لادن أهمل تماماً برغم إشارات سلبية منه حيال أميركا. وسبب التفاوت أن الشعوب التي تلقت التبشير البابوي وجدت نفسها في الحالة الجديدة، في حين أن الشعوب التي تلقت تبشير ابن لادن لم تجتز الهوة التي تفصلها عن <<الغرب الصليبي>>. انتقل البابا إلى انتقاد الرأسمالية النيوليبرالية مستخدماً لغة إصلاحية، وإلى تمييز الفاتيكان عن الحروب والتشديد على الدعوة السلمية و<<الحوار بين الحضارات>>. أما بن لادن فانتقل إلى ملء الخانة المتروكة له في منظومة <<صدام الحضارات>> مرافقاً، بذلك، التحول الطارئ على المفاهيم الاستراتيجية بعد حروب البلقان والقائل بانتقال مصدر التوتر إلى الجنوب، وبتعيين العدو الجديد بصفته مزيجاً من الدول المارقة وأسلحة الدمار والإرهاب الأصولي. لقد انتهت، هنا، المسيرة غير الإرادية التي جمعت الرجلين. ثم اختار أحدهما تصعيد المواجهة عبر تفجيرات 11 أيلول.
رحل يوحنا بولس الثاني فرثاه بوش و... طالبان! اختفى الصديق النقدي لأميركا، وبقي العدو الفار الذي تريد واشنطن، باسم محاربته، أن تفعل في الشرق الأوسط الكبير ما ساعدها يوحنا بولس على فعله في أوروبا. تريد فعل ذلك في ظل تجاهل تام لاختلاف الظروف بين المنطقتين. لقد كان البابا أكثر نفوذاً حين ساعد واشنطن وأقل نفوذاً عندما ابتعد عنها. أما بن لادن، فعلى العكس، فقد كبر وزنه مع ازدياد خصومته للولايات المتحدة. ليس في الأمر سر: إن أميركا تبدو متجاوبة مع تطلبات شعوب أوروبا الشرقية والوسطى في حين تبدو معادية لتطلبات الشعوب العربية والإسلامية.

04-11-2005, 11:47 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
مقال نقدي لاذع ضد البابا - بواسطة أمجد - 04-11-2005, 04:10 PM,
مقال نقدي لاذع ضد البابا - بواسطة أمجد - 04-11-2005, 04:11 PM,
مقال نقدي لاذع ضد البابا - بواسطة EBLA - 04-11-2005, 05:30 PM,
مقال نقدي لاذع ضد البابا - بواسطة أمجد - 04-11-2005, 06:02 PM,
مقال نقدي لاذع ضد البابا - بواسطة تموز المديني - 04-11-2005, 11:47 PM
مقال نقدي لاذع ضد البابا - بواسطة EBLA - 04-11-2005, 11:53 PM,
مقال نقدي لاذع ضد البابا - بواسطة EBLA - 04-12-2005, 12:19 AM,
مقال نقدي لاذع ضد البابا - بواسطة خالد - 04-12-2005, 01:00 AM,
مقال نقدي لاذع ضد البابا - بواسطة EBLA - 04-12-2005, 06:43 AM,
مقال نقدي لاذع ضد البابا - بواسطة EBLA - 04-12-2005, 07:05 AM,
مقال نقدي لاذع ضد البابا - بواسطة EBLA - 04-12-2005, 07:08 AM,
مقال نقدي لاذع ضد البابا - بواسطة خالد - 04-12-2005, 12:20 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  رد على مقال : الصراع الطبقي ومسائل ماركسية أخرى .. الــورّاق 2 1,022 03-07-2012, 07:36 PM
آخر رد: الحوت الأبيض
  مخدرات سياسية! .... مقال من الوزن الثقيل للكاتب بلال فضل فارس اللواء 2 1,380 08-26-2011, 12:08 PM
آخر رد: أبو إبراهيم
  الفكرالسلفي وصناعة الأعداء/ طرح نقدي يناقش حادث كنيسة امبابة فارس اللواء 1 1,157 05-12-2011, 02:24 AM
آخر رد: ATmaCA
  عندما يتجرأ فيصل القاسم على انتقاد النظام السوري.....مقال صريح جدا للقاسم.. بسام الخوري 17 7,241 03-07-2011, 09:20 PM
آخر رد: بسام الخوري
  العلمانية باختصار : خروج من هيمنة الدين.... (مقال رائع) .... العلماني 0 2,110 01-06-2011, 01:36 PM
آخر رد: العلماني

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS